عقلية شعبية تعرقل محاربة الرشوة…

عقلية شعبية تعرقل محاربة الرشوة…
هوية بريس – يونس فنيش
دراسة حالة: “موظف صغير يضبط مواطنا في وضعية مخالفة للقانون و يحثه على مقابلة رئيسه المباشر من أجل تسوية خارج نطاق القانون، فيتم تحديد مبلغ الرشوة مع المسؤول “المعتبر”، ولكن الموظف الصغير هو الذي تم القبض عليه بالجرم المشهود بفضل الرقم الأخضر. إلى هذا الحد كل شيء عادي و الكلمة الفصل للقضاء. ولكن المثير للانتباه هو أن المواطن، الذي اتصل بالرقم الأخضر بعد أن منع من القيام بالمخالفة في أول وهلة، يصف الموظف الصغير “بالنزيه 100./. لأنه مجرد وسيط مرغم على جمع مبالغ الرشوة لرئيسه و إلا حرمه من الترقية”.
سيداتي سادتي، لقد استفحلت الرشوة إلى درجة أن مواطنا أصبح يشهد ب”نزاهة” الوسيط أو المشارك في الرشوة في إطار عقلية متخلفة لا يعي أصحابها، الذين تلخبطت الأشياء في أذهانهم، ما يقولون و بماذا يشهدون. ففي هذه الحالة، ربما، لو سمح ذاك الرئيس “المعتبر” لذلك المواطن بمخالفة القانون بدون رشوة لمدحه هو أيضا.
سيداتي سادتي، الفقر شيء يجب معالجته، و الحق في العيش الكريم يجب توفيره، ولكن بشر يعتبر أن الوسيط في الرشوة “رجل نزيه” لا يمكن أن يطمح إلى تفعيل القانون بشكل سليم، لأنه بشر غير موضوعي و أناني لن يرتقي أبدا لأن انتقاداته للأوضاع أو لبعضها غير صادقة أساسها المكر و تصفية حسابات و منبعها الأنانية. و الله أعلم.
و حسب هذه الحالة أيضا، يمكن استنتاج أننا أمام مواطنين، ربما، لا يرفضون التعامل بالرشوة و لا يبلغون عنها عبر الرقم الأخضر إلا إذا كانوا لا يتوفرون على المبلغ المطلوب، أو إذا اعتبروا أنه مبلغ رشوة “غير معقول” لا يتناسب مع درجة خطورة المخالفة المرتكبة أو المراد ارتكابها. و الله أعلم.
صحيح أن بعض القوانين يجب ربما مراجعتها لمراعاة ظروف بعض الفئات من المواطنين الذين يعانون من الفقر، و صحيح أيضا أن بعض الفئات من الموظفين العموميين قد لا تكفيهم أجورهم، و صحيح أيضا أن لابد من الإنصاف و رد الإعتبار لنزهاء أكفاء لإعطاء القدوة الحسنة و لفرض النموذج السليم في الإدارة العمومية، ولكن لا شيء يبرر عقلية الرشوة و الأنانية و الحسد و انعدام الموضوعية”. سيداتي سادتي، الديموديكية هي الحل.



