لقاء بين الفزازي وعصيد.. “حوار طريف” يُحيل على خلافٍ عميقٍ حول المرجعيات

24 يوليو 2025 00:13
عصيد، الفزازي

هوية بريس – علي حنين

في مشهد استوقف الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وثّق الشيخ محمد الفزازي لحظة طريفة جمعته بالناشط الأمازيغي المثير للجدل، أحمد عصيد، على هامش ندوة فكرية حضرها الطرفان مؤخرًا.



الصورة التي التُقطت لهما وهما يتبادلان أطراف الحديث ليلاً بأحد شوارع الدار البيضاء، أثارت فضول المتابعين، خاصة وأنها جمعت بين شخصيتين بينهما تباين حاد في التوجهات الفكرية والمرجعيات الحضارية.

“يالله نصليوا المغرب والعشاء”

ونشر الشيخ الفزازي تعليقًا مرافقًا للصورة على صفحته الرسمية، كاشفًا بعضًا من تفاصيل هذا الحوار الذي وصفه بأنه “امتداد لحوارات الندوة”.

وفي نبرة تمزج بين الطرافة والنقذ اللاذع، قال الفزازي مازحًا لعصيد: “يالله نصليوا المغرب والعشاء”، لكنه فضّل عدم كشف طريقة تفاعل عصيد مع الطلب، احترامًا لأمانة المجالس، وفق تعبيره.

الطرافة استمرت حين التفت الشيخ إلى زوجة عصيد وقال لها ممازحًا: “سأعلّمه مثنى وثلاث ورباع”، في إشارة إلى التعدد المشروع في كل الشرائع الربانية والذي حددته الشريعة السمحة الخاتمة في أربع فقط بشرط العدل والقدرة، لتجيبه بضحكة عفوية: “هو حر”. ليرد عليها عصيد بدوره ضاحكًا: “هادشي اللي غدي يجيك من هادو”.

مفارقة الصورة والواقع

ورغم الطابع الودي، إلا أن اللقاء جمع بين شخصيتين تمثلان رؤيتين متصادمتين للهوية المغربية ومستقبلها الثقافي والحضاري.

فالشيخ محمد الفزازي يُعتبر من وجوه التيار الإسلامي في المغرب، ويدعو إلى التمسك بالمرجعية الإسلامية الحضارية مع الانفتاح الواعي على مظاهر التحديث المادي والتقني التي لا تتصادم مع ثوابت الأمة.

أما أحمد عصيد، فيُمثّل أحد أبرز دعاة الحداثة الغربية في المغرب، ولا يُخفي دعوته الصريحة إلى القطيعة مع التراث الإسلامي، معتبرًا أنه سبب ما يسميه بـ”التخلف الحضاري”.

وفي المقابل، لا يجد أي حرج في تمجيد التراث الأمازيغي ما قبل الإسلام، ما يكشف عن انتقائية فاقعة في معاييره تجاه التراث، الذي لا تبدو محل رفض عنده إلا إذا تعلق الأمر بالإسلام ووشرائعه وحضارته.

ختاماً، الخطاب الإسلامي المحافظ الذي يمثله الشيخ محمد الفزازي لا يرفض التحديث والتطور، بل يجعلهما في خدمة شريعة خاتمة سمحة، تحافظ على ثوابت الأمة وتحترمها بدل الانقضاض عليها أو رفضها رفضا بشبهات ساذجة ومستهلكة لا يقرها شرع أو عقل.

مشروعان يتعذر الجمع بينهما

رغم الحفاوة الظاهرة، تبقى الفجوة الفكرية قائمة، إذ يتعذر الجمع بين مشروعين: أحدهما يريد بناء الحاضر والمستقبل على أسس الإسلام ومقاصده، والآخر ينظر إلى الغرب مرجعًا حضاريًا أعلى يجب اتباعه دون شرط أو تمييز.

غير أن هذا اللقاء، من حيث الشكل، يُبرز أهمية الحوار والنقاش بالتي هي أحسن، شريطة ألا يُفهم على أنه تنازل عن الثوابت أو ترويج للتسويات الهلامية التي تعود على خصوصيات الأمة الحضارية بالمسخ والإبطال.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة