اقتصادي مغربي: عمل البنوك الإسلامية إيجابي رغم التحديات الهيكلية

هوية بريس – وكالات
رغم تحديات هيكلية نتيجة ضعف السيولة وتأخر إصدار الصكوك الإسلامية والتأمين التكافلي، تواصل البنوك التشاركية في المغرب تحقيق أداء إيجابي، وسط دعوات لتعزيز الدعم السياسي وتفعيل منتجات مالية إسلامية جديدة كالاستصناع والمشاركة والمضاربة.
وتهدف تلك الأدوات المالية الإسلامية إلى تعزيز قدرة البنوك على تعبئة الادخار الوطني وتمويل المشاريع الكبرى، وفي مقدمتها مشاريع البنية التحتية المرتبطة باستعدادات المغرب لاحتضان مونديال 2030.
وقال الاقتصادي المغربي هشام بلامين، إن عمل البنوك الإسلامية في البلاد يعد إيجابيا رغم ما تواجهه من صعوبات هيكلية.
وأشار في مقابلة مع الأناضول، إلى أن ضعف السيولة والتأخر في إصدار الصكوك الإسلامية يؤثران على تطور المالية التشاركية في المغرب.
وأوضح الخبير في المالية الإسلامية أن ضعف السيولة لدى هذه البنوك يرتبط بتأخر إصدار القانون المنظم لعملها، وإطلاق التأمين التكافلي.
ولفت إلى أن البنوك التشاركية تحتاج إلى مزيد من الدعم والإرادة السياسية لتقويتها، وأنها بحاجة إلى الصكوك الإسلامية، التي ستمكنها من إدارة فعالة للسيولة، وإنشاء سوق نقدي مواز.
** صعوبات بنيوية
وذكر بلامين أن “الصعوبات التي تواجهها المالية التشاركية في المغرب لم تعد تقنية فقط، بل أصبحت بنيوية وأكثر إلحاحا، مثل ضعف تعبئة الادخار الوطني سواء من الأفراد أو الشركات، فضلا عن غياب سوق مواز للسيولة من خلال الصكوك”.
وأكد أن إصدار الصكوك الإسلامية سيمكن البنوك التشاركية من إدارة أكثر فاعلية للسيولة، ويساهم في إنشاء سوق نقدي مواز، لافتا إلى أن المغرب لم يصدر سوى صك سيادي واحد في 2018، مع قرب إطلاق صك جديد خلال العام الجاري.
ودعا إلى تفعيل مجموعة من المنتجات المالية الإسلامية التي لم تفعل بعد، بينها المشاركة والمضاربة والاستصناع والإجارة، مؤكدا أهمية هذه الأدوات لتشجيع الشركات على الاستثمار في هذا القطاع وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
** إصلاحات قانونية
وأرجع بلامين تقييمه الإيجابي لعمل البنوك التشاركية إلى جملة من الإصلاحات في القطاع، أبرزها بناء بنية تحتية تشريعية وشرعية، وإدخال تعديلات على القوانين المتعلقة بالتأمين التكافلي والضرائب، ما أسهم في تقليص الازدواج الضريبي، إضافة إلى تعديل بعض مراسيم ومناشير البنك المركزي ومديرية الضرائب.
ورغم ذلك، شدد على أن القطاع لا يزال بحاجة إلى “مزيد من التمكين المؤسساتي”، خاصة فيما يتعلق بالحكامة والتدقيق الشرعي الداخلي والخارجي، مؤكدا أن “تزايد العمليات المالية يرفع من احتمالات الأخطاء والمخاطر، ما يتطلب تعزيز آليات الرقابة الشرعية والتقنية”.
وبحسب بيانات المركزي المغربي، لا تمثل أصول البنوك التشاركية سوى 2 بالمئة من إجمالي أصول القطاع البنكي في البلاد. ووصف بلامين هذه النسبة بـ”الضعيفة”، مقارنة بتوقعات أولية كانت تشير إلى إمكانية بلوغ 5 بالمئة في السنوات الأولى، وما بين 5 و10 بالمئة خلال عقد.
كما نبه إلى الفارق الكبير بين حجم التمويلات التي منحتها البنوك التشاركية والتي بلغت 35 مليار درهم (3.5 مليارات دولار)، وحجم الادخار في حساباتها الاستثمارية والجارية، والذي لا يتجاوز 12 مليار درهم (1.2 مليار دولار)، معتبرا أن هذا الفرق “يشكل مخاطر هيكلية في حال لم يعزز الادخار العمومي”.
** التمويل بالصكوك
وفي يوليوز الجاري، أعلن محافظ البنك المركزي المغربي عبد اللطيف الجواهري، نية المملكة إصدار صكوك إسلامية جديدة هذا العام، لدعم السيولة لدى البنوك التشاركية والمساهمة في تطوير المالية الإسلامية.
وفي هذا السياق، شدد بلامين على أن “البلاد بحاجة ملحة إلى إدماج آلية الصكوك في تمويل مشاريع البنية التحتية والمبادرات الكبرى، خاصة المرتبطة باستعدادات المغرب لتنظيم كأس العالم 2030، كأنشطة توسعة الطرق والمطارات”.
وانتقد التأخر الحكومي في اعتماد الصكوك أداة تمويل رئيسية، قائلا: “بدل الاعتماد على القروض التقليدية رغم انخفاض فوائدها، كان من الأجدى تبني الصكوك لتقليل العبء عن المالية العمومية”.
** نمو ملحوظ
وأظهرت بيانات المركزي المغربي أن التمويلات الإسلامية في القطاع العقاري ارتفعت 15.4 بالمئة على أساس سنوي في يناير الماضي، لتصل إلى 2.51 مليار دولار، ما يعكس تنامي الإقبال على التمويل التشاركي.
وختم بلامين بالقول إن البنوك التشاركية مطالبة بتوسيع شبكة فروعها واعتماد سياسة القرب، إلى جانب الاستثمار في الرقمنة والتكنولوجيا المالية الحديثة، خاصة لاستقطاب فئة الشباب وتعزيز الشمول المالي (نسبة المنخرطين بالبنوك والمؤسسات المالية) في البلاد.
المصدر: وكالة الأناضول.



