كلٌّ منها حكايةٌ وألم وأملٌ كان يلفظ أنفاسه الأخيرة
هوية بريس – تسنيم راجح
اليوم وأمس ينقطع أمل كثير من السوريين أو ممن فقد حبيباً أو قريباً في سجون نظام الأسد بعودة فقيدهم..
الآن رغم فرحة النصر وهزيمة العدو.. يتيقن عشرات الآلاف باستشهاد أحبابهم الذين فقدوهم ولم يعرفوا أين هم ولا حالهم ولا ما صنعوا وما صنع بهم..
آلاف الأمهات كنّ يتأملن وينتظرن منذ عشر سنواتٍ وأكثر..
آلاف الزوجات كنّ يسألن بلهفةٍ مذ فتحت السجون..
“بالله عليكم هل سمعتم عن فلان بن فلان؟”، “أمانةٌ عليكم هل رأيتم شاباً يشبه صاحب هذه الصورة؟”، “أستحلفكم بالله من سمع أو رأى أي خبرٍ عن فلان يتواصل على هذا الرقم”، “هذا أخي المفقود منذ عشر سنوات…”.. وآلاف بل عشرات الآلاف من المنشورات والتعليقات المشابهة التي ملأت مجموعات وصفحات وسائل التواصل على مر الأيام الأخيرة..
كلٌّ منها حكايةٌ وألم وأملٌ كان يلفظ أنفاسه الأخيرة..
وستتلاشى الآن، وستتحول لأسر شهداء ومنشورات عزاء..
ولأهلها الصابرين والمحتسبين بإذن الله.. أريد أن أكتب..
لا نعزّيكم في هذا المقام يا أهلنا، بل نهنئكم ونمسح على ألمكم، نهنئكم ونبارك لكم ما اصطفاكم الله له وشرفكم به من الخير والأجر والفضل العظيم بإذن الله..
لقد صرتم أهل شهيد، لقد سبقتكم نفسٌ منكم للفردوس الأعلى من الجنة بإذن الله.. أخوكم الذي كنتم خائفون عليه حيّ يأكل ويشرب ويلبس الحرير الآن في جنان ربنا بإذن الله.. أنزله الله منزل الصديقين والنبيين والشهداء والصالحين إنه كريمٌ سميعٌ مجيب..
يا أم الشهيد لا تبكي اليوم، بل زغردي والبسي البياض واستبشري..
كم أعلم ألمكم وحزنكم لأن من فقدتم ربما استشهد قبل سنواتٍ ولم تعلموا.. كم أستشعر غصتكم شوقاً لمن غاب، كم تتمنّى الأم عناق حبيبها آخر مرّة، كم تتمنى لو أمكنها تقبيل جثمانه الطاهر ومعرفة قبره، وكم هي مُرّةٌ ومؤلمة أن يحرمها الظالم كل ذلك..
لكن لا تحزنوا ولا تيأسوا، بل استبشروا بأن الله قد اختار الشهادة لفقيدكم، لقد فاز وانتهى اختباره، ربح البيع وانتصر فعلاً، وبإذن الله نرجو أن الله قد أجاب دعاءه، وعدوّه إذ ظنّ نفسه يكسب كان ومازال يحفر لنفسه أكثر ويغرق أكثر وأكثر..
وعسى ربّنا يقرّ أعينكم بخزي عدوّكم أكثر وأكثر في الدنيا والأخرة ويعوّضكم على صبركم وبلائكم خيراً كثيراً..
ولمن يشاهد من بعيد ويخوّف أهل سوريا من المستقبل أقول..
هذه عشرات الآلاف من القصص التي على الأقل وضع المجاهدون الآن نهايتها، ما يزيد على مئة ألف شخصٍ كان “مغيباً قسرياً” كما يقولون، والآن يفقد أهله الأمل من عودته، هذه قصص كثيرةٌ من أناس قضوا تحت التعذيب وعلى الأقل انتهت معاناتهم وأقفلت ملفاتهم وأعطي أهلهم سكون أن فقيدهم لم يعد في عذاب..
هذا ما كان مستمراً حتى أيامٍ قليلةٍ في أرض سوريا..
وكلٌّ من هؤلاء يستحق ثورة وحراكاً جيوشاً ونصرة..
فكيف لا نستبشر بهزيمة ذاك الطاغية؟ كيف تكون ردة فعلنا هي الخوف من المستقبل!!
بل نحمد الله ونكبّره وندعوه أن ينتقم منه أكثر وأكثر في الدنيا والآخرة، واللهم انتقم من كل من نصره ووافقه ودعمه وأيّده..