كن “فتى شيخا” قبل أن تصير “شيخا بلا فتوة”

23 أغسطس 2025 14:59

هوية بريس – د.مميون نكاز

قال: أريد أن أكون “شيخا”، قلت وقد علمتُ قصدَه وابتغاءَه: إنك طويل الأمل ترجو مراتب الشرف والذكر بلا عمل، أعيذك أن تكون ممن يبتغيها لإعمال الخلق في خدمة مآرب النفس الخفية البادية في ظاهر حظوظها، كن فتى كإبراهيم عليه السلام في صدعه بالحق وحجاجه لقومه، ومفاصلته لهم من غير ركون لباطلهم، أو كن كفتية الكهف إذ قاموا على قومهم بالموقف الصادح الصريح البين، أو كن كالرجل الذي جاء يسعى من “أقصا المدينة” منتصرا لدعوة الأنبياء الرسل الثلاثة، وانظر كيف قضى نحبه في الحق بالنصرة والموقف قبل أن يصير “شيخا” كما تأمل، بل إنهم لم يمهلوه حتى يمسي “شيخا” كما تحلم، حيث قال لقومه: {وَمَا لِیَ لَاۤ أَعۡبُدُ ٱلَّذِی فَطَرَنِی وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ، ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةً إِن یُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَـٰنُ بِضُرّ لَّا تُغۡنِ عَنِّی شَفَـٰعَتُهُمۡ شَیۡـٔا وَلَا یُنقِذُونِ، إِنِّیۤ إِذا لَّفِی ضَلَـٰل مُّبِینٍ، إِنِّیۤ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ، قيل ادخل الجنة، قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} [يس 22-25]، واعلم أن في قول الحق سبحانه: {قيل ادخل الجنة} إلماحة إلى كونه قد مات قتيلا في الحق شهيدا، فاصبر على تكاليف الحق واثبت على الطريق حتى تبلغ “المشيخة” صالحا مصلحا فتكون كالشيخ الكبير الذي زوج نبي الله موسى عليه السلام ابنتَه التي كانت تركب الحياء وتمشي عليه إذا خرجت بين الناس، صِرْ كذلك الشيخ إذ قال لموسى بعد أن قص عليه قصصه مع فرعون وقومه: {لا تخف نجوت من القوم الظالمين} [القصص25]، تراه يثبت فؤادَ “موسى الفتى” على الحق، وهو “الشيخ الكبير”…

إذا عقلت هذا وأدركت دلالته وحكمته، علمت أن “المشيخة “فتوة” في الحق للحق بالحق، وإن شئت قلت: “المشيخة” “فتوة كاملة” قوامها “معرفة الحق” و”التعريف به”، و”النشأة عليه” و”الإنشاء عليه”، و”الدوران مع رحاه حيث دار” و”إدارة الخلق عليه”، فقد رُوِيَ عن سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يَقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، إن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم نُشِروا بالمناشير وحُملوا على الخشب، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله)… أما إن كنت يا طالب “المشيخة” إنما تبتغي باسمها ورسمها “حظوة” في الدنيا أو “شهرة” فيها، فدونك “سوق المراتب الدينية العليلة”، استمتع بها في “مقاعد الدين الساكن” كما يستمتع بها كثير ممن يجهلون حقيقة “مقام المشيخة”…

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
18°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة