التحريف الرمزي للقرآن الكريم، قراءة عقلانية أم خرافة غنوصية؟

16 سبتمبر 2025 18:47

هوية بريس_عزالدين زحال

 

اعلم أن حرب إبليس على أبناء آدم حرب لا هدنة فيها ولا سلام، واعلم أن من كان عدوه إبليس فهو عدو لمخلوق يملك من الخبرة في المكر والكيد منذ أن خلق أول إنسان وأنزل من السماء إلى الأرض إلى يومنا هذا. ولهذا، لا عاصم من مكايده إلا بالتمسك بالوحي وبشرع رب العالمين وأحكم الحاكمين. فعدوك هو من أصل للشرك، وأقنع البشر بعبادة الحجر، وهو من كان وراء تحريف النصرانية واليهودية، وقد أضل الكثير من البشر، فينبغي للإنسان أن يعقل هذه الحقيقة قبل بناء اعتقاده، خاصة في الأمور الغيبية أوالمرتبطة بفهم الوحي بشكل عام.

ومن الأفكار التي يرجعها كثير من الباحثين إلى إبليس، وأنه هو من كان وراءها، “المذهب الغنوصي” أو العرفاني، وهو المذهب الذي ظهر في القرن الميلادي الأول، وأثر في كل الأديان والطوائف، إلا ما كان مبنيا على الوحيين؛ القرآن والسنة. فتارة يتجلى في القبالة عند اليهود –بحسب بعض الباحثين ممن جعلها هي من تأثرت به– وتارة في التصوف، وتارة في التشيع، ويشترك مع الفلسفات الشرقية في “العلم الباطني” أو الاستنارة، أو “اللّدني”كما هو  يسميه المتصوفة، أو “أسرار العارفين”، وغيرها من الاصطلاحات.

كما أثر في مجموعة من العلوم كعلم النفس، بحيث نجد أثره في مؤلفات ومناهج عدد من علماء النفس الغربيين، أمثال كارل غوستاف يونغ، الذي يظهر تأثره به وبالفكر الباطني بشكل عام في عدد من كتاباته، سواء في تعامله مع اللاوعي الإنساني أو مع النصوص الدينية. وتطرقه إلى مفهوم “اللاوعي الجمعي” (Collective Unconscious) وكيف أسهم التراث الإنساني في تشكله.

وقد تلقف هذا المذهب عن غوستاف يونغ بعض أبناء المسلمين الذين زعموا أنهم جاؤوا بقراءة جديدة للقرآن الكريم مبناها على فهم الرموز المذكورة فيه، باحثين عن الحكمة فيها، زاعمين أنها قراءة جديدة تقابل القراءة التراثية المبنية على فهم السابقين الأولين. وحقيقة هذه القراءة التي اعتبروها  جديدة لا تعدو أن تكون  قراءة خرافية قديمة الأصول، تعطي للفكر الغنوصي صبغة معاصرة ومسحة علمية وشرعية من خلال استعمال مصطلحات من قبيل: “اللاوعي”، أو “التدبر”، أو “البلاغة”. فلا تنخدع بمثل هذه المصطلحات، وابحث في أصول الفكرة واعرضها على المناهج الذي أثنى عليه أحكم الحاكمين في كتابه.

ومن حكم الله في خلقه أن تجد من يعيب علينا أخذنا بفهم السابقين الأولين واتباع المنهاج المستقيم مايلبث حتى يبتليه الله بتلقف بقايا الفلسفات القديمة وخرافات الشعوب البائدين التي جاء الإسلام وأبطلها وحرر العقل منها. وأن من قال لنا بلسان حاله:”أنؤمن كما آمن السفهاء”، لما حاججناه بفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،صدق على فهمه المستورد قوله تعالى: “أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ”.

فانخدعوا ببريق الفكر القادم من الغرب ظاننين أن كل ما يأتي منه جديد وعابوا على من خالفهم أنه عن الحداثة بعيد ولم يعلموا أن أصول فكرهم المستورد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن المجيد. فنسأل الله الهداية لأبناء المسلمين، وأن يحفظ دينهم وعقولهم من منهاج الخرافيين.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة