مراجعة مدونة الأسرة.. محامي: إدخال منطق “الآلة الحاسبة” في المدونة سيشجّع عزوف الشباب عن الزواج
هوية بريس-متابعات
قال المحامي والقيادي بالعدالة والتنمية رضا بوكمازي تعليقا على المخرجات الأولية لإصلاح مدونة الأسرة أنه “بعيدا عن خطاب الانتصار أو الإنكسار، وقبل الاطلاع على كامل المخرجات التي جاءت بها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، والتي يجب أن تتسم بالتواصل الشفاف والواضح، فضلا على الاطلاع الكلي على الرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى لمعرفة حيثياته ومقاصده، لا يملك الإنسان إلا أن يعبر عن اعتزازه وفخره بالحصيلة العامة الإيجابية التي انتصرت لهوية المغاربة ومرجعيتهم الجامعة في تعاملهم مع القضايا الجوهرية وفي مقدمتها موضوع الأسرة، وانضباط هذه المخرجات للمنهجية التي حددها أمير المؤمنين في الاحتكام للنص الشرعي عبر عرض تلك القضايا على الجهة المختصة لاسيما وأنه سبق وأن طرحت بعض المقترحات التي يسجل عنها أنها كانت تتعارض بشكل صريح مع النصوص القطعية”.
وتابع بوكمازي في منشور له “غير أنه وبعد هذه المرحلة الأولى والتي ألزمت الجميع بضرورة التقيد بالنصوص القطعية مع الاجتهاد البناء تأتي المرحلة الثانية المتعلقة بصياغة النص التشريعي والذي يجب أن يعكس هذا النفس العام والمفترض أن يتقيد كذلك بالمصلحة الفضلى للأمة المغربية من اجل إصدار مقتضيات تشريعية تهدف إلى ضمان استقرار الأسر المغربية وتيسر استمرارها وتحفظ دوامها باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع كما نص على ذلك الدستور. هذه المرحلة التي يفترض فيها أن تعكس كذلك المزاج العام للمجتمع والذي يبدو أنه رافض لكل تعامل مع الأسرة باعتبارها شركة قائمة على المحاسبة وعلى الادخار والاستثمار ، بقدر ما هي مؤسسة جامعة قائمة على التراحم والسكينة والتعاون بين كامل أفرادها ويتجاوز ذلك إلى الأسرة في بعدها الممتد الذي لا يفاضل بين الأباء والأبناء والأزواج، ويحفظ للجميع مكانته وقيمته في هذا البنيان”.
وأكد المتحدث ذاته “هي مرحلة لا ينظر فيها لمكاسب محققة للمرأة أو للرجل بقدر ما يجب أن تتأطر بكون الكسب الحقيقي هو القدرة أولا على إنشاء أسر والإقبال على الزواج الشرعي، باعتباره المدخل للإحصان والعفاف والمنطلق لتحقيق نمو ديموغرافي يضمن حفظ النسل واستمراره. هي مرحلة يجب أن تتقوى خلالها بوادر الانضباط الجماعي لفكرة التكامل في القيام بالأدوار بين أفراد الأسرة، القائم على نظرة الإسلام لوظائف الزوج والزوجة والأسرة برمتها”.
وزاد المحامي بوكمازي “طبعا هناك بعض التفاصيل التي تبدو مشوشة وتقتضي الكثير من التدقيق والتوضيح حتى لا تحول إلى غير قصدها وفي مقدمتها الطريقة التي تم بها عرض التعامل مع موضوع التعدد ومحاولة نقله من باب الحلال إلى باب الحرام الفعلي، والتجاوز في التعاطي بالانتقال من الشرط القرآني في العدل إلى التوسع في المبرر الاستثنائي والموضوعي والذي لا أساس له في الدين خاصة وأن اقتراح مبدأ الاشتراط القبلي في حالة التوافق على ذلك قد يكون مدخلا لاحترام إرادة الأفراد مع ضرورة استحضار الوضعيات التي لا تكون قائمة أثناء لحظة الشرط القبلي . كذلك من بين التفاصيل التي لها أن تؤثر سلبا على المقصد العام لفكرة الزواج ما تعلق بتثمين العمل المنزلي والذمة المالية المشتركة والتعامل مع التركة ، فمع تسجيل انه يمكن الانتقال من باب الحلال إلى الحرام في جزئية التركة من حيث عدم إبراز ما تم الاستناد عليه في حرمان الأم مثلا أو الأبناء الورثة من حقهم فإن منطق الألة الحاسبة الذي يراد إدخاله إلى مجال الأسرة القائم على المودة والسكينة والرحمة، قد يجعل عدد كبير من الشباب يعزف عن الزواج، بل قد يولد لدى الكثير من الأمهات حاجز في تشجيع أبناءهم على الزواج”.
وخلص بوكمازي “ختاما في رأي المتواضع هناك شوط مهم تم إنهاءه في مجال مراجعة مدونة الأسرة بقيادة أمير المؤمنين حفظه الله والمتعلق بالأمور الكبرى خاصة والالتزام بمنهجية الاحتكام للمرجعية، لينطلق شوط ثاني في ملعب المجتمع والفاعلين المؤسساتيين لإخراج نص تشريعي يجب أن يراعي المصلحة الفضلى للأمة المغربية من أجل دوامها ويمكن من ضمان استقرار الأسر والمحافظة عليها، ويجعل من الإقبال على تكون الأسر لحظة فرح وسرور، لا لحظة تفكير في المآلات المفضية إلى التخلي عن فكرة الزواج”.