شهادة الرميد تسرد التعقيدات الواقعية لفهم طبيعة نظامنا السياسي

09 أبريل 2025 16:55

هوية بريس – عبد العالي حامي الدين

تابعت باهتمام حوار “الشاهد” الذي أجراه الأستاذ المصطفى الرميد مع موقع آشكاين طيلة أيام شهر رمضان الأبرك.

بالنسبة لي يكتسب هذا الحوار أهميته من الاعتبارات التالية:

أولا، لأنه تم مع شخصية قيادية كان لها دور أساسي في بناء التجربة السياسية للعمل الإسلامي منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، سواء من خلال الأفكار السياسية المعبر عنها في جريدة الصحوة آنذاك، أو من خلال اللقاءات المباشرة مع مسؤولين كبار في الدولة من أبرزهم وزير الداخلية الشهير إدريس البصري، وهي اللقاءات التي كانت تتم بشكل مؤسساتي، وبتنسيق كامل مع قيادة الحركة آنذاك، والتي بدون شك أسهمت في ولوج الحركة الإسلامية إلى الفعل السياسي الرسمي داخل المؤسسات.

ثانيا، لأن الأستاذ الرميد واكب جميع محطات العمل السياسي المؤسساتي لحزب العدالة والتنمية، بدءا بقيادة فريقه البرلماني منذ 1997، أي منذ بداية التجربة، وقد واكبت شخصيا هذه المرحلة من خلال موقعي كصحافي آنذاك، وكنت شاهدا على الدور البارز للأستاذ الرميد في بناء تقاليد العمل الداخلي للفريق وبث روح الجدية والالتزام والحرص على جودة الأداء.

ثالثا، لأن إسم الرميد اقترن بمحطات مفصلية في تاريخ الحزب منذ النقاش المهم لدستور 1996 مرورا بأحداث 16 ماي وما خلفته من تداعيات على الحزب كان الرميد من أبرز المستهدفين حينها، بالنظر لما كان يمثل من قوة ترافعية مهمة بالنسبة للحزب ولاسيما على المستوى البرلماني، بالإضافة إلى موقفه المنحاز لدينامية 20 فبراير وفق تصور إصلاحي معتدل بأفق ديموقراطي واضح ( الملكية البرلمانية)..

رابعا، باعتبار مكانته الأساسية في الفريق الحكومي الأول الذي خاض أول تجربة في التسيير الحكومي بقيادة الأستاذ عبد الإله بنكيران، والذي تميز بانسجام أكبر في العلاقة، بخلاف التجربة الحكومية الثانية، التي عرفت بعض المشاكل.
ويمكن القول بأن تجربة الرجل في وزارة العدل والحريات كانت من أفضل التجارب التي عرفها المغرب، وأستحضر هنا شهادة للأستاذ عبد اللطيف الحاتمي رحمه الله، الذي كثيرا ما كرر أمامي بأن ما قام به الرميد من إنجازات في وزارة العدل لم يسبقه إليه أحد من قبل…ناهيك عن أدواره السياسية التي لا يتسع المقام لسردها وقد كنت شاهدا على جزء كبير منها، وبعضها يمثل معارك حقيقية انتصارا لقيمة العدل ونبذ الظلم وانتصارا أيضا للتأويل الديموقراطي للدستور.

خامسا، يعتبر الرميد أحد مهندسي التجربة الحكومية الثانية بقيادة الدكتور سعد الدين العثماني، والتي تحمل فيها مسؤولية وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان ( شخصيا اختلفت معه في قبوله بهذا المنصب، وكنت أرى أن يكتفي بمنصب وزير الدولة بدون حقيبة، للتفرغ لبعض المهام ذات الطبيعة السياسية في ظرفية تحتاج فيها البلاد لتقوية المؤسسات وضخ جرعات ديموقراطية) لكن الاستاذ الرميد كان -مبدئيا -ضد تولي منصب حكومي بدون مهمة محددة، وقد تحمل في هذه المسؤولية الكثير من الانتقادات بالنظر للقضايا الحقوقية التي أثيرت خلال هذه المرحلة رغم عدم مسؤوليته عنها بشكل مباشر ( أحداث الريف اعتقال الصحافيين محاكمات مدونين..)ومع ذلك فإن أداءه خلال هذه المرحلة تميز بانفتاح كبير على الحركة الحقوقية وتدشين تقاليد في التواصل المباشر مع جميع الفاعلين المدنيين..

سادسا، بالنظر للقيمة العلمية والأدبية لشهادته، في تقييم تجربة حزب العدالة والتنمية على المستوى التدبيري، وهو التقييم الذي يتجاوز -في نظري- أي رهانات مرحلية، وكان من المفروض أن يتم بشكل مؤسساتي للوقوف عند عناصر القوة وتثمينها والوقوف عند عناصر الضعف أو الأخطاء قصد تجاوزها، مع ضرورة رصد التحديات التي واجهت الحزب طيلة عشر سنوات، سواء على مستوى التدبير في العلاقة بمؤسسات الدولة أو على مستوى الداخل الحزبي وما عرفه من ارتباك في بعض المحطات، وذلك من أجل استخلاص الدروس والعبر الضرورية وصياغة الأفكار والاجتهادات التي تشكل عرضا سياسيا جديدا، يقوم على التقييم الموضوعي والنقد الذاتي الشجاع للتجربة، ليكون بمثابة تعاقد جديد مع جميع الفاعلين.

سابعا وأخيرا، بغض النظر عن التحليل السياسي الذي يمكن أن يكون محل اختلاف في التقدير السياسي، فإن الوقائع والأحداث الغزيرة التي سردها الحوار تكتسب قيمة في حد ذاتها، من أجل فهم طبيعة نظامنا السياسي وفهم التعقيدات الواقعية التي تواجه كل مؤمن بالإصلاح في نطاق المؤسسات..

توضيحات ضرورية:
قبل أن أستعرض الخلاصات التي ظهرت لي مهمة في حوار الأستاذ الرميد، أود أن أتفاعل مع بعض الملاحظات التي أثارها بعض الإخوة الأعزاء.

الملاحظة الأولى تتعلق بالتوقيت.
ما فهمته من خلال شهادة الصحافي الذي أنجز الحوار هو أن طلب الحوار كان قبل سنتين وأن التسجيل الكامل للحوار تم قبل شهر رمضان وأن البت تم خلال هذا الشهر الكريم، الذي تزامن مع استحقاق تنظيمي هام وهو المؤتمر الوطني التاسع للحزب، وما فهمته من تعليقات بعض الإخوة أن هناك نوع من التوجس في إمكانية التأثير السلبي لهذه الشهادات على مجريات المؤتمر..

شخصيا لا يمكنني إلا أن أؤكد بصفتي عضوا للجنة التحضيرية للمؤتمر، ولكوني حضرت في جميع المؤتمرات الوطنية لحزب العدالة والتنمية منذ 1999، أن مؤسسات حزب العدالة والتنمية لا يمكنها أن تتأثر سلبا بأي نقاش سياسي مسؤول يتضمن وجهة نظر معينة، وأعضاء حزب العدالة والتنمية لهم من الحصانة والمناعة والثقافة والوعي ما يحصنهم ضد أي تأثر سلببي، لأن الأفكار القوية والصائبة تجد طريقها لقلوب الأعضاء سواء جاءت على لسان الرميد أو غيره، أما الأفكار الضعيفة فلا تصمد أمام العقل والمنطق، أما القول بأن خرجة الرميد “مأمور بها” فهذا يطرح أكثر من سؤال على نوعية التربية التي تلقاها أصحاب هذا الكلام، لأن هذا يسمى بمعايير التربية الإسلامية “بهتان” و”افتراء” اللهم إذا كان هناك دليل مادي ملموس عليه.

ولعل من أهم الخلاصات التي ينبغي استيعابها أن ثقافة “التخوين” و”التشكيك في النوايا” كانت من أخطر العوامل التي أضعفت تنظيمات سياسية قوية يسارية وإسلامية، ودمرتها من الداخل، ولذلك : “فمن كان ناقلا فالصحة ومن كان مدعيا فالدليل”.

من حق الجميع أن يختلف مع الأستاذ الرميد أو مع غيره ومن حقه أن يكون له تقدير سياسي مختلف، وشخصيا اختلفت معه في محطات عديدة، ولكن لا يمكنني أن أسمح لنفسي ( والنفس أمارة بالسوء) أن أشكك في نواياه، وحتى إذا كان الهدف من هذه الخرجة في هذا التوقيت هو وضع أعضاء الحزب في صورة ما يتصوره صاحبه وقائع وتحليلات مهمة، فلا أرى أي عيب في ذلك، مادام أن الرأي حرّ والقرار ملزم بالنسبة لأعضاء الحزب، فما بالك بشخصية اختارت الاستقالة من حزب العدالة والتنمية ومن العمل السياسي المنظم، فهذا من باب أولى ليتسع صدرنا للقبول بالاختلاف وتحمل وجهات نظر مختلفة.

الملاحظة الثانية: التخوف مما يسمى “نشر غسيل الحزب” خارجيا”

صراحة كل ما أثاره الرميد فيما يتعلق بملاحظاته على أداء بعض القيادات بعد 2017، جاء في معرض الرد عن مواقف وتصريحات صدرت بشكل علني، وهو ليس خافيا على المتابعين، وهو معروف – في معظمه ٠ عند أغلب الأعضاء، ومع ذلك كان يمكن للأستاذ الرميد تجاوز بعض الوقائع والأحداث التي ربما خلفت لديه آثارا سلبية على نفسيته( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) ، وإن كان تحلله من المسؤولية الحزبية يجعله في موقع بيان أسباب استقالته وبيان أسباب ارتباك التجربة في المرحلة الثانية. والرأي عندي، كما طالبت مرارا هو القيام بتقييم موضوعي بمشاركة كل من ساهم في هذه التجربة، ليس بغرض تحديد المسؤوليات ولكن بغرض استنتاج العبر من أجل المستقبل…
“هوِّن عليك فما هي إلا دنيا”.

قولة قالها أبو عُبيدة بن الجراح مُواسيًّا عُمر بن الخطاب قائلًا:
يا عُمر،
إنّما هيّٰ أيامٌ ونَمْضِي؛ لا تحزن
فبكىٰ عُمر وقال:
كُلنا غَيّرتنا الدُّنيا إلّا أنتَ يا أبَا عُبيدَة…

الخلاصة الأولى: تنوع السرديات..

من المهم جدا الاستماع إلى الروايات المختلفة حول الوقائع والأحداث وعدم الاكتفاء بالرواية الواحدة، ليس تشكيكا في أي رواية، ولكن الحقيقة ليس لها لون واحد خصوصا عندما تكون زوايا النظر مختلفة باختلاف طبيعة التكوين والتركيبة النفسية وحجم المعطيات المتوفرة لدى الفاعل القريب من دائرة صنع القرار التي ليست هي نفسها عند البعيد، ولذلك فكل ما قيل حول تاريخ النشأة، العلاقة بالسلطات المركزية، الظروف التي أحاطت ببعض القرارات الصعبة، بعض الحيثيات والتفاصيل التي لا ترى بالنسبة للعضو العادي..، كل ذلك يبقى مفيدا للفهم والاستيعاب.

لدينا تقليد بيداغوجي في الجامعة، هو منع تدريس مجزوءتين بيداغوجيتين في نفس الفصل من طرف نفس الأستاذ، كما يمنع على الأستاذ تدريس الفوج الواحد لفصلين متتاليين، وذلك منعا لتنميط الأفكار والمناهج لدى الطلاب وتدريبهم على تنوع واختلاف المقاربات وعدم تنميط طريقة تفكيرهم..

إن من أخطر آفات العمل التنظيمي التي لا يشعر بها من انغمسوا في العمل التنظيمي هو التنميط الممنهج لطريقة التفكير بل وحتى لطريقة التعبير في بعض الأحيان وتبني نفس المصطلحات والمعجم اللغوي، ويمكن أن يصل هذا التنميط إلى درجة نوع من الاستيلاب ومحو شخصية الفرد وذوبانها وقتل روح الإبداع والنقد لديها، ولذلك من المفيد الاستماع إلى السرديات المختلفة وتنويع المصادر، قبل تشكيل الموقف.. والتثبت من الروايات والتبين في صحتها قبل إصدار الأحكام وهذا منهج مطلوب في جميع الحالات والمواقف..

الخلاصة الثانية: فهم التعقيدات المحيطة بصناعة القرار السياسي

إن حجم المعطيات والتفاصيل التي أدلى بها الاستاذ الرميد سواء فيما يتعلق ببعض الوقائع المهمة في الحياة السياسية المغربية المعاصرة، مثل تجربة الحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل للعدالة وكيف تشكلت، أو كيفية تشكيل الحكومة الاولى والثانية، أو في الطريقة التي بها تم حل التوتر مع فرنسا سنة 2015 وكيف قاد الرميد المفاوضات مع المسؤولين الفرنسيين بالتنسيق مع ملك البلاد الذي كان يتابع أدق التفاصيل، وذلك من أجل إعادة النظر في اتفاقية التعاون القضائي مع فرنسا، والحيثيات المحيطة بالتطبيع والابتزاز الأمريكي للمغرب، وكيف تورط رئيس الحكومة آنذاك سعد الدين العثماني في واقعة التوقيع، والاقتراح المهم الذي اقترحه الرميد على العثماني بتقديم استقالته من رئاسة الحزب أمام المجلس الوطني ووضع مؤسسات الحزب أمام مسؤوليتها..وغير ذلك كثير من المعطيات المفيدة بالنسبة لمن يريد أن يفهم كيف تشتغل العلبة السوداء لصناعة القرار في المغرب..

بالإضافة إلى المعطيات المتعلقة بالعلاقات المبكرة بقادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكيف كانت تنظر إليها باقي مؤسسات الدولة، والعشرية السوداء بالجزائر وكيف كانت تقرأها السلطات المغربية…

بكل موضوعية، اطلعت على الكثير من المذكرات لقادة سياسيين بارزين ولم أجد مثل هذه المعلومات والتفاصيل التي لازالت تحتفظ براهنيتها، وهي معطيات مفيدة لكل من يريد أن يفهم النسق السياسي المغربي، والموقع الحيوي الذي يمكن أن يقوم الفاعل السياسي الإسلامي..

وهي كلها معطيات تفيد خصوصية التجربة المغربية ولا مجال لمقارنتها بأي سياق سياسي آخر، أو استدعاء بعض الصور الدراماتيكية لتجارب حركات إسلامية أخرى وإسقاطها بشكل فج على التجربة المغربية…

الخلاصة الثالثة: حول ضرورة التوازن في تقييم الخطاب السياسي.

يظهر من خلال حلقات الأستاذ الرميد أن جزءا كبيرا من المشاكل التي أحاطت بهذه التجربة، كانت مرتبطة بالذات الحزبية وخاصة خطاب الأستاذ عبد الإله بنكيران الذي كان يخلف ردود فعل صعبة في كثير من الأحيان، وأنا لا أقلل من دور هذا العامل في إعطاء فرصة للبعض لإثارة ماديمكن تسميته بـ”الوقيعة” بين المؤسسة الملكية وحزب العدالة والتنمية، وكان يمكن تجنب بعض الخطابات المثيرة بالاشتغال المكثف على المعجم السياسي وتفويت الفرصة على المتربصين( بالمناسبة أنا مندهش ومنبهر بالقدرة العجيبة لشخص جهادي مثل أبو محمد الجولاني/ الرئيس السوري أحمد الشرع حاليا، وقدرته على التكيف مع مستلزمات الوضع الجديد بسرعة هائلة، وهو التكيف الذي كانت وراءه تدريبات مكثفة سأحكيها في فرصة قادمة بحول الله) لكن، في نفس الوقت علينا أن نعترف بأن الخطاب السياسي للأستاذ عبد الإله بنكيران كان يمثل قوة تواصلية هائلة نجحت في تبسيط الخطاب السياسي للناس ونجحت في إشراك قطاعات مهمة من الجمهور في متابعة التدافع السياسي الدائر، وساهمت في الحفاظ على شعبية الحزب ومكانته لدى الناس، وهو ما ظهر بجلاء خلال الانتخابات الجماعية لـ2015 والتشريعية ل2016..، وهذه عملية ضرورية في مراحل الانتقال أي بناء رأي عام قادر على خلق التوازن ودعم مسار البناء الديموقراطي عن طريق احتضان القوى الديموقراطية ومساندتها في المحطات الانتخابية..

صحيح أن خطاب الأستاذ بنكيران وهو رئيس الحكومة، تسبب في حوادث سير عديدة بسبب خروجه عن التقاليد المرعية في العلاقة مع المؤسسات، وهذا أمر مفهوم، لكن جهات أخرى كانت تدرك أن هذا الخطاب يؤدي إلى تنامي شعبية رئيس الحكومة وشعبية الحزب بالتبع، وهذا ما لا تتحمله الجهات المعرقلة للتحول الديموقراطي..

هنا يطرح التساؤل عن مدى توفر الحزب على رؤية واضحة للانتقال الديموقراطي، أم إنه اكتفى – مضطرا- بتدبير اليومي، بحيث لا ينتهي من معركة حتى يدخل في أخرى، وهو ما يستلزم إعادة التفكير في مقاربة الإصلاح المعتمدة على ضوء الأعطاب التي كشفت عنها التجربة..

الخلاصة الرابعة: في مسؤولية باقي الفاعلين

لقد قدم حزب العدالة والتنمية تنازلات كثيرة من موقع رئاسته للحكومة، من منطلق إيمانه بالشراكة والتوافق من أجل البناء الديموقراطي، لكن هل عبر باقي الفاعلين عن استعداد مماثل لتقديم التنازلات الضرورية لخدمة مصالح الوطن؟؟!!
يظهر من خلال الحوار أن الأستاذ الرميد يعتبر أن من حق الأحزاب السياسية مثلا أن تعرقل بشكل منهجي تشكيل التحالف الحكومي، كما حصل في أعقاب الانتخابات التشريعية ل7 أكتوبر 2016..وأن وهذا من طبيعة “اللعبة الديموقراطية”..!!

والحقيقة أن هذا السلوك يمكن أن يكون في بعض الدول التي حسمت موضوع الديموقراطية وتعتبر الأحزاب السياسية مستقلة في اتخاذ قرارها، لكن بلادنا لازالت تتلمس طريقها نحو بناء الديموقراطية، وهو ما كان يستلزم بناء الثقة بين الفاعلين وإعطاء المساحة اللازمة للأحزاب لممارسة استقلاليتها..

ربما تكون نقطة ضعف حزب العدالة والتنمية أنه لم يفهم أن تشكيل الحكومة ليس شأنا حزبيا خالصا، وكان عليه أن يتصرف على هذا الأساس ولا يراهن كثيرا على ترجمة الإرادة الشعبية المعبر عنها في صناديق الاقتراع إلى مضمون سياسي حقيقي يجد تعبيره داخل المؤسسات..

وحتى داخل الائتلاف الحكومي لابد من استنتاج ما ينبغي استنتاجه، حينما تعمد أحزابا مشاركة في الحكومة، إلى عرقلة الكثير من المشاريع الإصلاحية سواء داخل المؤسسة البرلمانية أو خارجها، وهناك بعض النقابات التي تحولت إلى أدوات في يد مركبات إصلاحية توظفها ضد حزب العدالة والتنمية، وهناك مطالب حزبية بعدم إقرار الدعم العمومي لفائدة الفئات المحتاجة كشرط للمشاركة في الحكومة، وهناك مشاكل أخرى من قبيل التأخر في إخراج بعض المؤسسات الدستورية في وقتها، كما حصل بالنسبة لمجلس المنافسة، وهو ما أثر على الفعالية المتوقعة لإصلاح نظام المقاصة، وهناك الإقصاء المتعمد لعدد كبير من كفاءات الحزب وأطره من تولي مناصب المسؤولية داخل الإدارة وحرمانه من تعيينات مستحقة في المؤسسات العمومية وباقي مؤسسات الدولة على غرار باقي الأحزاب، بالإضافة إلى العديد من الوقائع والصور والأحداث التي يمكن الاستطراد في توصيفها والتي تعني شيئا واحدا، وهي أن التجربة لم تكن مؤطرة بتصور واضح مترافع عليه باستمرار من أجل الانتقال الديموقراطي..

وهو ما سأفصله في الخلاصة القادمة.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء
19°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة