الحلاج يحاكم من جديد

19 ديسمبر 2024 08:43

هوية بريس – د. الحسن الباز / أستاذالتعليم العالي سابقا بجامعات ابن زهر والقرويين وجامعة محمد الخامس أبوظبي

ارتبط اسم الحسين بن منصور الحلاج ( 244-309هـ) بتاريخ التصوف الإسلامي، ولكن هناك قرائن تدل على أن لحركته الصوفية وجها سياسيا في معارضة سلطة الخلافة العباسية.

وتقريبا لاستدعاء اسمه في تتبع جملة من الوقائع والمستجدات المتتالية في واقعنا المعاصر، فإن هذا الإسم- خاصة في هذا المقال- رمز لكل من أشرقت بداياته، وأظلمت، أو على الأقل حامت شبهات حول نهاياته، ومآل فكره، ونشاطه وحركته.

وقد اتسعت رحلات الحلاج من بغداد إلى الهند وتركستان، قبل أن يستقر في بغداد. وخالط كبار الصوفية مثل الجنيد والتستري والنوري، بل اعتنق خلق كثير الإسلام على يديه. ( تاريخ بغداد 8/112، المنتظم لابن الجوزي 6/160، الكبيسي، عصر الخليفة المقتدر، ص 419.)

عاش الحلاج في واقع كل معالمه تدعو إلى التغيير والإصلاح: تعدد الملل والنحل والمذاهب والفرق- تنوع الاتجاهات الفلسفية المادية والروحية-عصبيات قبلية- خلافة متكبرة لاهية. فأدرك أن التصوف هو القادر على إصلاح الأوضاع واحتواء هذه المتناقضات. ( الكبيسي، م س 414، طه عبد الباقي سرور، الحلاج شهيد التصوف الإسلامي، ص 38-39، 57.)

بعد التأكد من كثرة الأتباع اتجه إلى الطبقات النافذة في المجتمع، ومنها الكتاب ورجال الأعمال والجنود، من أجل إصلاح الإدارة الحكومية الغارقة في الانحراف. ( الكبييسي، م س، ص 417.)
وقع الحلاج في موقف نقيض لاتجاهين لم يكن بإمكانهما مسايرته، وهما:

1-موقف البيئة العلمية في بغداد التي لم تسلم للحلاج بمنهجه ومواجيده وأذواقه.
2-موقف البنية الصوفية التي لم تكن على استعداد نفسي يؤهلها للإسهام مع الحلاج في حركته وأهدافه. ( سرور، م س، ص 58).

وجاء ت حركة عبد الله بن المعتز سنة 296ه-908م، فتعاطف معها الحلاج وتمنى نجاحها. ولما أخفقت أصدر الوزير ابن الفرات أمره بالقبض على الحلاج وأتباعه، فهرب واختفى ببلدة سوس في الأهواز.

وهناك شاع عنه ادعاء الألوهية، والقول بحلول اللاهوت في الأشراف من الناس، فقبض عليه الراسبي والي الأهواز، وأدخل بغداد، وطلب الوزير حامد بن العباس من الخليفة المقتدر الموافقة على محاكمته، ووافق الخليفة على ذلك.
وضمت هيئة محاكمته قضاة من المالكية والحنفية. ولم يحضرها أي أحد من الشافعية. ووافق الشهود، وعددهم أربعة وثمانون على الحكم. ( سرور، م س 141. وعند الكبيسي، م س، ص 427 ، الاتهامات الموجهة إليه.) وبعث حامد بن العباس بخطوط القضاة إلى المقتدر، فتوقف، فراسله: ” إن هذا قد ذاع كفره وادعاؤه الربوبية، وإن لم يقتل افتتن الناس به، فاءذن في قتله.” فطلب الوزير صاحب الشرطة، فأمره أن يضربه ألف سوط، فإن مات وإلا قطعت أربعته، فأحضر فضرب ألف سوط، ثم قطعت يده ورجله، ثم حز رأسه وأحرقت جثته. ( العبر للذهبي، 2/142).

وقد اختلف العلماء والمتصوفة في أمر الحلاج اختلافا كبيرا ( تاريخ بغداد، 8/112-114، العبر للذهبي، 2/139، سرور، الحلاج ..223-226.) فمنهم من اعتبره من الأولياء، ومنهم من حكم بتكفيره. ( سرور، م س، 226)، ونسبته إلى الشعبذة في فعله والزندقة في عقيدته. ( تاريخ بغداد، 8/112).

وممن اعتبروه من الأولياء: اليافعي والشعراني وابن عقيل والغزالي وفخر الدين الرازي وابن طفيل والسهروردي والقشيري والجيلاني وابن عربي. ومن الذين قالوا بتكفيره: ابن حزم وابن تيمية وابن خلدون والجبائي والباقلاني. ( سرور م س ، 226، عن دائرة المعارف الإسلامية، مادة الحلاج.)

وفي النصين الآتيين تقويم لحركة الحلاج من قبل عالمين محدثين من محتسبي المعرفة والتاريخ:

1-الأول للذهبي في العبر في خبر من غبر 2/139-140: حيث يقول: ” قال ناس : به مس من الجن فما أبعدوا، لأن الذي كان يصدر منه لا يصدر عن عاقل، إذ ذلك موجب حتفه، أو هو كالمصروع أو المصاب الذي يخبر بالمغيبات، ولا يتعاطى بذلك حالا. ولا إن ذلك من قبيل الوحي ولا الكرامات.

وقال ناس من الأغتام: بل هذا رجل عارف ولي الله صاحب كرامات، فليقل ما شاء فلن يقول إلا الحق. وهذه بلية عظيمة ومرضة مزمنة، أعيى الأطباء دواؤها، وراج بهرجها وعز ناقدها، والله المستعان.”

2-الثاني لابن كثير في البداية والنهاية 11/135: حيث يقول: ” روى الخطيب بسنده إلى الحلاج أنه قال: ( علم الأولين والآخرين مرجعه إلى أربع كلمات: حب الجليل وبغض القليل، واتباع التنزيل، وخوف التحويل.) قلت-أي ابن كثير-: وقد أخطأ الحلاج في المقامين الأخيرين، فلم يتبع التنزيل، ولم يبق على الاستقامة، بل تحول عنها إلى الاعوجاج والبدعة والضلالة، نسال الله العافية.”

استدعيت هذه الصورة التي تشكلت في أذهاننا عن الحلاج من خلال ما كتب عنه، وأنا أتأمل في التحولات التي تقع في أحوال وأفكار ومواقف لبعض الفاعلين المعاصرين في الشؤون العامة بما فيها الدينية والسياسية والفكرية والتشريعية. فبعض هؤلاء ممن أشرقت بداياتهم بما عرف عنهم من سلامة المنهج والغيرة الدينية والمستوى الفكري والروح الوطنية لخدمة الصالح العام ونهضة الأمة ونفع العباد. ومنهم من اسود مساره منذ بداياته، ليتخذ أشكال ردود فعل مشبوهة بإثارة هرطقات وتجذيفات قديمة وفق استراتيجية دولية متكررة لنسف القيم الأصيلة وثوابت الهوية التي تحول دون استمرار الهيمنة الاستعمارية والاستكبار العالمي والمركزية الغربية على قضايانا المفصلية المحددة لمستقبل النهضة الوطنية وآفاق تطورها وعزتها.

والمحاكمة التي أتحدث عنها في عنوان هذا المقال، لا تستدعي بالضرورة أن تكون وفق قواعد الإجراءات والمرافعات الجنائية والقضائية كما ترسخت في تراثنا القضائي، وصيغت في مدونات المساطر المعاصرة. بل قد تكون هذه المحاكمة على أشكال مرافعات علمية لمدافعة أفكار ومواقف هذه النماذج المتحولة، أو حركات احتجاجية يفجرها توالي الاستفزاز وعدم انضباط العامة بعد عدمية الخاصة، فضلا عما سيسجل عليها ضمير التاريخ من تقويم موضوعي ستظهر ملامحه وقسماته والتعبير عنها كلما جاء موجب لذلك، خاصة عندما يتم تبني تلك الأفكار والمواقف التي اختاروها، وتظهر آثارها الضارة وأخطارها المستفحلة على الوطن والدين والإنسان.

أما النماذج المعبرة عن الظاهرة، فهي كثيرة، أسوق بعضها، ليقاس عليها المسكوت عنه:

1-النموذج الأول: من غاص في أعماق تاريخ هذا البلد، وفهم العوامل المفصلية المؤثرة في أحداثه الكبرى، وأثار اهتمامه محورية الظاهرة الصوفية في تاريخ وتراث الغرب الإسلامي، في الوقت الذي اكتشف فيه أيضا تراثا هاما في نصائح الملوك والآداب السلطانية، ودورها- على الأقل- وإن لم تكن لها فاعلية كبيرة، في تشخيص واقع متأزم في ظروف معينة، وتقديم ما يمكن من المشاريع للإصلاح والإنقاذ. فيسوقه الجانب الأول إلى التفاعل مع مقولات الصوفية من أذواق وجذب ومواقف منها ما سجل في أحد أبواب كتبهم: ” باب لا يقال للشيخ لمَ؟”، ويحمله اعتزازه بثقافته الحداثية ونوع من إلمامه ببعض اللغات الأجنبية، ومحاولة التوفيق بين قراءة النص وسياقه الواقعي والتاريخي، إلى أن يكون هو هذا الشيخ، فلا يتصور أن يقال له: لمَ؟، كما يتجلى من الوثوقية التي تظهر في خطابه.

ويحمله الجانب الثاني على أنه يمكن أن يمارس نوعا من التجديد الذي حاوله علماء سابقون، بما فيهم من قدم مشاريع إصلاح إلى السلاطين في تراث نصائح الملوك والآداب السلطانية. وفي تجاذب هاذين العاملين المؤثرين يقع في زلل قد يصل إلى إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، مما يهدده بوعيد قوله تعالى: ” فاءذنوا بحرب من الله ورسوله.”(سورة البقرة، الآية 278.) ويكاد يخشى عليه وعيد قوله تعالى في الحديث القدسي الجليل:” من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب.” ( صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم 6502.) لتعسفه في تأويله لمواقف علماء عاملين وأولياء الله الناصحين، عندما أدوا واجبهم في نصح ولاة الأمور بما تقتضيه فروض الطاعة وعهود البيعة، وهو يستجيب عن وعي أو غير وعي، لهيمنة أحادية المركزية الغربية، والتأويل الإسقاطي للنص الديني، واستمرار تحكم الاستبداد والمصالح الطبقية للنخب الليبرالية الوطنية، في استغفال للنخب الدينية العالمة والتدين الشعبي العام، وتأكيد ما فسر به جزء من تراث الآداب السلطانية، خاصة مما كتبه الوزراء وكتاب الدواوين بأنه جواب عن السؤال المحوري الذي يحرك حبر الأدب السلطاني الكامن في: “كيف تديم سلطانك؟”( انظر هند عروب، المخزن في الثقافة السياسية المغربية، دفاتر وجهة نظر، ط 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2004، ص 122.)

2-النموذج الثاني: نموذج السياسي ورجل الدولة الذي نشأ مخضرما في طبقة متوسطة ملامسة لما أتيح للنخب الفرنكفونية من تعليم وتكوين في ظل الوعي بهيمنة الرافد الاستعماري الأجنبي، وفي الوقت نفسه مستفيد من سوابق يسارية، أورثته فهما لمرجعية هذا الاتجاه، والقدرة على مناظرته ومجادلته بعد تجربة حركية إسلامية، لم تخل من ابتلاء ومضايقة، قبل سياقه إلى نوع من التمكين، اضطر عند استشرافه إلى التبرئ من أي صبغة أخلاقية أو روحية لمشروعه السياسي، تهيبا من وهم شبهة بناء المشاريع السياسية على أي أساس ديني واتقاء لما يثيره وسم الدولة الإسلامية بالدولة الدينية، تمييزا لها عن الدولة المدنية. وقد اضطر إلى تصرفات تسقط عنه وصف العدالة التي هي شرط أخلاقي في المنظور الشرعي لتحمل أي مسؤولية في الولايات العامة، حتى قبل مرحلة التمكين النسبي والمؤقت، دون أن ننسى واقعية فقهاء السياسة الشرعية عند تكييفهم لشرط العدالة في تولي الولاية العامة، والتفريق بين سقوطها قبل التولي، وطروء سقوطها بعد التولي، ورغم ذلك فإنه يظل أخف من ما وقع فيه النموذج الأول.

3-النموذج الثالث: من كان تدينه واختياره لنهج سلفي وفق إحدى التنميطات الشرقية المعاصرة، بناء على توجيه أسري أو عجينة مشيخة علمية وتزكية أخلاقية كانت ضرورية للقبول في مؤسسة خليجية نموذجية، أسست لاستقبال أبناء الشعوب الإسلامية من مختلف البلدان الافريقية والأسيوية، وشرق أوربية، لإظهار نوع من الوحدة بين أجزاء العالم الإسلامي، وتسويق نمط معين من التدين المستند في كثير من جوانبه إلى مشروعية سنية سلفية، ولكن يحتاج المتخرج الراحل إلى بلده الأصلي عند تنزيله إلى الملاءمة والتكييف مع جذور التدين الراسخة في بلدان يعتبر المنهج السني السلفي فيها أعرق وأرسخ.

ولم يلبث هذا النموذج بعد ابتلاء بسيط، واستقطاب لائكي وشيك، أن خلع جبة الكبت الفكري الذي شكله له التنميط السابق، لينطلق في نقض الثوابت، وتأويل المفاهيم والنصوص القطعية الراسخة، وفق فهم حداثي لقيط، ونهج لائكي بغيض، يعكس هشاشة موارد التكوين السابق، وأمشاج أهواء الفتى الناعق، والإشفاق على مآله اللاحق.

4-النموذج الرابع: نموذج من اغتر بسوابقه التاريخية في جيل الصحوة الأولى بتوفيقه بين مقررات معارف الوحي ومعطيات العلوم الكونية المعاصرة، فاكتسب حظا من القبول لدى فئات متتبعة لمباشرته ما يهمها في نظامها الغذائي وصحتها النفسية وحاجاتها البيولوجية اليومية، مما ترتب عنه تضخم المكاسب المادية وغرور جاذبية الشهرة في وسائل التواصل وعالم الاتصال.

ولكن النفس أمارة، والأهواء غلابة، والملاءة مطغية، والحال أن وجوها أخرى أخف رصيدا، وأقل كفاءة، قد تسلقت مدارج الحظوة، وأكلت من موائد السياسة، وخطفت الأنظار في منابر الوعظ والخطابة، رغم أن في استحقاقها لذلك مقال، ومن تمكينها توجس في الحال والمآل.

وليس أنسب لهذا الواقع إلا خلط الأوراق، والبحث في أرشيف شبهات الاستشراق، ودعاوى الحداثة لدى بني علمان، ومريديهم ممن طمع في كسب الأرزاق، فأحرق المسافات واخترق الآفاق.

5-النموذج الخامس: من تهيأت له أقدار التأهيل العلمي بأخذه حظا من الثقافة الدينية والمعارف الكونية والخبرة المهنية والتجربة الحركية، فقادته إلى استحقاقات قربته من أفران السياسة، فالتظى بنارها، وأحرق سفن إبحاره، ومزق أوراق تأهيله، بأخطاء كبرى فتحت مفاسد عظمى، لتعاظم الزلل، رغم تنظيره لفقه المصالح والمفاسد، ولكن البحر عميق، والسابح غريق.

فبعد القرب من أفران السياسة والاضطرار لممارستها أحيانا وفق قاموس مكيافيلي وابن المقفع، ومعاشرة دهاقنتها المستفيدين من خبرة طويلة في الدهاء والانتهازية واقتناص المواقع، والمتشكلة وفق الاستراتيجيات الحديثة في صناعة الرأي العام ودينامية الجماعات، فإذا بهذا النموذج يعيد النظر في شق هام من المرجعية التي دخل بها ميدان السياسة، وهو علاقة الدين بالدولة، ويعتبر ما أنتجه الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، خاصة في الرد على شبهة الفصل بين السياسة والدين، من باب الغلو في ردود الأفعال. بل ويضطر بتأثير من هذا الموقف إلى تبني اختيارات دنيوية لا تدع أي فرصة للدين كي يحسم في قضايا كبرى له فيها أحكام حاسمة، وللراسخين في العلم عنها اجتهادات راجحة.

6-النموذج السادس: الإطار المستقطب للانخراط –عن وعي أو غير وعي- في مشاريع وضعت بدهاء ومكر من المخططين الأولين، ولعل الوسطاء في التنفيذ استدرجوا بحسن نية، أو تنميط مفتعل للثوابت الدينية والوطنية، أو تأويل محتمل وفهم خاطئ لظواهر الغلو الديني وجذورها في مناهج التعليم الشرعي والتواصل الديني، من أجل تغيير بوصلة واستراتيجيات هيئات ومؤسسات كانت لها أدوار تاريخية في حفظ ثوابت الأمة والسيادة الوطنية. وهكذا أصبح تنميط الهياكل الجديدة لا يخلو من خلل ولا يسلم من زلل، رغم ما قد يحققه من غايات ويترصده من أهداف لا تعدو أن تكون إلا أدوات ووسائل وأنماطا لتأثيت الفضاء وأوهاما لتجديد التدين.

7-النموذج السابع: وهو الأغرب من النماذج كلها، والأقرب إلى مضاهاة تجربة الحلاج، وإن اختلف العصر وتباعدت أنماط المعاناةـ فهو من ركب لجة المظهر السلوكي والخطاب الصوفي في زمن البحث في السوق السوداء عن مدارج للامتطاء ومسالك للاغتناء، ولو اختلط التدين بالشعوذة واستغلت القيم بالحيل، بعد غياب الحسبة الدينية والرقابة الشرعية، إلا من تأميم الخطاب الديني والتوجس من الاستقطاب الكاريزمي والنمط الديني الأسيوي الوافد.

وإذا رغبت في تصور خطورة هذا النموذج، والمسؤولية الأخلاقية والتاريخية للساكتين عن هرطقاته وتعسفه في خداع البسطاء من المتدينين، ومآل هذا الصمت مما يفوق ما يسمى في القانون بالجرائم السلبية، أي التي ينتج عنها إضرار بالحقوق نتيجة التصرف السلبي بترك العمل الذي كان بإلإمكان القيام به لحماية تلك الحقوق. إذا رغبت في تصور ذلك يرحمك الله، فاقرأ مثل الأبيات الآتية من ديوان “دنان الأرواح” لأحد المؤثرين الروحانيين الجدد واستفت قلبك وإن أفتاك المفتون: أيُ المؤثرين أولى بالتوجس من الاستقطاب، والخوف من تهديد السياج الأشعري والمسلك الجنيدي والاختيار المالكي والأمن الروحي والرمز السيادي في هذا الوطن الذي يغري تنوع جمال طبيعته وانفتاح جيوستراتيجيته بأن يكون فضاء متاحا لكل وارد يؤرقه صمود تاريخه ومتانة ثوابته وعبقرية حكمائه وكياسة حكامه وطموح براعمه.

أنا الهاء أنا اللامان والألف حقيقة لي
أنا لست شيئا في الآن ليس كمثلي شيئية
أنا الدهر لذي الأزمان أنوار بلا كيفية (…)
واحد في هذي الأكوان لاهوت بالناسوتية(….)
فكل أمري بغير نطق وتكلم أحيي وأميت بلحاظ نظرتي.

تلك نماذج يرجى التأمل فيها، إن بقي في ذوقنا العام صفاء استقبال، وسلامة اختبار، ومتابعة اهتمام، أرجو أن لا تكون انطباعات لمزاج عابر، بل هي عصارة تأمل مديد، ومعاناة عن قرب للمجالات التي تتعلق بها زمانا ومكانا وأشخاصا لعدة عقود من الزمن، نثرتها هنا وفاء لأمانة طوقنا بها علماء راسخون ومربون ناصحون، عليهم من الله الرحمة والغفران، ومنه سبحانه الصلاة والسلام على النبي والآل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M