عبد النباوي: الجريمة العابرة للحدود تستدعي التعاون الأمني والقضائي بين الدول

هوية بريس-متابعات

احتضنت العاصمة الرباط، اليوم الخميس، أشغال الندوة الدولية حول الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، بحضور نخبة من القضاة والخبراء القانونيين وممثلي المؤسسات القضائية والأمنية من عدد من الدول الإفريقية ومن فرنسا، وذلك تحت إشراف المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وفي كلمته الافتتاحية بالمناسبة، رحب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بكافة الوفود المشاركة، مؤكداً أن اختيار موضوع الجريمة المنظمة يعكس وعياً جماعياً بضرورة مواجهة هذه الظاهرة العابرة للقارات، التي تتطلب تنسيقاً أمنياً وقضائياً دولياً شاملاً.

وكشف المتحدث أن شبكات الجريمة المنظمة أصبحت أكثر تعقيداً من حيث البنية والأساليب، مستفيدة من تطور التكنولوجيا، ومن هشاشة بعض السياقات الاقتصادية والاجتماعية، مبرزاً أن أكثر من 60% من الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة تنفذ باستخدام أدوات رقمية أو عبر منصات إلكترونية.

وسلط الرئيس المنتدب الضوء على الوضع الإفريقي، مشيراً إلى أن القارة تُعد من أكثر المناطق تضرراً بسبب استهدافها من طرف شبكات إجرامية دولية تتاجر بالبشر وتنهب الموارد وتغذي النزاعات، مستغلة ضعف آليات المراقبة في بعض بلدان الساحل والصحراء. كما أشار إلى تقارير الوكالة الأوروبية لحماية الحدود (Frontex) التي سجلت ارتفاعاً بنسبة 50% في محاولات تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر البحر الأبيض المتوسط في السنتين الأخيرتين.

وأكد أن المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، جعلت من مكافحة الجريمة المنظمة أولوية استراتيجية، من خلال اعتماد إصلاحات تشريعية ومؤسساتية متقدمة ترتكز على الوقاية والتجريم والردع والتعاون الدولي.

وفي هذا السياق، أشار إلى انخراط المجلس الأعلى للسلطة القضائية في هذا المجهود الوطني عبر دعم التخصص القضائي وتطوير التكوين المستمر للقضاة، وتتبع القضايا المرتبطة بالجريمة المنظمة، إضافة إلى تعزيز التعاون مع الشبكات الإفريقية والأوروبية لتبادل الخبرات.

وشدد السيد الرئيس على أن مواجهة الجريمة المنظمة لا يمكن أن تكون فردية، بل تقتضي تنسيقاً دولياً وتضامناً بين الدول، من خلال إرساء آليات فاعلة لتبادل المعلومات وتعزيز التكوين الأمني والقضائي، خاصة في صفوف القضاة وضباط الشرطة القضائية.

واختتم كلمته بالدعوة إلى جعل هذه الندوة فضاءً لتبادل التجارب وتقييم الممارسات القضائية، بهدف رسم معالم مقاربة موحدة وفعالة في مواجهة التهديدات الخطيرة التي تطرحها الجريمة المنظمة العابرة للحدود، متمنياً أن تكلل أشغال الندوة بتوصيات عملية تسهم في بناء عدالة قوية ومتضامنة واستباقية.