موت بابا الفاتيكان.. الاستيلاب الكبير للمثقفين الناطقين باللغة العربية

28 أبريل 2025 00:58
الكنبوري يستغرب حال من يطالب برفع التجريم عن الخيانة الزوجية والإجهاض والشذوذ ثم يطالب بالإصلاح الديني!!

هوية بريس – د.إدريس الكنبوري

من علامات الاستيلاب الكبير للمثقفين الناطقين باللغة العربية المديح الذي كاله بعضهم للبابا فرانسيس الذي توفي قبل ستة أيام، حيث وصفوه بأنه كان رجلا حوار، وأضحكني كاتب مغربي وصفه بأنه “أعظم بابا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية على الإطلاق”، بل ضحكت إلى حد الألم.

كثير من المثقفين العرب يحبون الظهور بمظهر التقدم والتحضر حبا جما، ويفهمون التقدم والتحضر على أنه وضع قناع يشبه وجه رجل أجنبي، وهم يعيشون بهذا القناع زمنا طويلا، لذلك يرفضون النظر في المرآة حتى يظلوا مطمئنين إلى التقليد وإقناع أنفسهم بأنهم آخرون غيرُ هُم.

ويمثل الموقف من البابا هذا التقمص للشخصية الغربية خير تمثيل، وهو ما يرفع هذا التقمص إلى الدرجة العليا بالتماهي مع الكاثوليك، فالمثقف المتمدن والمتحضر يتقمص حتى الشخصية الكاثوليكية عندما يتعلق الأمر برجل الدين المسيحي، ويتقمص الشخصية الأوروبية عندما يتعلق الأمر برجل الفلسفة الأوروبي، ولكنه يسرع إلى التجرد من القميص الفلسطيني أو المسلم لأن التمدن لا يدمجهما في كيانه، فإذا فعل ذلك وتبنى القضية الفلسطينية أو قضايا المسلمين فهو لا يختلف في مواقفه عن صحفي فرنسي أو كاتب ألماني أو معلق سويسري، بحيث تظل مواقفه محايدة من بعيد فقط ومتعاطفة فحسب.

لقد كان البابا فعلا رجل حوار، لكنه كان رجل حوار بين المسيحيين الأوروبيين، بين المسيحيين واليهود، ومثله مثل سائر البابوات كان يمطر المسلمين بالكلمات ويعطي للإسرائيليين التأييد والنصرة، والله وحده يعلم ماذا كان يفغل في السر، لأن الفاتيكان كله أسرار وخفايا، ولا أعتقد أن هؤلاء المثقفين لم يقرأوا أو لم يتابعوا ما كتب عنه وعن الفاتيكان من مؤلفات ودراسات وتحقيقات حول الفضائح الجنسية والمالية والمكائد داخل الفاتيكان، ولكن الفضائح الدينية والسياسية ستكون بالتأكيد أكبر، إنما لأن الأوروبيين لا يهتمون كثيرا بالمسيحية كديانة فإنهم يولون اهتمامهم إلى الجوانب الجنسية والاقتصادية لأنهم يتعاملون مع الفاتيكان على أنه دولة كأي دولة، وبالتالي فإن ما يهمهم نفس الجوانب التي تهمهم في الحكومات الأوروبية، الفضائح الجنسية والمالية وسوء التدبير.

ومع ذلك ومهما كان الأمر لا أرى ما يمكن أن يجعل المثقفين العرب يهتمون بموت البابا، فأحرى إطراؤه، خصوصا عندما يكون هؤلاء من أنصار العلمانية، ولكن هذه المواقف تبين لنا فعلا كم أن المثقفين العرب يتعاطفون مع المسيحيين كفرع عن تعاطفهم مع أوروبا، ويرون بأنه طالما أن أوروبا متقدمة فلا بد أن المسيحية متقدمة أيضا لأنها توجد في أوروبا، فهم مثل عاشق ولهان يعشق امرأة ويرى أن اعتناق ديانتها شرط في الزواج منها.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة