“الإخوان المسلمون” أم الإسلام.. من المستهدَف؟؟

03 مايو 2025 18:58

هوية بريس – إبراهيم الطالب

سؤال: من المستهدَف مما يجري في كل بلاد المسلمين؟

يجرنا إلى الحديث عن المستهدِف -بكسر الدال- أولا؟؟

إذ الحديث عن المستهدِف جزء من توضيح حقيقة المستهدَف، وفي الموضوع بالذات هناك تضليل كبير وتعمية عن الهدف، ففي الظاهر هناك حرب على “الإخوان المسلمون”، في وسط حرب كبيرة على التطرف والإرهاب.

وفي نفس الوقت أصبح الجميع حتى من غير المسلمين يوقن أن الحرب هي ضد الإسلام، اختزلت في تيارين كبيرين هما: الإخوان المسلمون والسلفية بتياراتها ما عدا المدخلية.

لذا نجدهما في بوتقة حرب أمريكا وأوروبا على التطرف والإرهاب، لذا وجدنا من يصنف “الإخوان” حركة متطرفة ومنهم من يصنفها إرهابية رغم تبني تنظيماتهم للمنهج الديمقراطي في الوصول إلى الحكم.

لكن نتساءل: لماذا تمتد الحرب على التطرف والإرهاب إلى مقومات الإسلام وأصوله ومعتقداته؟

ويزداد التساؤل حدة عندما تستهدف الحرب مقومات الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية ورموزها، وتتخذ في كثير من الأحيان شكل إجراءات وقوانين وقرارات ما عرفها المسلمون عبر تاريخهم المديد، نالت من مقررات الدراسة ومناهج التعليم وضيقت على الجمعيات ذات التوجه الإسلامي، بل وصل الأمر إلى المساجد وخطبة الجمعة والوعظ، كل ذلك بذريعة الحرب على التطرف والإرهاب.

وعندما نرجع لرأس الخيط يتجلى بوضوح بل بتصريح واضح، أن من يقود الحملة على “التطرف والإرهاب” هو أمريكا والغرب، وتسخر في ذلك جيوشا من الكتاب والمؤثرين من العلمانيين والنصارى والمتصهينين وكثير من السذج من أبناء المسلمين، بل تطور الأمر إلى نشوء طائفة يسمِّيها المسلمون اليوم بـ”المدخلية” تخصصت في حمل لواء إسقاط العلماء خصوصا ذوي المشاريع المناهضة للغرب والاستبداد، بتهمة تم التأصيل لها بعناية وهي تهمة “القطبية” واشتغل على هذه التهمة لسنوات حتى أصبحت اليوم توجب السجن في السعودية والإمارات الدولتين المتخصصتين اليوم إلى جانب مصر في حرب “الإخوان” و”السلفيين من غير المدخلية، والعجيب أن هذه الفرقة أوصت بها تقارير مركز راند خيرا، وذلك في السنوات الأولى لانطلاق الحرب على الإرهاب.

فهل المستهدِف هو هذه الدول وأنظمتها وغيرها من الدول العربية التي ترى في هذه التيارات تهديدا لوجودها، وسحبا للشرعية الدينية منها خصوصا بعد اتخاذها مسلك التطبيع مع عدو الأمة الأول وهو “الصهيونية” التي صارت اليوم عدو كل حر فوق الأرض؟

أم أن دولنا هي وظيفية أيضا في هذا الملف الكبير الذي يستهدف كل عدو لاستغلال الغرب المتصهين لبلاد المسلمين، وكل غيور ينشد إعادة بناء الهوية الإسلامية للشعوب المسلمة.

لفهمه كل هذا، رأينا أن نقوم بجولة تاريخية للعلاقات بين المسلمين والنصارى، للوقوف على حلقات القضية والربط بينها حتى تتجلى الحقيقة.

وأذكِّر في البداية بحدث مهم جدا ثم ننطلق في جولتنا، فبعد وقوع أحداث 11 من شتنبر عزم رئيس أمريكا وبوش الصغير على حرب التطرف والإرهاب، وقام بالإدلاء بتصريحا غاية في الدلالة، وذلك بعد خمسة أيام فقط من الهجمات، (16 سبتمبر 2001) كان ذلك خلال مؤتمر صحفي أمام البيت الأبيض حيث قال:

“This crusade, this war on terrorism, is going to take a while”

وترجمتها: “هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب، ستستغرق وقتاً.”

هذا التصريح يدفعنا لنبدأ جولتنا من الحروب الصليبية، فهي تشكل أهم فصول التاريخ الإسلامي في علاقاته مع الدول النصرانية:

لقد خاض الإسلام حروبا ضروسا مع الدول النصرانية التي كانت تمثلها الإمبراطورية البيزنطية، وتكللت بفتوح الشام، وكان درة تلك الفتوح، فتح بيت المقدس سنة 16 هـ/ 637م.

تسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفاتيح القدس، وسمح لليهود باستئناف ممارساتهم الدينية، بعد أن طردوا منها قبل 500 سنة.

مرت قرابة الخمسة قرون، بعدها أراد النصارى استرداد القدس وفي أوائل القرن الحادي عشر انطلقت الحروب الصليبية لتستمر قرونا.

وهذا الدلالات (حرب صليبية/واستمرارها طويلا/  ينبغي استصحابها في فهم تصريح بوش ووصفه للحرب على الإرهاب، لنفهم من المستهدَف من الحرب التي أطلقها منذ ربع قرن ولا نزال نعيش فصولها.

استمر الصراع بين النصرانية والإسلام قرونا أخرى، وأسفر عن نتيجتين مهمتين ستغيران مجرى العلاقات لقرون:

الأولى: فتح القسطنطينية 1453م، وما يعنيه من انتصار للإسلام وانبعاث له من الشرق، والأخرى سقوط غرناطة 1492م، وما فيه من دلالات قوية، حيث كان نتيجة للحروب التي تسمى في التاريخ الأوروبي بحروب الاسترداد.

 

إذن، خلال تلك القرون الطويلة لم تهدأ المعارك أبدا، بين المسلمين والصليبيين، وكان الدين هو المهيمن الأكبر، والحافز المهم لخوض كل هذه المعارك، التي كانت الدول الأوربية مثل انجلترا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا من أهم محركيها.

بعد هذه المرحلة سيدخل العالم إلى منعطف جديد، حيث سمي القرن 16 القرن المفصلي نظرا للتحولات الجذرية في العالم، والتي شكّلت منعطفا كبيرا وحاسما في التاريخ الإنساني، سواء في أوروبا أو العالم الإسلامي، ومن أبرز أحداثه:

– التحول الديني في أوروبا في ظل ما سمي بالإصلاح الديني، حيث انطلقت حركة مارتن لوثر سنة 1517، والتي أدت إلى انشطار الكنيسة الكاثوليكية وبروز البروتستانتية وفتح الباب للحروب الدينية، وللصراعات بين الملوك والباباوات.

– الكشوف الجغرافية الكبرى، وأهمها اكتشاف العالم الجديد (الأمريكتين)، وتوسّع القوى الأوروبية خاصة إسبانيا والبرتغال ثم إنجلترا وفرنسا.

– نشوء الدولة الحديثة، وبروز ملامح الدولة القومية المركزية، خاصة في فرنسا وإنجلترا، مع تراجع سلطة النظام الفيودالي وسلطة الكنيسة.

وقد مهدت كل هذه الأحداث لأمرين مهمين:

1- النهضة الأوروبية والتطور العلمي.

2- – انطلاق الحملات الإمبريالية الأوروبية وبداية انتقال مركز الثقل الاقتصادي من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلسي.

ومن أهم النتائج كل ذلك، أن الصليب بدأ في الانكسار رويدا رودا داخل بلدانه، فمع التحول من الدولة الدينية إلى الدولة القومية، بدأت المجتمعات تتغير من الدين إلى العلمانية، وسقط النظام الفيودالي الذي ستتأسس على أنقاضه طبقت البورجوازية، التي ستبدأ مرحلتها التاريخية لتتبلور في ظهور النظام الرأسمالي رويدا رويدا مع دافيد ريكاردو وآدم سميث، ستتخلله الثورات الاجتماعية التي اكتسحت أوروبا، والتي سترفع شعار “اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس”، لتعلن أوروبا دخولها في طور العلمنة والقطيعة مع أي تدخل للدين في الشؤون السياسية.

تزامن كل ذلك مع دخول العالم الغربي في ثوراته الصناعية حيث كثر الإنتاح وضاقت الأسواق الأوربية، وتهافتت الشركات على المواد الأولية، لتظهر الحركة الإمبريالية التوسعية.

في الجهة الإسلامية كان المسلمون يحكمهم ثلاث دول كبرى الإمبراطورية العثمانية التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية وتحكم أغلب بلدان العالم الإسلامي، ودولة الصفوية في إيران والإمبراطورية المغربية التي كانت تحكم الغرب الإسلامي والتي بلغت أوجها في زمن الموحدين.

وبعد الهزيمة الكبرى في معركة العقاب (1212م) ضد النصارى الصليبيين، بدأ أفول شمس المغرب الأقصى في شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث ستسقط قرطبة آخر المعاقل الإسلامية هناك، وبهذا سيسدل الستار فيها على حضارة إسلامية دامت قرابة 8 قرون وكانت سببا في نهضة أوروبا بشهادة علمائها اليوم.

لكن دولة الإسلام بقيت قوية رغم ذلك، خصوصا بعد فتح القسطنطينية 1453م، والتي كانت بمثابة الزلزال الأعظم في دول الصليب، حيث ستبقى دولة آل عثمان تحمل راية الخلافة الإسلامية إلى نهاية الربع الأول من القرن العشرين.

المقصود من هذه المقدمة هو بيان استمرار الصراع بين الصليب والهلال منذ زمن النبوة إلى اليوم، وأن علاقات المسلمين بالغرب الصليبي سواء في الأمس أم اليوم، محكومة بالصراع، وهذا ملخص أطروحة أهم مفكري الغرب “صامويل هنتنجتون” والمتمحورة حول نظرية “صدام الحضارات” التي ضمنها مقالته المنشورة في مجلة “فورين آيفيرز” سنة 1993م، هذه النظرية التي حكمت سلوك أمريكا، منذ حرب الخليج الأولى 1990م إلى حرب غزة الجارية.

وهكذا رأينا رجوع الروح الصليبية رغم أن الحرب من أجل الصليب قد توقفت عمليا، بعد أن تحكمت الرأسمالية بليبراليتها وعلمانيتها في العالم الغربي، وبعد أن أعلنت دول أوروبا تخليها عن دينها، وتبنيها لفلسفة الأنوار.

تلك الروح الصليبية تقوت بالجشع الإمبريالي ليتحدا في غزواتهم لدول العالم، حيث بذلت الدول الغربية قصارى جهدها في استعباد الشعوب الأخرى والتنكيل بالمجتمعات غير النصرانية، ليدخل العالم حروبا توسعية انتهت باحتلال الإمبراطورية المغربية وتقسيم الإمبراطورية العثمانية، ليجد المسلمون أنفسكم في كل البلدان وجها لوجه مع جيوش من حفدة الصليبيين الكاثوليك والبروتستانت والذين استبدلوا الصليب في أوروبا بالذهب والفضة، والكنائس بالشركات الكبرى، في حين استبدل الأرثودوكس في روسيا كل ذلك بالمنجل والمطرقة، بعد الثورة البلشفية التي رفعت الشعار الماركسي: “الدين أفيون الشعوب”.

وهنا سيطرأ ثاني أكبر تحول في العالم، وهو خروج الجنس اليهودي من الگيتوات والذل والتهميش إلى اختراق الحكومات وتسلم المناصب العليا في البلدان الغربية، وتشكلت الحركة الصهيونية على يد تيودور هرتزل، مؤلف كتاب “الدولة اليهودية” 1896م، ليردفها سنة بعده بعقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية والذي سيتبنى إنشاء وطن قومي لليهود فوق أرض ترنو إليها أعين كل المؤمنين بالنبوءات.

تغير الحال في العالم واحتدم الصراع والتنافس الإمبريالي بين الدول الغربية وتضاربت مصالحهم، ليتوج هذا التضارب بنشوب حرب عالمية سنة 1914، سيعطى خلالها اليهود وعدا  من طرف حكومة بريطانيا، بإنشاء وطن قومي لهم بعد تمكنهم من عزل السلطان عبد الحميد وصعود جمعية الاتحاد والترقي لإدارة الحكم في بلاد الخلافة.

ستنتهي الحرب بهزيمة الدولة العثمانية وسيبدأ تقسيمها، هنا كما يقول الباحثون اجتمعت مصالح الدول الأوروبية التي كانت ترى في العنصر اليهودي سرطانا يهدد أمنها واستقرارها مع الحركة الصهيونية الناشئة، فعملوا جميعا على تنظيم هجرات متتالية لليهود من أنحاء العالم لتشكيل شعب يهودي فوق أرض فلسطين قلب الأمة الإسلامية، قاوم المسلمون ذلك بكل ما أوتوا من قوة لكن الخيانات المتتالية جعلت الهزيمة مصير كل المحاولات.

في هذا السياق المرير للأمة -والذي شكل فيه سقوط الخلافة وحلها من طرف علمانيي تركيا الفتاة ويهود الدونمة زلزالا بلغت هزاته إلى كل بقاء العالم الإسلامي-، حاولت أطراف كثيرة بعث روح الأمة وإحياء الخلافة الإسلامية من جديد.

وكان من هؤلاء الأستاذ حسن البنا رحمه الله الذي أنشأ جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928م، وسرعان ما توسعت وكبرت، وصار لها وجود في العالم الإسلامي وتأثير في قضاياه الكبرى، وشارك أتباعها في حرب الصهاينة في حرب 1948م، بعد اعتراف العالم الغربي “الصليبي” بدولة الكيان الصهيوني، حيث “قام المرشد العام للإخوان المسلمين الشيخ “حسن البنا” بقيادة العديد من المظاهرات في “الجامع الأزهر” بعد أن ألقى خطبةً دعا الجموعَ فيها إلى القيام بواجب الجهاد المقدَّس ضد اليهود، وطالب الحكومة الملَكَية بتوفير الأسلحة للمجاهدين، فأعلنت الحكومة فتح باب التطوع للجهاد.

وأقام الإخوان معسكرات التدريب للشباب الذين تقدموا للتطوع للجهاد، وبعد اكتمال التدريبات العسكرية، وصلت الكتيبة الأولى من المجاهدين بقيادة الشهيد “يوسف طلعت” إلى الأراضي الفلسطينية في شهر (ربيع الآخر 1367هـ = فبراير1948م)، وقد تتابعت كتائب المتطوعين من المجاهدين بعد ذلك إلى أرض “فلسطين”.

أما في المغرب فكانت فرنسا تسوم القبائل المغربية سوء العذاب تقتل النساء والأطفال وتتبع ما يسمى في الحروب بسياسة الأرض المحروقة، وكذلك كانت تفعل إسبانيا، الأمر الذي جعل قيادات الجهاد تعقد الهدنة وتتخلى عن القتال، حيث استسلم البطل عبد الكريم الخطابي 1925 وكذلك عسو وبسلام 1933م، وبهذا سينتهي الجهاد المسلح في المغرب، بعد أربعين سنة من التضحيات الجسام.

نخلص بعد هذا السرد أن المعارك لم تتوقف أبدا، ودعوات الجهاد لم تنقطع على الإطلاق نظرا للاعتداءات الكبرى للدول الغربية المتصهينة، ولواجب رد العدوان عن بلاد المسلمين، لهذا فالقاسم المشترك بين طالبان والإخوان وحماس والجولاني وجبهته، كان هو الجهاد ضد الغرب الذي تقوده أمريكا منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، فطالبان اليوم تحكم أفغانستان بعد عقود في طريق الجهاد، وأحمد الشرع يحكم سوريا وقد وصل إلى عرشها عن طريق الجهاد، والإخوان وصلوا إلى عرش مصر وتم الانقلاب عليهم من طرف الصهاينة والأمريكان، وحماس منذ قرابة ال 40 سنة وهي تدافع عن فلسطين والأقصى رافعة راية الجهاد.

هذه حقائق واضحة موضوعية وجب بيانها بغض النظر عن القناعات الشخصية أو الانتماءات العقدية، خصوصا أن الصحافة العربية المتصهينة والأحزاب العلمانية وكثير من الأنظمة العربية تحاول التشغيب عليها، وخلطها بالمغالطات والكذب.

إن السيرورة التاريخية للقتال بين المسلمين ودول الغرب طيلة 14 قرنا، توقفت اليوم بعد إخضاع الدول التي نشأت بموجب ما خَطَّه سايس وبيكو وهما يضعان خريطة دول العالم الإسلامي الجديد، والتي ستمنح فيما بعد استقلالات توافقية، جعلتها تابعة للغرب، ناهيك عن ولاءات أغلب حكامها للصهاينة ودول الغرب الذي يضمن استمرارها.

في ظل هذه حروب تم تفكيك كل البنيات الاجتماعية التي كانت تُنْهض المسلمين لتأسيس دول جديدة قوية تقوم بواجب الدفاع عن الدين والمسلمين، ومن أهم هذه المؤسسات مؤسسة القبيلة، التي كانت بمثابة دويلات صغيرة، لها وسائل إنتاجها وسلاحها ورجالها وأرضها.

وبعد سقوط نظام الخلافة العثماني والسلطنة المغربي، وتفكيك القبائل ونزع سلاحها، يمكن اعتبار نشوء الجماعات الإسلامية بمثابة نتيجة حتمية لاختفاء دور القبائل والزوايا وبنيات العلماء، فهذه الجماعات الإسلامية تحاول -منذ قرن- القيام بكل الأدوار التي كانت تقوم بها مؤسسات الحكم والعلم وكذا الوظائف التي كانت تؤديها المؤسسة الاجتماعية التي كانت تؤطر المجتمع المسلم (وهي القبيلة).

ثم لنا في الأخير أن نعيد السؤال من المستهدَف هل الإخوان المسلمون أم الإسلام؟؟

ما يدل عليه الواقع خلال ما أسماه الغرب بالحرب على التطرف والإرهاب والتي عرفها بوش بالحرب الصليبية، هو أن المستهدف هو الإسلام، لهذا تم اتخاذ عدة تدابير للحيلولة دون تأدية الخطاب الشرعي لدوره في استنهاض الأمة لاستئناف دورها الحضاري في قيادة العالم بوصف دينِها هو آخر رسالة لرب الكون إلى خلقه فوق الأرض، فالغرب يعلم أن قوة المسلمين في عقيدة الإسلام ومنظوماته السلوكية والفقهية، وأنها كلما وجدت من يطبقها أعادت تشكيل دولة للإسلام، لهذا رأينا الاهتمام الكبير للغرب وأمريكا بتجديد الخطاب الإسلامي، وكان العرض منه أن يُهذَّب حتى لا يزعج الجيوش الأمريكية ولا يهدد مصالحها الاستراتيجية في بلاد المسلمين.

بعد هذه الجولة التاريخية نعود إلى إشكالية الموضوع لنلخص الجواب:

المستهدف هو الإسلام بعقيدته ودينه ومنظوماته السلوكية والفقهية، أما “الإخوان المسلمون” أو السلفية بتياراتها، فالحرب عليها جميعا من طرف أمريكا والغرب، يندرج ضمن الحرب على كل من يهدد المصالح الاستراتيجية للغرب وللصهاينة، هذه الحرب التي تستوجب في نظرهما استئصال كل مَن يحمل فكرة تطبيق الشريعة بكاملها (وليس الحدود الجنائية منها فقط كما يوهمه العلمانيون)، ويتأكد ذلك في حق كل من يعمل حتى يصل الإسلام إلى سدة الحكم في بلاده.

ولهذا أول ما قامت به أمريكا وحلفاؤها في حربهم الصليبية هو محاربتهم، دولة طالبان الأولى (1996-2001) وإسقاطها وتشكيل حكومة كرزاي الكركوزية الوظيفية، رغم كون طالبان حركة تقليدية لا علاقة لها بالإخوان ولا السلفيين فهي حركة ديوبندية لا تخرج عن مذهب البلاد الحنفي ومتأصلة في المجتمع الأفغاني، أما الأحداث التي جرت وابن لادن وتنظيم القاعدة فتلك مجرد تفاصيل فقط.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة