مسألة الخلافات.. وهَيْشات وسائل التواصل

هوية بريس – إبراهيم الطالب
لقد اتسع الخرق على كل مصلح راتق، خصوصا مع وسائل التواصل العديدة، التي أكسبت كل سقيم الرأي منبرا ينشر منه جهله، وكل قاعد رعديد وسيلة يظهر فيها شجاعة مزيفة وجرأة في الباطل.
لم تعد الناس تعرف قدرها فتلزم حدودها -إلا من رحم ربي-، عمت الفوضى وطغى التهارش.
أصبحت هذه الوسائل كالأسواق التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عندما نظم صفوف من يليه في الصلاة فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذي يلونهم ثلاثا، وإياكم وهيشات الأسواق“. رواه مسلم.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: وإياكم وهيشات الأسواق: هي بفتح الهاء وإسكان الياء وبالشين المعجمة أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها. انتهى.
فوالله إن هذه الوسائل أصبحت مثل الأسواق لها هيشاتها، بل هيشاتها أكثر فظاعة وشرا من هيشات الأسواق.
وفي هذا السياق يحلو لي أن أذكر قولة لعلي بن أبي طالب رواها الخطيب في تاريخ بغداد حيث قال سيدنا علي لكميل بن زياد النخعي:
“الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق”.
توجيه لأبنائي وإخواني:
من لم يستوعب الخلافات بين الطوائف الإسلامية، فلا يحق له الدخول في الخلافات، وإن استوعبها ولم تكن له مكنة في ترتيبها قربا وبعدا من المنهاج النبوي والسنة المشرفة، فلا يجوز له الكلام في كثير من الخلافات التي يوجبها الواقع الملتبس والوقائع الفاتنة بين العلماء والعاملين.
ومن استوعبها وتمكن من ترتيبها ينبغي أن يكون له فضيلتان:
– عقل حصيف به يدرك العلم والواقع فيزن كلامه فيهما.
– وحكمة تمكنه من وضع الشيء المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب، فليس كل ما يعلم يقال، وليس كل ما يقال يتلفظ به قبل أوانه أو بعده.
فدعوا علماءكم معاشر المسلمين يصلحون واقعكم، فوالله إن أخطر ما يعانيه الداعية والعالم مريدوه وأتباعه.



