“خطة تسديد التبليغ”.. هذا موضوع “الخطبة الموحدة” اليوم الجمعة

هوية بريس – متابعة
خصص المجلس العلمي الأعلى في إطار “خطة تسديد التبليغ”، خطبة منبرية في موضوع: «من مقاصد الصيام وحِكَمِه» اليوم الجمعة 16 رجب 1446هـ، الموافق لـ: 17 يناير 2025م.
وهذا جزء من الخطبة:
الخطبة الأولى
الحمد لله الملك الحق المبين، نحمده تعالى حمدا كثيرا كما يحب ربنا ويرضى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شرع الصيام جنة لأوليائه، وخصهم بما لا يخطر ببال أحد من الأجر، فقال جل شأنه في الحديث القدسي:
(الصيام لي وأنا أجزي به)[1].
ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى الله تعالى على بصيرة، فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين بلا حد ولا انقطاع، وعلى آله الطيبين الأخيار، وصحابته الغر الميامين الأبرار. وعلى التابعين لهم في كل مصر وعصر إلى يوم الدين.
أما بعد؛ معاشر المؤمنين؛ تحدثنا في خطبة سابقة عن آثار الصيام على الفرد والجماعة وما يجب أن تحققه هذه العبادة في حياة الناس من ثمرات، تماشيا مع مقتضيات خطة تسديد التبليغ التي ترمي إلى بيان حقيقة الدين والتدين المثمر، وبيانا لبعض مقاصد وحكم ركن من أركان الإسلام الذي هو الصيام، على أن يتواصل الكلام على بقية أركان الإسلام تباعا فيما يستقبل من الأيام.
عباد الله، إن من مقاصد الصيام الكبرى تحقيق التقوى التي ذكرها ربنا عز وجل في الآية الكريمة حيث قال: “يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ اُ۬لصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي اَ۬لذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“[2].
ومعنى التقوى اجتناب ما أمر الله باجتنابه، وفعل ما أمر الله بامتثاله بإحسان وإتقان.
علما -معاشر الكرام- أن من أهم ثمرات الصيام تربية النفس وتنمية الصفات الطيبة فيها، ومعالجة أحوالها وتحليتها بالقيم النبيلة والأخلاق الحميدة، والصوم يحفظ على النفس صحتها وسلامتها وقوتها ونشاطها خاصة عند اقترانه بنية التعبد والاحتساب، كما قال النبي ﷺ: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه“[3].
فالصيام إذاً عبادة عظيمة تدفع المفاسد والشهوات حتى يقترب المؤمن في أحواله وهو صائم من أوصاف الملائكة، بإمساكه عن شهوتي البطن والفرج، واجتنابه اللغو والرفث وقول الزور وسائر المحرمات، التي توقع في المهالك وتكون سدا مانعا من أبواب الخيرات.
عباد الله؛ إن أيام الصائمين أيام مختلفة عن غيرها ففيها يحفظ الصائم قلبه وبدنه وفكره حسا ومعنى، حفظ يظهر في الإمساك عن فضول القول والفعل، ويتجلى كذلك في إشاعة الابتسامة في وجوه الناس، والرغبة في العطاء والبر والإحسان، والإقبال على المساجد وتلاوة القرآن، وهذا كله من حِكَمِ الصيام ومقاصده التي تحقق للناس سكينة وطمأنينة نفسية ورُقيا روحيا، وصحة سليمة، وصفاء عقليا وغير ذلك من الفوائد والحكم التي يجنيها المؤمنون.
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبحديث سيد الأولين والآخرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



