كنا نرددها دون تنعر ولا تمعر ولا تقعر..

14 يناير 2025 18:17

هوية بريس – محمد بوقنطار

لقد كنا كجيل ونحن صغار تضمنا مقاعد مدرستنا العمومية في صدق وحميمية، نردد في لحن منغوم تلك العبارة المجتزأة من صميم تاريخ أمتنا المغربية، تلك العبارة التي حفظناها عن ظهر قلب كما كنا نحفظ فاتحة الكتاب وسورة الإخلاص والمعوذتين، نلوكها جميعا وأشتاتا، معتقدين في يقين نابع من دواخلنا أنه لا يوجد من بيننا محروم لا يحفظها، إنها عبارة: “سكان المغرب الأصليون هم البرابرة أبناء مازيغ أتوا إليه من اليمن عن طريق الحبشة…“.

وجدير بالتنبيه المقصود ذكر أننا كنا ننوع في تناوب وترادف صادق بريء كلمة “الأصليون”، فتارة كنا نستبدلها في السياق المحفوظ بـ: “الأقدمون” وأخرى نستعيض عنها في عفوية طافحة ب: “الأوائل” بعيدا عن أي نزوع عنصري أو نعرة منتنة، في إشارة تحيل على السبق الزمني في مقام الاستيطان هاهنا هروبا من قسوة المناخ وضراوة العيش هنالك في المشرق ليس إلا.
إذ لم يكن يخطر على البال، أو يراود الخاطر ما يجعلنا ننظر لإخواننا الأمازيغ المغاربة كالهنود الحمر في أمريكا، أو الأبورجني في أستراليا، أو شعب الإنويت بالقطب الشمالي المتجمد، فتلك على احتمال مرجوح الوقوع كنا نعدها من الكبائر، والفحش في الكلام…

إلى أن ظهرت هذه النابتة التي رضعت حد الإشباع من ثدي الاستغراب، فخاضت في هذا البحر اللجي، وهي التي لا تحسن العوم، ولا توقر القوم، مرادها نسف ذلك التراص الذي كانت ولا تزال ولم تزل مادته اللاصقة هي عروة هذا الدين العظيم وهذا اللسان العربي المبين، الذي كان من خدامه وآياته في الإقناع والإمتاع أن بلغت منظومة الأجرومية في النحو العربي لصاحبها الأمازيغي أصلا وفصلا ابن آجروم رحمه الله كل الآفاق، ومناكب الأرض وزواياها، وتلك سيرة غير العرب عندما يكون جسد الأمة سليما قويا متماسكا معافى، سباقين سابقين رائدين في كل فن من فنون اللغة وعلوم الدين، جزاهم الله خيرا عن كل ما قدموه، وما أبلوه من بلاء حسن، تنزهوا فيه عن نعرات العرق، وأحقاد السبق، كما تفعل هذه الكسور البشرية التي نراها اليوم تعيد على بدء متكرر اجترار شريطها المشروخ المقر في بهتان وزور وكذب أن العرب غزاة بخيلهم ورجلهم ولسانهم ودينهم، عليهم أن يرحلوا عاجلا أو آجلا، نسأل الله أن يتوب عليهم، وأن يجعل كيد الكائدين منهم في نحورهم آمين يا رب العالمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M