25 ألف خطيب جمعة بنص واحد.. هل نحن إزاء إصلاح ديني أم عبث بيروقراطي؟!

25 ألف خطيب جمعة بنص واحد.. هل نحن إزاء إصلاح ديني أم عبث بيروقراطي؟!
هوية بريس – متابعات
لا يزال قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفرض الخطب الموحدة لصلاة الجمعة يثير جدلا واسعًا بين علماء الدين والمواطنين، إذ تحوّل المنبر الذي كان منبرًا للوعظ والتوجيه الحي إلى مجرد قراءة رتيبة لنصوص جامدة لا تراعي اختلاف الجهات ولا تعكس قضايا الناس الآنية.
فبينما تصر الوزارة على أن هذا الإجراء ضرورة لضبط المنابر وحمايتها من “الانحراف”، يرى علماء وباحثون أن هذا الخيار بدعة لا سند لها في التراث الفقهي ولا في تاريخ الإسلام ولا في تقاليد المغرب التي طالما احترمت مكانة الخطيب وعلاقته بالمجتمع.
الجدل تضاعف حين وصف الوزير أحمد التوفيق، في تصريحات مثيرة، الخطباء الذين يجرؤون على الخروج عن النص الموحد بأنهم “خوارج ومشوشون”، في وقت كانت وزارته قد أعلنت سابقا أن الالتزام بالخطب اختياري فقط. وهو ما جعل أصواتا عديدة تتهم الوزارة بازدواجية الخطاب وتحقير العلماء والتنكر لتصريحات رسمية سابقة.
وفي تعليق لافت، كتب الدكتور محمد طلال لحلو تدوينة اعتبر فيها أن فرض 25 ألف خطيب على ترديد نصوص متشابهة عبث اقتصادي وفكري، مشيرا إلى أن الكلفة تصل إلى 25 مليون درهم شهريا (أي 300 مليون درهم سنويا)، في وقت يمكن فيه بناء مستشفيات محلية صغيرة كل شهر.
وأضاف ساخرا: “إذا كانت الخطب نسخة واحدة، فالأجدى أن نسجلها في شريط يبث للناس، ونوفر الملايين على دافعي الضرائب”.
ويرى متابعون أن القضية لا تتعلق فقط بالجانب المالي، بل بفلسفة تدجين الخطاب الديني، وتجريده من أي حيوية أو قدرة على مخاطبة مشكلات المجتمع المتغيرة. فالخطيب الذي يواجه قضايا البطالة أو الهجرة أو الفقر ومعاقرة المخدرات في منطقته، يجد نفسه مقيدا بخطبة بعيدة عن واقعه، مما يفرغ المنبر من دوره التاريخي في التنوير والربط بين الدين والحياة.
وبينما تؤكد الوزارة أن التوحيد ضمانة للوحدة الفكرية والانسجام الديني، يرد المنتقدون بأن النتيجة الواقعية هي منبر ميت وصوت واحد بلا روح، يخدم البيروقراطية أكثر مما يخدم رسالة الجمعة.



