درجة التشويه والتحريف في المغرب وصلت حدا لا يحتمل

هوية بريس – إدريس الكنبوري
الميوعة التي انتشرت في المغرب في السنوات الأخيرة ميوعة لا مثيل لها ولا قرين ولا شبه منذ دخل الإسلام هذه الأرض الطيبة. صار المغرب مثل بحيرة كبيرة رفع فيها الماء السمك الميت على السطح وترك السمك الحي تحت الطين.
درجة التشويه والتحريف وصلت حدا لا يحتمل، والدستور الذي صوت عليه المغاربة خلال الربيع العربي أصبح ألعوبة بيد الأسماك الميتة، في الدين واللغة والسياسة والهوية.
ومما يروج له بوقاحة أن دستور 2011 اعترف بجميع مكونات وروافد الهوية الوطنية، وحدد الروافد في الروافد الأندلسية والافريقية والعبرية والمتوسطية.
ويوظف السمك الميت اليوم هذا التصدير لتبرير الاحتلال والصهينة والتطبيع والدفاع عن الإبراهيمية المقيتة.
ولن نخوض في الموضوع بتفصيل لأنه يتطلب فصلا كاملا ليس هذا محله، ولكن نكتفي بالقول بأن الدستور يتحدث عن الرافد العبري وليس اليهودي أو الصهيوني، لأن المقصود هو التراث المكتوب أو الشفوي باللغة العبرية في المغرب، وليس أي تراث عبري في الدنمارك أو كندا أو فرنسا؛ وبالأحرى إسرائيل. فالدستور المغربي دستور المغاربة لا دستور البلجيكيين، وهو يتحدث عن يهود المغرب لا يهود روسيا.
أما اليهودية فهي ديانة ولا يمكن أن تكون من روافد المغرب الثقافية التي يعترف بها الدستور، لأن الديانة اليهودية ليست من روافد المغاربة، فهم لا يؤمنون بالتوراة ولا يعترفون بها جزءا من هويتهم، بينما يعتبرون الإنتاج بالعبرية كالفن والنسيج والحكايات والأغاني تراثا مغربيا لأنه من نتاج مغاربة يهود، سواء ما أنتج منه في المغرب أو ما جاء من الأندلس.
وما يجب أن يعلمه الناس أن الصراع مع إسرائيل صراع أمة لا صراع دولة واحدة، ولن يجدي نفعا أن يغير بلد ما ثقافته من أجل إسرائيل، لأن زمام الأمور بيد الأمة كلها ولن يوقف العربة بلد واحد مهما كانت قوة فرامله، لأن العربة سائرة به وبدونه.
وعلينا أن نعلم بأن التراث العبري اليوم أصبح تراثا واسعا بعد نشأة إسرائيل، فهو لم يعد يشمل الأغاني والنسيج مثلا بل صار يشمل الأغاني الحماسية الإسرائيلية ضد العرب والفلسطينيين، والأدب العبري المعادي للعرب، والكتابات التاريخية العبرية التي تشوه تاريخ العرب والمسلمين، ويساهم في هذا الإنتاج اليهودي المغربي والتونسي والمصري والفرنسي والكندي والألماني المقيم في إسرائيل.
ومن يعتقد أن التطبيع يخدم قضية فلسطين على المدى المتوسط والبعيد واهم، هذا إن كان ذا نية حسنة مع أن النوايا الحسنة غير موجودة في هذا الموضوع، لأنك حتى إذا نجحت في إقناع اليهودي المغربي في إسرائيل وهو عين المستحيل فلن تقنع اليهودي الأمريكي لأن الإدارة الأمريكية نفسها تعجز عن ذلك، ولن تقنع اليهودي الفرنسي الذي لن يقنعه حتى الجنرال دوغول إذا قام من قبره، لذلك فإن أعمال العقلاء منزهة عن العبث.
يمكن أن يأكل البعض خبزا بالإبراهيمية، وأن يلبس أفضل الثوب ويسكن أفخم البيوت ويركب أجود الطائرات ويقيم في أحسن الفنادق، ما عدا هذا فلا شيء يمكن أن يصنعه السمك الميت.