مالكم لا ترجون لله وقارا؟!

مالكم لا ترجون لله وقارا؟!
هوية بريس – أحمد الشقيري الديني
كانت بعثة الرسل بالقصد الأول تعريف الناس بربهم، بصفاته وأسمائه، ثم بيان القصد من خلقه هذا الإنسان العاقل المريد، وأن الغاية من خلقه عبادة ربه والتقرب إليه بما شرع من صلاة وصيام ونفقة وحج..إلخ
وكان من مهام الرسل ايضاً تصحيح ما أصاب التدين والمعتقدات من تحريف وزيغ..
ولما ختم ربنا سبحانه الرسالات بالنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم جعل الدعوة للتوحيد جوهرها إفراد الله تعالى بالملك والتدبير والعبادة، فهو سبحانه المتصف بصفات الكمال المنزه عن صفات النقص، وصحح ما كان عليه المشركون وأهل الكتاب من انحرافات عقدية، فالمشركون كانوا يتخذون الأوثان وسائط بينهم وبين الله، وكانوا ينسبون لله البنات بزعمهم أن الملائكة إناث وأنهن بنات الله، فأنكر عليهم هذا الادعاء وهددهم بالعقوبة إذا لم يتوبوا من زعمهم، ورد هذا الادعاء في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19]. {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19]، حيث أنكر الله عليهم هذا القول، وبيّن أنهم لم يشهدوا خلق الملائكة، وأنهم سيسألون عن هذه الشهادة فقال سبحانه، كما أنكر عليهم بأشد العبارات نسبتهم البنات لله عز وجل؛ وقد أخبر الله في كتابه عن مشركي العرب أنهم كانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله، قال الله تعالى: (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيما).
أما النصارى فقد جعلوا لله ولدا فزعموا أن المسيح بن مريم عليهما السلام هو ابن الله، فأنكر عليهم هذا الادعاء وهددهم بالعقوبة إذا لم يتوبوا بأشد العبارات كما في قوله تعالى:
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)..
وقد نشأت فرق ومذاهب في التاريخ الإسلامي مدار الخلاف بينها حول صفات الله عز وجل..
بين من يبالغ في التنزيه حد تعطيل الصفات ومن يبالغ في الإثبات حد التشبيه، والعدل هو ما استقر عليه مذهب اهل السنة والجماعة: تنزيه بلا تعطيل وإثبات بلا تشبيه، وهي القاعدة المنصوص عليها في قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فنفى سبحانه عن نفسه الشبيه مقابل إثبات صفتي السمع و البصر ، وهكذا سائر الصفات، نثبت لله جميع الكمالات وننزهه عن النقائص، بلا تشبيه ولا تأويل ولا تعطيل، وهي التي عليها مدار التحريف الذي هو إلحاد في أسمائه سبحانه وصفاته، قال تعالى:( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) وهم المشركون عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه ، فسموا بها أوثانهم، فزادوا ونقصوا ، فاشتقوا اللات من ” الله ” والعزى من ” العزيز ” ، ومناة من ” المنان ” ، هذا قول ابن عباس ومجاهد، فقد أنثوا أسماء الله تعالى عما يقولون علوا كبيراً..
واليوم تحيي ابتسام لشكر و المدافعين عنها هذه البدعة التي ماتت مع مجيء الإسلام، فتنسب لله سبحانه صفة من صفات النقص التي يرفض كل سوي من بني آدم أن ينعت بها ، ثم هي تؤنثها وتحملها في قميصها مجاهرة بها بين أمة مسلمة تقرأ في كتاب ربها أنه أهلك قوما تلبسوا بهذه الرذيلة التي هي إتيان الذكور للذكور وإتيان النساء للنساء عياذا بالله..وهم قوم لوط عليه السلام.
فقد جمعت هذه الجاهلة كل الموبقات في خروجها الجاهلي هذا، إذ وصفت الله تعالى بصفة نقص وأنثته ونسبت له ما عوقب به قوم لوط عليه السلام..
فهذه الجرأة على الله لم تعرف لا في الجاهلية الأولى ولا في الإسلام..
لكننا في زمان حقوق المثليين ولا ندري ما يصيبنا غدا من هؤلاء القوم..!



