لماذا يغزو شبح الانتحار اللادينيين؟

31 مايو 2025 21:54

هوية بريس – عبد الله العبولي

من المعروف لدينا كمسلمين اعتقادنا الجازم بالبعث بعد الرقود، والإحياء بعد الإماتة، وهذا ما يجعلنا أقوياء عند كل مصيبة تصيبنا أو مشكلة تواجهنا، فنحن نوقن أن هذه الدنيا فانية وأنها مجرد دار اختبار وامتحان، وأن ما أصابنا مكتوب ومقدر علينا منذ الأزل، وكل ذلك ما هو إلا ابتلاء من الله عز وجل ليميز الخبيث من الطيب، وليرفع درجاتنا، ويحط من سيئاتنا، لذلك تجد المؤمن الحق صابرا محتسبا ولا يشتكي لما أصابه، يقابل الابتلاء بالصبر، والنعمة بالشكر، فيكون كما قال صلى الله عليه وسلم: “عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كلَّهُ خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ: إن أصابَتْهُ سرَّاءُ شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابَتْهُ ضرَّاءُ صبرَ، فكان خيرًا له“.

وهذا ما يجعل المؤمن مطمئنا إذ أن كل ما يصيبه هو من عند الله وما الناس إلا وسائل وأسباب لتصريف أقدار الله عليه، فيعيش بذلك مرتاح البال مستريح الأعصاب.

وعلى الجانب الآخر يبرز لنا من جنح غياهب الظلمات من لا يؤمن بوجود خالق لهذا الكون، ويرى أن الكون أحدث صدفة (و هو أبعد ما يكون عن ذلك)، ولا يرى معنى للحياة، يرى المسكين أن حياته أشبه بفلم ينتهي بكتابات تصعد من أسفل الشاشة إلى أعلاها، وسيظل نائما إلى ما لا نهاية، وطبعا يعتقد أن هذه النومة الأبدية ستكون أهون بكثير من الحياة التعيسة المليئة بالمشاكل وسوء الحظ التي يعيشها، فيقرر بكل بساطة أن ينتحر لينتقل من عالمه البائس إلى جنة النوم الأبدي، ويا له من اعتقاد مولود من رحم الغباء.

إن اللادينيين بنوعيهم هم أشد الناس بؤسا وشقاء، إذ أن الصنف الأول منهم لا يملكون دافعا للاستمرار عند الشدائد، ففي وقت غياب المال أو الصحة أو السعادة، لا يجدون ما يخرجهم مما هم فيه سوى قتل أنفسهم، وحتى من لا يصاب بشيء فإن هناك شيئا يجعلهم يشعرون بعدم الارتياح، وهو السؤال المتكرر الذي يدق آذانهم باستمرار، ما الغاية من هذه الحياة؟!

فتجدهم ينغمسون في ملذات الحياة وصخبها من خمر ومخدرات بمختلف أنواعها لينسوا أنفسهم هذا السؤال والحاجة الملحة لتلقي إجابة، وسرعان ما يعود ذلك السؤال المزعج لأذهانهم فور العودة لوعيهم.

وأما النوع الثاني وهو ما أسميه بـ”المنسلخ” هو أشد غباء من الأول، إذ أنه يرى أن تعاليم دينه تمنعه من كثير من ما تشتهيه نفسه من المحرمات، من شرب وزنى ومخدرات، ولكي يستريح من تأنيب الضمير فإنه يقنع نفسه أو أنه يجاهد لإقناعها، أنه لا يومن بذلك الإله الذي يفرض عليه كل ذلك، وأنه حر، لكن لا يدري المسكين أنه يصير عبدا لنفسه وشهواته فيكون كما قال الله تعالى: (أفرايت من اتخذ الهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهده من بعد الله أفلا تذكرون).

إن اللادينيين لم يكونوا يوما مقتنعين بما هم فيه وإنما هو كره متجذر في داخلهم تجاه كل مظاهر التدين، ويرون الدين مجرد قيد لحرياتهم، والمشكلة أنهم لا يحتفظون بذلك الفكر المتعفن لأنفسهم، بل يحاربون لجعله ينتشر بين الناس، وبدل الاكتفاء بذنب الضلال وحده يزيدون ذنب إضلال الناس ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والله المستعان.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة