مفكر مغربي: الدفاع عن “لشكر” تحول إلى فضيحة..

هوية بريس – علي حنين
جدّد الدكتور إدريس الكنبوري، الكاتب والمفكر المغربي، موقفه الرافض لمحاولات بعض الأصوات العلمانية المسّ بالمقدسات الدينية في المغرب، مؤكدًا أن ما يجري في مثل هذه القضايا ليس إلا فضائح فكرية تكشف إفلاس المدافعين عنها. وأوضح أن حرية التعبير لا يمكن أن تتحول إلى شعار للفوضى، بل ينبغي أن تضبط بحدود العقل والدين.
وانتقد الكنبوري، في تدوينة مطوّلة نشرها على حسابه الشخصي، الدفاع المستميت عن “المتهتكة” ابتسام لشكر، معتبراً أن “الدفاع عنها تحوّل إلى فضيحة لمن يتحدث باسمها، فلم تعد القضية هي القميص وما كتب عليه بل عقول المدافعين عنها وما نقش فيها”.
وأشار إلى أن كل عقل بشري خاضع بالضرورة لنوع من المقدسات، إذ قال:
“ليس هناك عقل لا يخضع لمقدسات، وحتى الآن لم يخلق الله سبحانه شخصا لديه عقل كهذا، وإلى أن يحصل ذلك فالناس اليوم بين مقدسات ربانية أو مقدسات شيطانية”.
وأضاف أن طبيعة المقدسات الشيطانية أنها متعددة ومتناقضة، لها مدارس واتجاهات وفلسفات، بينما رسم النبي ﷺ خطاً واحدًا وقال: “هذا سبيل الله”، ثم رسم خطوطًا أخرى وقال: “وهذه السبل”.
وهاجم الكنبوري العقل الذي يستمد “مقدساته” من البشر أو الفلاسفة، في حين يرفض الوحي، قائلاً:
“أسوأ العقول تلك التي تأخذ مقدساتها من البشر، وأعجب من هذا من يأخذ عدم الإيمان بالله من فيلسوف ولا يأخذ الإيمان به ممن بعثه الله مبلغا عنه، فهو في جميع الأحوال أخذ، ومن قال إنه لم يأخذ فقد كذب”.
كما استحضر حادثة الإسراء والمعراج، منتقدًا ازدواجية المواقف:
“ما زال الناس يكذبون أن النبي صلى الله عليه وسلم عُرج به في السماء فرأى ما رأى، ولا يكذبون فيلسوفاً بلغهم عن السماء وهو جالس في حانة”.
وفي سياق حديثه عن حرية التعبير، أوضح أن بعض الأصوات تجاوزت الحدّ المعقول حتى صارت تقدّس الحرية في ذاتها، لا التعبير الهادف، قائلاً:
“بلغ الحمق بالبعض أنهم صاروا يقدسون حرية التعبير ثم نسوا التعبير وصاروا يقدسون أي حرية بدون تعبير. وفي اللغة أن التعبير هو الكلام بالعبارة ذات الدلالة، وعندما يخلو التعبير من الدلالة يتحول إلى جنون”.
وأضاف أن الأمم الراقية وضعت حرية التعبير لخدمة المجتمع وتطويره، لا لنشر الأمراض الفكرية أو الثقافية، مضيفاً: “لذلك كان التعبير لديها الإفصاح بالعبارة عن الأفكار والأهداف التي تطور المجتمع لا عن الأمراض التي وضعت لها مصحات. ولذلك تجد اليوم مثلا من لديه تصور شامل عن المجتمع ويعبر عنه في الكتب ممنوعا من حرية التعبير، ومن يرتدي قميصاً عليه نصف سطر بطلاً لحرية التعبير”.
وختم الكنبوري تدوينته بانتقاد هذه الظاهرة التي وصفها بأنها “مدرسة البهائم”، مستشهداً بقول الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}.
ختاما
يعكس موقف إدريس الكنبوري رؤية فكرية واضحة تؤكد أن حرية التعبير قيمة إنسانية سامية، لكنها لا تعلو على المقدسات الربانية، ولا يجوز اتخاذها بحال مطية للفوضى والتهتك والانحلال.



