الفساد الذي عمر وتمدد في بلادنا أفقد الناس الثقة في القانون

23 مايو 2025 21:13
إدريس الكنبوري يطرح تساؤلات حول "التعديل الحكومي" والعلاقة بين مطلب الكفاءات ومطلب التقليص العددي؟

هوية بريس – متابعة

كتب الدكتور ادريس الكنبوري “ما زالت فضيحة بيع الشهادات الجامعية في أكادير تتفاعل وسط الرأي العام، وتظهر أسماء مسربة للمستفيدين من هذه الشهادات على مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل أن يقول القضاء كلمته الأخيرة، مع ما في ذلك من إساءة إلى بعض الأشخاص الذين قد يكونون أبرياء”.

وأضاف الكاتب والباحث المغربي في منشور له على فيسبوك “ولكن لماذا لا يحترم المواطنون القانون وينشرون الأسماء في تجاوز للأخلاقيات وقرينة البراءة؟ الجواب بسيط، وهو أن الفساد الذي عمر وتمدد في بلادنا أفقد الناس الثقة في القانون، وقد أدركوا بالتجربة أن القانون لا يحترمهم فأصبحوا لا يحترمون القانون، ولذلك فإن من يعطي الدروس اليوم حول احترام القانون عليه أن يبحث في جذور الأزمة، وأن يعرف بأن من بين الذين ينشرون هذه الأسماء أشخاصا متعلمين يعرفون تلك الدروس التي تظل مجرد دروس على الورق لا يحترمها من كتبها فأحرى من قرأها”.

وتابع الكنبوري “لكن فضيحة أكادير ليست سوى شجرة صغيرة وراءها غابة، والاكتفاء بمعالجة الشجرة المسوسة وحدها لن يعالج الغابة، لأن الشجرة المسوسة قبل أن يتم اقتلاعها يكون السوس قد انتقل إلى الشجرات القريبة، ثم يستمر الدور. ولأن الموضوع هذه الأيام هو موضوع الجامعة فقط من بين قطاعات أخرى، فإن الجامعة في المغرب تعرضت لاختراق رهيب من طرف الفاسدين منذ زمن بعيد، وأصبحت فيها عصابات للتوظيف وبيع الشهادات والتزكيات ومحاربة الكفاءة والوطنية والنزاهة، ولو فتحت الدولة مكتبا لتلقي الشكايات بصوت عال لسمعت أمورا يشيب لها الولدان”.

وأحد وجوه الفساد في الجامعة، حسب الكنبوري “أن أعضاء هيئة التدريس لم يعد لهم حق الكلام، وانقسموا بين فئة صامتة بدافع الخوف وفئة منتفعة من الصمت وفئة تنتظر أن ينفعها صمتها، فهي ثلاث فئات فئتان منها من المنتفعين، وما يقال على سبيل المجاملات دائما في مثل هذه النوازل بأن هناك قلة فاسدة وأغلبية صالحة غير صحيح، ومثل هذه المجاملات لا تصلح في مجتمعنا، فهناك قلة فقط من النزهاء، والبقية جماعة من المنتفعين والمنافقين لأسباب عدة، على رأسها الطمع في التقرب من الجهات النافذة أو الاستفادة من الإدارة أو غياب الثقة في النفس أو التغطية على الضعف الأكاديمي أو التسابق على التعويضات أو السفريات أو المسؤوليات، وقد عانيت الكثير من هذه الممارسات شخصيا وخبرت الجامعة عن قرب ونفضت يدي منها بعد أن رأيت بعيني عصابات لا علاقة لها لا بشرف العلم ولا بفضيلة الوطنية”.

كما أكد الكنبوري أن “هيئة التدريس تتحمل المسؤولية الكاملة عن جميع الفضائح التي تحصل داحل المؤسسات الجامعية، بسبب سكوتها والتزامها الصمت. فلا يمكن أن تكون مظاهر الفساد خافية عن الجميع”، مستدركا “ولكن الفساد الجامعي ليس سوى جزءا من الفساد الثقافي المنتشر في المغرب، بل إن الفساد الثقافي السائد في المغرب خرج من الجامعة، وذلك في إطار انفتاح الجامعة على محيطها، فالارتزاق الذي انتشر في أوساط محترفي الثقافة خرج من ارتزاق محترفي التدريس، والعصابات الثقافية خارج الجامعة هي ابنة العصابات الجامعية داخل الكليات”.

وأضاف “وقد انتشر في الوسط الجامعي والثقافي داء المفارقة بين الكلمة والممارسة، فالمحاضر في الأخلاق بعيد عن تطبيقها، والمحاضر في حقوق الإنسان أكبر نصاب، والمحاضر في القانون محتال على القانون، إلا من رحم ربك وما أقلهم، وهذا ليس سوى انعكاس لما يجري في السياسة، حيث البرنامج الانتخابي في واد والسلوك المدني في واد، وحيث من يتولى الأمانة أول من يخونها”.

وفي آخر منشوره تساءل الكنبوري “ألا تحتاج أوضاعنا إلى نقاش عمومي، أم أن النقاش العمومي عبارة فضفاضة أصبحنا نستهلكها كنوع من الإدمان؟ وماذا نناقش أمام العموم إذا لم نناقش أمراضنا المهلكة؟”.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
13°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة