الصمدي: ما ذا لو فشلت تجربة مدارس الريادة؟

هوية بريس – د.خالد الصمدي
انتظرت كسائر المتتبعين حوار السيد رئيس الحكومة مع القناتين الوطنيتين، والذي تزامن والدخول المدرسي والمهني والجامعي ، والذي توقعت أن أستمع فيه الى أجوبة عن حصيلة أربع سنوات من عمر الحكومة في تدبير المنظومة التربوية بالارقام واستعدادات الحكومة لتدبير آخر دخول مدرسي ومهني وجامعي في عهدتها
فخرجت من الحوار خالي الوفاض بخفي حنين
فلم أعثر على أجوبة على الملفات الكبرى التي لم ترد حتى على لسان المحاورين الذين كانوا يتجنبون ما أمكن كل الاسئلة المحرجة
مما أفقد الحلقة وهجها وجاذبيتها ،
وانتظارات المواطنين منها
فلا حديث عن ملف التعليم العالي والبحث العلمي
ولا حديث عن ملف التكوين المهني وتقدم إنجاز مدن
المهن والكفاءات ، ولا الاشكالات التداريب ولا التشغيل
لا حديث عن ملف التعليم الأولي ولا الأساتذة والمربين العاملين فيه والذين يظلون رهائن لدى الجمعيات مما يؤثر على استقرارهم النفسي والمادي والمهني
لا حديث عن ملف محاربة الأمية ولا ولا واقع الوكالة الوطنية المكلفة بهذا الملف ولا الاشكالات التي نعاني منها
لا حديث عن ملف إصلاح البرامج والمناهج ولا أنظمة التكوين
لا حديث عن ملف الأطر الإدارية والتربوية ولا تدبير مسارها التكويني والاداري ولا تسقيف 30 سنة ، باستثناء حديث عن الزيادة في الأجور
لا حديث عن التعليم العتيق ولا بنيته التربوية والعاملين فيه
لا حديث عن الترسانة القانونية لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والتي تأخرت كثيرا
لا حديث عن نظام الحكامة واسباب عدم انعقاد اللجنة الوطنية لتتبع تنزيل الاصلاح التي يرأسها رئيس الحكومة
لا حديث عن علاقة التكوين بسوق الشغل
لا حديث عن الهدر المدرسي وإمكانية ارتفاع أرقامه في ظل حذف برامج تيسير الذي كان يخصص 300 درهم لكل طفل متمدرس، وبرنامج مليون محفظة الذي كان يستفيد فيه أربعة ملايين ونصف من التلاميذ من محفظة كاملة وعوض بـ200 درهم فقط والتي لا تساوي ثمن محفظة فارغة من النوع الجيد
لا حديث عن البنيات والتجهيزات في التعليم المدرسي والمهني والجامعي
وإذا لم يجب رئيس الحكومة عن هذه الملفات الكبرى في الدخول المدرسي والمهني والجامعي فمتى سيجيب عنها ؟
وهل يعكس تغييب هذا الملف الحساس من هذا الحوار عدم توفر السيد رئيس الحكومة على معطيات وارقام ورؤية في الموضوع؟
أم يعكس بالفعل هامشية هذا الملف في اهتمامات الحكومة ؟
إن الذي يستمع الى هذا الحوار الذي لم يخصص لهذا الملف الكبير إلا 3 دقائق في بدايته يخرج بانطباع واحد هو انه لا يوجد في حصيلة الحكومة في ملف إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي إلا ملف واحد هو تجربة مدارس الريادة والذي يقول تقرير المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقييمه لها بوضوح أنها تجربة غير قابلة للتعميم
لأنها لا تحمل مقومات الإستدامة وكلفتها مرتفعة ،
ماذا لو صدق توقع المجلس في تقييم هذه التجربة إلى نهاية هذه الولاية الحكومية ؟
وهو ما سيفتح حتى هذه التجربة غير المؤطرة بالقانون على المجهول لإعادة النظر فيها
لنكون بذلك أمام البياض في الحصيلة الحكومية في هذا المجال الحساس ؟ وليواجه المغرب بذلك أمام أكبر إخفاق في تاريخ إصلاح منظومته التربوية ، في ملف كبير راهن المغاربة عليه قبل عشر سنوات لتحقيق الانصاف وتكافؤ الفرص والارتقاء الفردي والمجتمعي ، فنكون بذلك قد أخطأنا موعدنا مع التاريخ عن سبق إصرار وترصد ، وهو ما حذر منه كل الفاعلين ، ورصدته التقارير الوطنية والدولية التي لم تخطئ حينما صنفت المغرب في المرتبة 110 من أصل 180 دولة
وهو ما لم يعد مستغربا ولا مفاجأ في ضوء هذا الغموض والارتباك والاسئلة المفتوحة التي ظلت عالقة بدون جواب في حوار السيد رئيس الحكومة والذي لحسن حظه أنه كان مسجلا وخضع للمونتاج ولم يكن حوارا صريحا مع المواطنين على المباشر.



