في كلمة وزير الأوقاف أمام الملك.. الذكاء الاصطناعي شاهد زور!

في كلمة وزير الأوقاف أمام الملك.. الذكاء الاصطناعي شاهد زور!
هوية بريس – د. رشيد بن كيران
ألقى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية كلمة أمام الملك في مناسبة ذكرى المولد النبوي، عرض فيها ما سماه خطة “تسديد التبليغ” من خلال توحيد خطب الجمعة. وقد أثنى على هذه الخطة، وادعى أن الناس أبدوا اهتماما متزايدا بها، بل زاد على ذلك بالقول إن تحليلات الذكاء الاصطناعي تجمع على إيجابياتها، مع إقراره بضرورة استكمالها بالمتابعة الميدانية.
غير أن التوقف الصادق والمسؤول عند هذه الكلمة التي قدمت بين يدي ملك البلاد يكشف جملة من التناقضات والإشكالات العلمية والشرعية والقانونية، ويظهر أن ما قدمه الوزير لا ينسجم مع الواقع وأن حبل المكر قصير.
استياء الناس لا اهتمامهم
فبينما صور الوزير أن الخطب الموحدة محل اهتمام من طرف المصلين، تكشف الوقائع الميدانية عكس ذلك تماما، إذ سادت حالة استياء واسع من هذه الخطب، عبّر عنها المصلون في مناسبات متعددة. فقد وُصمت الخطب بالجمود والانفصال عن هموم الناس اليومية، وعدم مراعاة اختلاف البيئات الاجتماعية والجغرافية، مما أفقدها حيويتها وأثرها.
بل وصل الأمر إلى ظهور حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعتها، واعتبارها نشرات جامدة أقرب إلى دروس مدرسية منها إلى خطب دعوية تبث ذكر الله وتبعث الروح الإيمانية. إن حديث الوزير عن اهتمام الناس بالخطة يناقض بجلاء هذا الواقع الرقمي والاجتماعي الموثق.
إلزامية الخطب الموحدة لا طابعها الاختياري
وإذا كان الوزير قد ذهب إلى أن الخطب الموحدة مقترحة!!!، فإن التجربة العملية تؤكد إلزاميتها الصارمة. فخطباء المساجد مراقَبون مراقبة دقيقة وأنفاسهم محصية، ومن خرج عن النص الرسمي عُدّ في دائرة الشك والمساءلة، بل إن تصريحات الوزير السابقة والمتعددة زادت الأمر وضوحا حين وصف بعض الخطباء غير الملتزمين بالخطبة الموحدة بأوصاف جارحة من قبيل “مرضى” و”مشوشين” و”خوارج”…، إن هذا التناقض بين الادعاء بأنها مجرد اقتراح والواقع الذي يكشف عن إلزام قسري يثير تساؤلات عن الصدق والشفافية، بل وعن طبيعة الخطاب الموجه حتى إلى ملك البلاد نفسه.
الذكاء الاصطناعي شاهد زور!!!؟
إن تعجب فكل العجب في أن الوزير استند إلى تحليلات الذكاء الاصطناعي ليقدّمها كحجة علمية بين يدي الملك تثبت نجاح الخطة!!!غير أن هذا الاستناد يفتقر إلى أبسط مقومات الحجية، فالذكاء الاصطناعي ليس أداة للبحث الميداني ولا لقياس المواقف الاجتماعية، وإنما مجرد برنامج يتغذى على البيانات المتاحة له. وهو لا يملك ضمانة قانونية أو مسؤولية أخلاقية، بخلاف مكاتب الدراسات التي يمكن مساءلتها.
بل إن أي استفسار موضوعي يُطرح عبر الذكاء الاصطناعي عن موقف الناس من الخطب يكشف حجم السخط الشعبي والحملات المناهضة، لا التأييد والإعجاب الذي تحدث عنه الوزير. ومن ثمّ، فإن إقحام الذكاء الاصطناعي في هذا المقام لا يعدو أن يكون محاولة للتهرّب من التبعة، أو لإلباس الواقع بغطاء وهمي.
الواقع الرقمي والاجتماعي
ما يجري على الفضاء الرقمي يفضح حقيقة الموقف الشعبي. فقد أطلقت حملات إلكترونية واسعة تطالب باسترجاع حرية المنبر، وتدعو إلى مقاطعة الخطب الموحدة. كما امتلأت المنصات بأسئلة الشباب حول الحكم الشرعي لفرض هذه الخطب؟
وهل يجوز هجرها أو الاكتفاء بصلاة الجمعة دون الاستماع إليها؟
بل إن بعض التساؤلات وصلت حد التفكير في أداء الخطبة والصلاة في البيوت بديلاًعن حضورها في المساجد؟ وهو مؤشر بالغ الخطورة.
كما أن الانتقادات المتداولة تصف هذه الخطة بأنها حولت المسجد من منبر دعوي حي إلى منصة لنشرات رسمية باردة، مما أفقدها دورها الروحي والاجتماعي.
البعد الشرعي والدعوي
الأخطر من كل ذلك أن الخطة الموحدة تصطدم بجملة من الأدلة الشرعية والمبادئ الدعوية. فالخطيب حين يقرأ نصا مكتوبا لغيره يفقد وظيفته الأصلية في الاجتهاد والتذكير، ولم يعد خطيبا شرعا، ويتحول إلى مجرد قارئ. ومع مرور الوقت تتآكل ثقة الناس في منبر الجمعة، إذ لا يجدون فيه خطابا يعكس حاجاتهم الإيمانية وقضاياهم الواقعية.
والأسوأ أنها تمثل تحريفا لمعالم شعيرة الجمعة كما استقرت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومن بعدهم، حيث كان الخطيب يخطب بما يفتح الله عليه، دون تقيد بنص موحد كتبه غيره. هذا هو الذي أجمع عليه علماء الأمة وعمل به المسلمون قرونا، إلى أن جاءت هذه الخطة التي لا دليل شرعيا عليها سوى إرادة التحكم في بيوت الله؛ خطة إفساد التبليغ لا تسديده.
وختاما، إن كلمة الوزير قدمت صورة مقلوبة عن الواقع فالخطب الموحدة ليست محل اهتمام بل محل استياء، وليس مقترحة بل مفروضة، وليست مدعومة بدراسات علمية بل بتقارير ذكاء اصطناعي لا حجية لها. وإن المصلحة الدعوية والشرعية تقتضي مراجعة هذه الخطة برمتها، وإعادة الاعتبار للمنبر الذي يخاطب الناس باختلاف أحوالهم، ويستجيب لقضاياهم، ويحقق مقصود القرآن في قوله تعالى: ﴿فاسعوا إلى ذكر الله﴾. فذكر الله لا يكون بخطاب جامد مكرر، وإنما بخطاب حي نابض بالوحي، متفاعل مع الحياة، يعيد للأمة روحها ويقوي صلتها بربها.




السلام عليكم
أقوال سمعناها ومبادرات نعيشها تبعث فينا الرهبة والخوف على عقيدتنا:
– “نحن دولة علمــــانية”
– إلغاء دور الخطيب وتبديلة بدور “قاريء الخطبة”
– بوادر إلغاء العالم الفقيه المفسر والمجتهد ,,,, وتبديله ب “الذكاء الإصطناعي”
اللـــــــــــــــــــهم الطف بنــــــــــــــــــا فيمــــــــــــــــــــــــا جرت به المقـــــــــــــادير