عصيد.. الطعن في القرآن الكريم وتكذيب النبي ﷺ

01 أبريل 2025 17:42

هوية بريس – نور الدين درواش

مرة أخرى يأبى الناشط اللاّديني المثير للجدل أحمد عصيد إلا أن يعاكس الحقائق الشرعية والتاريخية والعلمية، ويعاكس إرادة الشعب المغربي المسلم المعظم للقرآن الكريم ولجناب النبي الأمين ﷺ، الذي جاء بالرسالة الخاتمة والمعجزة الخالدة التي أكرم الله عز وجل بها هذه الأمة.

فقبل أيام تداولت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعا لعصيد يطعن من خلاله في القرآن الكريم وفي صحته، وفي كونه كلاما لله عز وجل؛ فزعم أن القرآن مجرد محاكاة لما قبله، وأن السجع في القرآن نُقل نقلا حرفيا عن الكهان.

دعوى عصيد هذه تنطوي على أمر خطير يروم تشكيك المغاربة في دينهم وزعزعة عقيدتهم، والطعن في أقدس مقدساتهم ألا وهو كلام الله عز وجل..

فهل هناك تكذيب لله ورسوله ﷺ والقرآن الكريم والإسلام جملة وتفصيلا أكبر من هذا؟؟

إن تطرف عصيد وتصريحاته المنافية لثوابت المملكة وشعارها ودستورها، وللقانون الجنائي في فصله 220 الذي يجرم زعزعة عقيدة مسلم، واضحة وجلية، فمتى يتم تحريك المتابعة القضائية ضد هذا الشخص؟؟

فما هو سجع الكهان الذي زعم عصيد أن القرآن الكريم ليس سوى محاكاة له؟؟

السجع: ‌هو تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد في الآخر، بمعنى أنه الإتيان بفقرات الكلام، منتهية بفواصل، كقوافي الشعر.

ومثاله قول قس بن ساعدة في الجاهلية: “كل ‌من ‌عاش ‌مات، وكل من مات فات، وكل ما هو آت آت” [أمثال العرب، للضبي ص: 118].

فهو لون من ألوان جمال الأسوب وبلاغة الخطاب، يوجد في النتر كما في الشعر ويوجد في الجاهلية كما في الإسلام، والمذموم منه هو السجع المتكلف للكهان في الجاهلية كما في كل عصر، للفت الانتباه وشد الأنظار.

وهذا الأسلوب ما يزال معروفا إلى اليوم عند الكهنة والعرافين والدجالين في مختلف ربوع الوطن العربي ومنهم من يعرفون اليوم بــ(الشوافة) ومحترفي ما يعرف بــ (السماوي)…

وقد ذم النبي ﷺ من واجه الوحي والشرع بعبارات فيها تشبه بسجع الكهان كما في القصة التي رواها الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حيثُ قَالَ: «ضَرَبَتِ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ وَهِيَ حُبْلَى فَقَتَلَتْهَا، قَالَ: وَإِحْدَاهُمَا لِحْيَانِيَّةٌ، قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ وَغُرَّةً لِمَا فِي بَطْنِهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ: أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَسَجْعٌ ‌كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ؟ قَالَ: وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ» [صحيح مسلم 1682]. وفي رواية “أسجع كسجع الكهان”.

فنهي الرسول ﷺ عن ‌سجع ‌الكهان، إبعادا عن التشبه بهم، وهو غير السجع الذي إذا كان تلقائيا غير متكلف ولا ملتزم به في كل الكلام، كان من المحسنات اللفظية، وكان من البديع، لوروده في القرآن وفي أقوال الرسول ﷺ.

فسجع الكهان سمج مُتكلف فاشل، والسجع في القرآن بلاغة مُعجزة تحدى بها القرآن العربَ في أوج بلاغتهم وفصاحتهم ورقيهم اللغوي فعجزوا من محاكاتها، ونحن نكرر هذا التحدي بلسان القرآن الكريم لعصيد ولغيره: {أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} [يونس:38].

لقد سبق عصيدا لهذه الدعوى الباطلة كثير من الناس يشتركون في وصف واحد هو إنكار الوحي والنبوة، ومن أبرزهم كفار مكة الذين اتهموا القرآن بأنه قول كاهن فبرأ الله عز وجل رسوله من هذه التهمة في قوله: {فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ} [الطور: 29].

قال العلامة عبد الله كنون: “(فما أنت بنعمة ربك) أي بفضل منه تعالى وما أنعم به عليك من كمال الخلق ورجحان العقل (بكاهن ولا مجنون) كما يدعي عليك كفار مكة” [تفسير سور المفصل، ص:52].

إن مناقشة هذا الموضوع تطول ولكن حسبنا أن نبين أن المدعو “عصيد” يلوك ما يقوله غيره من الملاحدة والنصارى وأعداء الإسلام ليدنس مقدس المسلمين، دون أن يطال نقده طبعا النصرانية المحرفة ولا اليهودية المبدلة ولا سائر الديانات التي تشرع عبادة الحجر والبقر والفئران والفروج؛ وكأن عقله المتحجر لا يتتبع إلا ما يعده نقصا وعيبا في الإسلام وشريعته.

وقد كشف التاريخ الطويل والعريض لهذا الدين العظيم، أن الإسلام سيبقى محفوظا بحفظ الله له، وأما “عصيد” فسيذهب إلى مزبلة التاريخ ليلتحق بأسلافه ممن لا يذكرون إلا بالشر والعيب والسوء… ليلقوا جميعا جزاءهم يوم العرض على الله عز وجل.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
13°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة