مسرحية إيران و”إسرائيل” والمخرج الأمريكي

24 يونيو 2025 20:30
إدريس الكنبوري يطرح تساؤلات حول "التعديل الحكومي" والعلاقة بين مطلب الكفاءات ومطلب التقليص العددي؟

هوية بريس – د.إدريس الكنبوري

منذ بدأت المواجهة بين إيران وإسرائيل بعد الضربات الإسرائيلية المفاجئة يوم 13 يونيو الجاري، وعبارة “مسرحية” تنتشر بين البعض على مواقع التواصل الاجتماعي لدى شرائح مختلفة بمن في ذلك مثقفون عرب من دول المشرق، وبالطبع في المغرب حيث يفضل البعض استباق مهرجان موازين قبل شهور. فقد اعتبر البعض أن الحرب بين إيران وإسرائيل مجرد مسرحية سبق الاتفاق عليها قبل القصف.

وحتى نوقظ ذاكرة البعض نذكرهم بأن كلمة “مسرحية” انتشرت أيضا في الأيام الأولى للمواجهة بين المقاوومة الفلسطينية وإسرائيل، فقد قيل بأن حماس تؤدي مسرحية مع إصرائيل، وأن إسرائيل هي التي سمحت للحركة بدخول غلاف غز-ة يوم 7 أكتوبر 2023، بما يعني أنها جمعت عددا من الإسرائيليين في الشاحنات ونقلتهم إلى غزة ليكونوا أسرى بيد المقاوومة.
فهناك إذن مسرحيتان في الشرق الأوسط، لأن الموسم موسم المهرجانات.

ولكن أن تكون الحرب في غز-ة مسرحية والحرب بين إسرائيل وإيران مسرحية فهذا يعني أن من يصفون ما يجري بالمسرحية مجرد جماعة من الجهلة، لأن هذا العدد الضخم من المشاركين وهذه المدة الطويلة للمواجهات منذ 2023 إلى اليوم لا يمكن أن يكون في مسرحية، بل في ملحمة، فحتى الثقافة المسرحية تخون هؤلاء. فقد شارك في هاتين الملحمتين جميع الدول الأوروبية وأمريكا، وشارك الإعلام الدولي والشارع العالمي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واليونسيف والمحكمة الجنائية الدولية وجميع المنظمات العالمية والفاتيكان، وكانت هناك شخصيات تظهر فوق الخشبة ثم تغيب، لأن عددا كبيرا من الرؤساء الأوروبيين والأمريكيين زاروا إسرائيل لأداء أدوار قصيرة، أما الأسرى الإسرائيليون فقد سلمت إليهم ضمانات بالعودة بعد نهاية الملحمة. أما الخراب والدمار وسقوط بنايات تل أبيب وإفراغ غزة فمجرد ديكور في الملحمة يتم جمعه بعد نزول الستار.

الذين يقولون بأن ما يجري مجرد مسرحية هم من الزهاد الذين يعتبرون الدنيا مجرد “لعب ولهو وإن الدار الآخرة لهي الحيوان“، ولذلك فالجميع يلعب ويلهو.

العقليات التي تتحدث عن مسرحية هي عقليات ميتة تحب الفرجة ومقطوعة الصلة بالواقع، و”إذا كان الأمر مجرد مسرحية فأين يوجد الواقع”؟

هذه ليس عقلية المؤامرة كما قد يظن البعض، لأن المؤامرة موجودة فعلا، ولكنها عقلية الجمود والتخلف والانعزال تعكس نفسيات مضطربة، وعلامة الاضطراب عند هؤلاء أنهم في الوقت الذي يزعمون بأن كل شيء مسرحية يقولون أيضا بأن إيران انهزمت وحماااس أخطأت، فكيف ينهزم ممثلون وكيف يخطئ من يؤدي مجرد دور في مسرحية؟ أم أن هذا هو التقمص؟

هذا هو الفرق بيننا وبين الشعوب الديمقراطية المتحضرة، بينما تصنع هذه الشعوب المواقف السياسية في الشارع نصنع نحن الخرافات والأوهام، لأن العقليات العاطلة لا تستطيع أن تنتج موقفا أو أن تستوعب الواقع، والأسلوب الوحيد لمواجهة الواقع والانتصار عليه هو عدم الاعتراف به.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
12°
15°
الجمعة
15°
السبت
15°
أحد
15°
الإثنين

كاريكاتير

حديث الصورة