موازين.. استنكار واسع لعروض مخزية تنتهك القيم وتكرس التبعية

هوية بريس – متابعات
لا تزال فعاليات مهرجان موازين، المقام في العاصمة الرباط، تثير موجات من الاستياء العارم بين فئات واسعة من المغاربة، الذين عبّروا عن رفضهم لما وصفوه بـ”التطبيع مع الانحراف الأخلاقي وتغييب القيم الدينية”، في ظل مشاركة فنانين مثيرين للجدل من داخل المغرب وخارجه، على رأسهم فرقة الفتيات الكوريات “إيسبا” و”طوطو” و”نانسي عجرم”، و”روبي” وغيرهم.
العديد من الأصوات استنكرت حالة الانفلات التي رافقت بعض السهرات، والتي امتدت إلى ساعات متأخرة من الليل، متسببة في إزعاج الساكنة، وإغلاق الطرقات، وانتشار مظاهر التحرش، وحتى بعض حالات الإغماء نتيجة التزاحم وغياب التنظيم المحكم. ولم يتوقف الأمر عند الجانب الأمني أو الاجتماعي، بل امتد إلى القيم والمبادئ، حيث اعتُبرت بعض العروض مسيئة للذوق العام ومروجة للابتذال والإثارة الجنسية، تحت غطاء “الانفتاح الثقافي”.
مشاركة بعض الفنانين، من أمثال مغني الراب “طوطو” الذي سبق وأثار جدلا بسبب خطاباته الصادمة ومعاقرته للخمور بشكل علني فوق المنصات، زادت من حدة الانتقادات، خاصة أن عددا من الشباب والمراهقين أصبحوا يتخذون من هذه الشخصيات رموزا ثقافية، في ظل غياب البدائل الأخلاقية والتوجيه القيمي في المنظومة التربوية والإعلامية.
وتساءل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي: أين خطاب الوعظ والإرشاد؟ وأين دور العلماء والدعاة في التوجيه والتقويم؟ في وقت يتم فيه تهميش الأصوات الدينية، ومحاصرة الخطاب الإسلامي المعتدل، الذي يُفترض أن يكون حاضرا في الميدان لحماية الشباب من تيارات الانحراف والتيه القيمي.
ونستحضر ها هنا تصريحا أثار ردود فعل قوية، حيث سبق واعتبر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في وقت سابق أن “مهرجان موازين مسألة خلافية”، في محاولة على ما يبدو للتقليل من حدة الاحتجاجات، إلا أن الكثيرين رأوا في التصريح تبريراً غير مقنع، إذ كيف تكون مسألة خلافية وهي تمس بشكل مباشر أخلاق الجيل الصاعد وصورة المغرب في الداخل والخارج وتقتحم على المغاربة بيوتهم عبر قنوات “وطنية”؟
وفي ذات السياق تذكر مدونون عروض مثيرة سابقة شاركت فيها فنانات مثل جينيفر لوبيز، والتي أثارت آنذاك سخطاً عارماً بسبب ملابسها “الفاضحة” وحركاتها الإيروتيكية الفاضحة من فوق منصة OLM بالرباط، حيث تم بث المشاهد المخزية مباشرة على القناة الثانية في وقت الذروة، وهو ما استدعى انتقادات برلمانية، وصلت إلى قبة البرلمان.
هذا ويرى مراقبون أن استمرار مهرجان موازين بهذه الطريقة، في غياب رؤية ثقافية واضحة تراعي الخصوصية الدينية والمجتمعية، يُسهم في تعميق الشرخ القيمي بين الدولة والمجتمع، ويمنح تيارات اللادينية فرصة لفرض أجنداتها تحت مسمى “الحداثة”، فيما يتم تكميم أفواه الأصوات المحافظة واعتبارها عائقا أمام التطور.
في النهاية، لا يتعلق الجدل حول موازين بالفن في حد ذاته، بل بنوع الفن الذي يُروّج له، وبمن يتحكم في توجيه البوصلة الثقافية للمجتمع. فهل يستفيق العقل الرسمي قبل أن تتسع هوة الانفصال بين الدولة ومواطنيها؟



