رد الفعل العنيف للفوضى المغربية (1906م)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم
** ملخص:
يتحدث النص عن الأثر الذي تركته زيارة وليام الثاني الألماني لطنجة، وكيف أن المغاربة في المناطق الشرقية جنوب وهران، اعتبروها فرصة للتخلص من الاحتلال الفرنسي لمناطق الواحات، فأوقف ممثلو المخزن التعامل الودي مع ممثلي فرنسا في البؤر الاستعمارية في انتظار ما يسفر عنه مؤتمر الجزيرة الخضراء.
** كلمات دالة:
وليام الثاني، ازناكة، باشا طنجة، عامل فكيك، أكادير، تافلالت، مولاي رشيد، بوعمامة، لقنادسة، السلطان عبد العزيز، بني اوكيل، بني بوحمدون، سفينة نمور، محمد الدريس.
** النص:
نشرت جريدة le temps في 15 المعلومات التالية عن التأثير الذي أحدثه الدعم، المقدم للمخزن من قبل الألمان على الحدود.
في اليوم الموالي لزيارة وليام الثاني لطنجة، تلقى ممثل المخزن في وجدة، الأمر بوقف العلاقات الودية مع السلطات الفرنسية، وبعد ثلاثة أسابيع، توصل عامل فكيك برسالة من باشا طنجة، موجهة لرجال ازناكة، الذين أظهروا لنا في اليوم السابق فقط، ولاءهم المطلق، وعدم التنازل عن مصالحهم معنا.
“كان الوقت يقترب من حلول الألمان محل الفرنسيين” لقد كانت هذه مجرد البداية.
ومنذ ذلك الحين، تضاعفت هذه الظواهر، وأصبحت أكثر دقة، وفي الآونة الأخيرة، كتب باشا طنجة مرة أخرى إلى عامل فكيك، بأن السلطان بدعم من ألمانيا سوف “يطالب” فرنسا بالجلاء عن الواحات الصحراوية التي احتلتها عام 1900.
“في نفس الوقت تم إرسال الأخبار للقبائل الحدودية وهي الأخبار التي جاءت من ممثلي المخزن، منتشرة بالسرعة التي تميز كافة المعلومات السياسية، في البلدان الإسلامية، أن الألمان كانوا ينزلون أسلحة في أكادير مخصصة لسكان تافلالت.
“حاكم هذه العمالة؛ مولاي رشيد، أوصى بالاستعداد “لحرب التحرير” وأضيف أن بوعمامة، كان ينوي أيضا التحرك ضدنا”.
“في 18 من يبراير، عندما أطلق الموقع الفرنسي في بني-ونيف، وابلا من الرصاص، احتفالا بانتخاب السيد فاليير، أخرج عامل فكيك حاميته الصغيرة، وقال “قريبا بفضل الألمان، سوف تتاح لنا الفرصة للفرح أيضا” وأطلق النار تكريما لهذا الأمل”.
“في لقنادسة كان المرابط الذي طلب وقبل بكل سرور بناء حصن محلي (مخطط له في برنامج الاختراق السلمي الذي وافق عليه السيد جوريس سابقا) منذ التدخل الألماني في طنجة وفاس، رفض السماح لنا بالاستمرار في المشروع، الذي قال إنه يضر “بأراضي عبد العزيز””.
“ادوي-منيع الذي كنا نديرهم، بموافقتهم الحرة، بدؤوا في الشكوى منا، لقد نشروا إشاعة مفادها أننا سنضطر قريبا إلى التنازل عن تلزازا، وبركنت”.
وبما أن تشغيل السكة الحديدية بين بن-زيرك متأخرة لأسباب إدارية، فقد أكد عامل فكيك، أن ذلك كان بسبب المنع الذي وجه إلينا من قبل السلطان، بالاتفاق مع الألمان، في كل مكان تقريبا على الحدود.
بدأ التحدث عن “الجهاد” الحرب المقدسة.
وبدون شك فإن السلطان سيقبل كل هذا، وإلا فإنه سيعتبر مسيئا لاستخدام اسم الألمان، وأن الدبلوماسية الألمانية لن تكون مسؤولة عن النشاط المعادي للفرنسيين، الذي سيتواصل تحت رعايتهم على الحدود.
نشرت la gazette de cologne مذكرة تقول فيها؛ بأن هناك تحضيرا لعمل عسكري في المغرب، وبالتالي تأجيج العداء المغربي، فلماذا هذه الصحيفة وغيرها تواصل التأكيد في كل لحظة -خلافا للحقيقة وخلافا للأدلة- على أن فرنسا تدعم الروكي، في حين أنها لم تتوقف أبدا عن العمل ضده؟
“وما هي إذن على نفس المنوال، أهداف الرحلة إلى الجنوب الجزائري، التي قام بها هذا المستشرق الألماني أو ما يسمى، والذي بعد أن أجرى اتصالات، مع رؤساء الجمعيات الدينية الرئيسية، جاء يحمل إلى مطبعة باريسية، كتيبا لطباعته هناك باللغة العربية، كان تحت توقيع زعيم سنوسي، به تحريض ذكي وغادر، يدعو “للجهاد” الحرب المقدسة.
كتيب تم رفضه في باريس لمن قدمه، ثم طبع في القاهرة، أَوَ كان لا بد من مصادرته لاحقا، عند دخوله الجزائر، من قبل السلطات الفرنسية؟”.

في غرب وجنوب وهران:
في 20 يناير وصل لمغنية القايد الحاج ميلود بوبكر من لمهاية، قادما من فاس، مصحوبا بمولاي إسماعيل من أولاد مولاي الحاشور، والسي عبد الرحمان بن الشيخ من اولاد سيدي الشيخ غرابة، الذين عينهم السلطان للتو قادة، الأول في بني اوكيل، والثاني من بني حمليل وبني بوحمدون، هاتان القبيلتان الصغيرتان الأخيرتان احتجتا على إرسال هذا القائد الجديد الذي رفض رجالها التعرف عليه.
في نفس اليوم توجه وفد من قبل كصران من فكيك هما اوداغير، والحمَّام، إلى فاس لمقابلة السلطان، على متن السفينة نمور، وقد استقبلوا في طنجة من قبل السي محمد الطريس، قبل مواصلة طريقهم لفاس.
ويعتقد أنهم سيحتجون أمام السلطان، على التغلغل الفرنسي في المغرب.
في الوقع أن السكان المغاربة الذين يعيشون بالقرب منا، منقسمون بين مشاعر متعارضة؛ فيهم من يتابع المناقشات الجارية في مؤتمر الجزيرة الخضراء باهتمام ويبذل رجال المخزن جهودا واضحة لتمثيل الألمان، باعتبارهم القوة المطلوبة لحماية استقلال المغرب، لكن يبدو أن عامة الأهالي، في القبائل والكصور غير مستعدين لقبول هذه الفكرة.
ليس صحيحا أن هناك نوع من الهدنة تسود في المغرب الشرقي، الأطراف باقون على أوضاعهم، يراقب بعضهم البعض، في انتظار نتيجة الشجار في الجزيرة،
ومع ذلك، فقد تلقت القوات الشريفة بعض التعزيزات لكنها ظلت تموت من الجوع.
وحسب التقاليد المتبعة، عندما يريد قادة الرحا، الحصول على أجور رجالهم، فإنهم يأتون إلى وجدة للمشاركة في مظاهرات صاخبة ومهددة، فيعطيهم الباشا قليلا من المال، وبعض السميد، وبعض الكلمات الطيبة.
في فكيك هرب المخازنية، وكتب عامل فكيك للمفوض الفرنسي في بني-ونيف، بطلب إلقاء القبض على من وصل من الفارين إلى أراضينا، لقد فر من أولئك الجنود 15 جنديا، ابتداء من 17 يناير دون معرفة بالوجهة التي قصدوها.
من وجهة نظرنا، فإن هذه الحوادث ستكون مضحكة، إذا لم تسهم للأسف، في إثارة المخاوف المستمرة لدينا بشأن أمن حدودنا.
في يوم 10 يبراير عند الساعة 11 مساء، نصب أربعة من ضباط الجمارك، كمينا على الضفة اليسرى لنهر تافنا، لقد رأيت مجموعة من المهربين المحليين وأمرتهم بالتوقف، وبما أنهم لم يطيعوا الأوامر فقد انطلقت لمطاردتهم، اقترب المهربون منا، ثم أداروا وفتحوا النار فأصيب ضابط جمارك فرنسي، توفي في اليوم التالي من جراء جروحه الخطيرة، وبعد ذلك عبَر الجرمون نهر التافنا، فارين في اتجاه الشمال.
هذه المسألة الخطيرة تظهر مدى خطورة إعطاء موظفي الجمارك لدينا، تعليمات تجعلهم عرضة لأول نيران من قطاع الطرق، العلاج الوحيد لهذا الوضع هو إصدار أمر لكل ضابط، بإنفاذ القانون، المناوب على الحدود، بإطلاق النار على أي شخص، لا يتوقف عند أول علامة على العنف.
ورغم هذه الصعوبات، يستمر عملنا الاقتصادي بنشاط، تتواصل أشغال مشروع خط السكة الحديدية تلمسان مغنية، بموجب مرسوم 9 يناير 1906، تم فتح جمارك العريشة، لتصدير المنتجات ذات المنشأ الفرنسي للمغرب، معفاة من الرسوم الجمركية، بموجب الشروط المنصوص عليها في مرسوم 17 يناير 1896 والمراسيم اللاحقة بشأن الجمارك.
———-
le contre-coup de l,anarchie marocaine
في: نشرة إفريقيا الفرنسية 1906 ص91-92.



