التواصل الجزائري المغربي (1929م) (2/3)

02 أبريل 2025 18:32

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

ملخص:

يتميز النص بتقديمه صورة عن كيفية لقاء حاكم الجزاير العام، والمقيم العام بالمغرب، مشيرا أن مرابط لقنادسة قدم للحاكم الشاي، وكانت فرصة ذكَّر فيها الحاكم بالخدمات التي قدمها المرابط لفرنسا في المنطقة، ذاكرا أن الوفد المغربي كان يرتدي الزي القتالي (الكاندورة والخوذة الإستعمارية).

بعد انتهاء اللقاء، ذهب الوفد المغربي لوجدة، بينما توجه حاكم الجزاير لإخماد تمرد في سعيدة.

كلمات مفاتيح:

مارسيل بورداس، موانييه، واركلة، توكورت، لغواط، عين الصفراء، بني ونيف، السي لحرش، لوسيان سان، أرفود، تافلالت، كصر لكفيفات، فكيك.

النص:

في مساء اليوم الخامس من مايو، غادر الحاكم العام للجزاير مرفوقا بالجنرال نيولين، قايد الفيلق التاسع عشر 19 بالجيش، ورؤساء حكومته المدنية، ومكتبه العسكري، السيد مارسيل بورداس، وليوطنا كولونيل من سان موريس، ومدير المناطق الجنوبية، الجنرال مونييه، الجزاير العاصمة إلى كلمب-بشار، مخلدين لحظة مغادرته من قبل كبار معاونيه المدنيين والعسكريين.

إن رحلة الحاكم العام مهمة ونادرة، بدرجة كافية لجعلها غير مقتصرة على دراسة مسألة واحدة في تحركه.

السيد بورديس الذي سبق له أن تعرف بشكل معمق على مناطق توكورت، واركلة، ولغواط، فقرر استغلال هذه الفرصة، لإجراء اتصالات أكثر حميمية، مع مراكز عين الصفراء، وبني ونيف، وكلومب-بشار، التي لم يتمكن من رؤيتها إلا بسرعة كبيرة، خلال رحلتيه السابقتين في دجنبر 1928 ويبراير 1929.

في عين الصفراء، لقي ترحابا كبيرا من السلطات العسكرية والمدنية، واستقبالا حارا، ولاسيما من اللجنة البلدية المعاد انتخابها مؤخرا.

فزارالمدارس، والمستوصف الأهلي، والمؤسسة التي يستقبل فيها الآباء؛ بليس برانس، وخاصة أبناء عمال السكة الحديدية، لخط وهران -كلمب-بشار، ليقوموا بتعليمهم، في مدرسة داخلية، جيدة السمعة.

أراد المبجل باشا-آغا السي مولاي، الذي لا جدال في هيبته وسلطته في الجنوب، أن يستقبله في منزله، ويقدمه إلى عائلته الكبيرة، مستلهما مشاعر الحب والمودة تجاه فرنسا.

وفي كولومب-بشار تم إنشاء برنامج أكثر عسكرية، وتمكن السيد ابْيير بورداس من تفقد ورش المؤسسة المركزية بالتفصيل، وقسم السيارات التابع لمجموعة شركات الصحراء الغربية، الذي قدمه له بالتفصيل الكولونيل نوفو، خليفة الراحل القبطان ديبان، الذي قتل في جبل أغلال.

كانت السيارات التي نقلت الجنرال كلافيري ورفاقه أبطال رينو التي على الرغم من 80 ألف كلم المقطوعة والأعطاب التي حصلت لها، ما تزال تواصل ضمان خدمتنا الشاقة في الجنوب، سيارات بيرلييت ذات الدفع الرباعي التي وصلت حديثا، والتي حازت خصائصها، وأداءها الأصيل، على إعجاب جميع السكان الحاضرين.

وفي المساء، قامت عربتان للسكك الحديدية الحكومية بنقل الحاكم العام والوفد المرافق له، إلى مركز تعدين الفحم جنوب وهران، الذي يتزايد إنتاجه باستمرار، ويتوقع أن يصل قريبا، إلى ما مجموعه 80 إلى 100 ألف طن.

روى السيد روزود، المدير الدؤوب والنشط، لشبكة السكك الحديدية الحكومية الجزايرية، قصة هذا المنجم الذي اكتشفه افلامند في 1908 وأعيد تقييمه في 1917 من قبل جنود فيلق القبطان كاو-فان، ويتم استغلاله اليوم تحت إشراف السيد بيروتيه المهندس النشيط والمخلص.

مرابط لقنادسة، كبير زاوية المكان، قدم الشاي لبورداس ومرافقيه، وكانت فرصة للحاكم العام للتذكير بالخدمات التي قدمها والد السي لحرش، المرابط الحالي بواسطة الأخير للقضية الفرنسية، تمت العودة في شفق رائع حول جبل بشار، انعكست أشعته على المباني البيضاء للمدينة الصحراوية، والخضرة الزرقاء لبساتين النخيل.

في هذه الأثناء قام السيد لوسيان سان بجولة في جنوب المغرب لعدة أيام، وأعلن وصوله في 8 ماي بدلا من 7 منه، كما كان مبرمجا، كان الفيضان الإستثنائي لواد زيز الذي حدث خلال زيارته لأرفود، آخر نقطة مغربية مقابل تافلالت، قد احتجزه أكثر مما كان يريد، ومنعه على وجه الخصوص من التوجه لزيارة كصر لكفيفات الذي استحوذت عليه قوات الأقاليم الجنوبية المغربية مؤخرا.

ومنذ صباح 8 ماي، توجهت طائرات سرب كولمب- بشار لمقابلته، وأبلغته لحظة بلحظة عن مراحل مسيرته.

أخيرا أطلق المدفع حوالي الساعة العاشرة صباحا، ووصلت السيارات الرئاسية يتقدمها جندي منتخب من الكوم على جواد تتبعه كوكبة اصبايحية نحو قبر كلومب، بساحة الجيش، المحاطة بطلقات نار ترحيبية وزغاريد نساء عربيات، صنعت تناغما بربريا.

السيد لوسيان سان، ذو اللون البني قليلا، لكنه لا يزال غضا نشيطا رغم الأيام التي قضاها في السفر، يخرج بسرعة من طوربيده، يليه الجنرال فيدالو، والسيد كاتات رئيس حكومته المدنية، والجنرال نوكيس وفرايدنبرغ ومجموعة كبيرة من الضباط، وكان الجميع يرتدي الكندورة الكاكي، الخاصة بقوات الجبهة المغربية والخوذة الإستعمارية.

نحن بدورنا، جزائريون بأزيائنا في زمن السلم، نقف على النقيض من الوافدين الجدد، ممثلين لمستعمرة في كامل نشاطها من التوسع والنمو.

تبادل الأحضان الودية، (كل هؤلاء القادة يعرفون بعضهم البعض ويحبونهم) والوعود بالنتائج المثمرة، ثم تفرقوا في الغرف التي حاولنا فيها استيعابهم بطريقة ودية إن لم تكن مربحة، ثم رتبنا للقاء بعد تناول غذاء بسيط في دائرة الضباط، حيث سيعقد الاجتماع في الساعة الثالثة بعد الظهر، في إحدى المباني الخارجية للدائرة.

وحتى لا نقطع قصة هذه الرحلة، نقترح عدم الحديث على المؤتمر حتى نهاية هذا المقال، ويكفينا أن نقول هنا أنه في جو من الثقة المتبادلة والمجاملة الكبيرة.

تم قطعها مساء يوم 8 مايو، لإتاحة الفرصة للمتحدثين للراحة والإستعداد للوليمة التي أقامتها مدينة كولومب-بشار لضيوفها الكرام، ثم تبادل الخبز المحمص الودي، إلى الكلمات اللطيفة للسيد لوسيان سان.

السيد بيير بورداس أجاب بروح الدعابة المعتادة والحس السليم المشرق، ومن هذا الود، لا يمكن توقع سوى نتائج ممتازة، وقد تأكد هذا الإنطباع خلال الإستقبال الحماسي، الذي أقامته مدينة بني ونيف الجزايرية الصغيرة، المزينة بالأعلام وأكاليل الزهور، وقصر فكيك المغربي، لممثلي فرنسا.

بعد تناول وجبة غذاء رائعة في منزل السيد والسيدة ماسون، زوجة المراقب المدني لفكيك، المعروف جيدا وزيارة الواحة المتوج بالشاي المقدم في ساحة أناتول-فرنس، التي تهيمن على مجموعة من بساتين، النخيل في فكيك، جاء السيد لوسيان سان لمرافقة الحاكم العام والوفد الجزايري إلى قطار الوالي، شعرنا أنه تحت المظهر الخارجي المعتاد إلى حد ما، لحفلات الإستقبال الرسمية، كان هناك اتحاد في هذه المراسم، وكان الفراق أكثر ودية من اللقاء.

كان لدى الجميع شعور، بأن العمل الجيد قد تم إنجازه، على جانبي الحدود التي توحد ولا تفصل، بلدين مشبعين بالتساوي، بالثقافة الفرنسية، وأن كل شيء يمكن توقعه من التعاون، الذي بدأ على هذا النحو.

بعد ذلك كل واحد على حدة، واصل السيد لوسيين سان، رحلته لإجراء اتصالات في وجدة، أما السيد ابيير بورديس، فقد ذهب إلى اسعيدة، لقيادة الحركة ضد آفة أخرى.

الجراد: هؤلاء المنشقون الهوائيون من بلاد الحركات الذين لم يطلبوا أبدا الأمان، مستأنفا مهمته الثقيلة والجميلة، المليئة بالمسؤوليات ضد بؤرهم، وهو على يقين من أنه عمل -بشكل كامل- اتحادا من أجل مصلحة الوطن فرنسا.

——————

“إفريقيا الفرنسية 1929” / ص:275-277 مصدر سابق.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة