بين هدوء البيت وضجيج الشارع

20 سبتمبر 2025 13:07

بين هدوء البيت وضجيج الشارع 

هوية بريس – ذ.نبيل العسال

يبحث الإنسان بطبيعته عن السكينة في سربه وبيته وبين عائلته، لكن ما أصعب أن يُفاجَأ وهو في حرمة بيته بعبارات ساقطة، وسباب فاحش يصل إلى سبّ الوالدين والدين، حتى يخجل المرء أن يسمع ذلك مع أسرته!

ولا يقف الأمر عند حدود الألفاظ الجارحة، بل يتعداها إلى أصوات مزعجة تصدر عن بعض الشباب بسياراتهم ودراجاتهم، يتفننون في إزعاج الآخرين، خصوصًا في ليالي السبت، وكأن الشارع مباح لكل أشكال الفوضى.

يزيد الطين بلّة تلك الأصوات الصاخبة من الموسيقى القوية في وقت متأخر من الليل والناس نيام، وبينهم مرضى وكبار سن يحتاجون إلى الراحة، فإذا بالليل يتحول إلى ضوضاء وإزعاج . وهناك من يتعمّد تغيير الشاكما (العادم) في سيارته أو دراجته النارية ليُحدث صوتًا أشدّ ضجيجًا وإزعاجًا خصوصا ليلا والناس نيام ، بل ويتمادى بعضهم في التجول ليلًا والناس نيام ، وكأن في ذلك متعة في حرمان الآخرين من السكينة!

والأعجب أن الشاكما، أي العادم، صُمِّم أصلًا للتقليل من صوت المحرك، فإذا به يُستعمل على العكس مما صُنع له، فيتحوّل من وسيلة للراحة إلى أداة للإزعاج.

إن هذا المشهد يعكس واقعًا مؤلمًا:

○ تراجع في التدين والأدب والاحترام.

○ضعف في التربية والتنشئة.

○غياب المراقبة والخوف من الله.

○فقدان الوعي بقيمة السكينة، التي هي من حقوق الجار وواجبات العيش المشترك.

قال رسول الله ﷺ: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (رواه البخاري ومسلم).

وقال أيضًا: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه» (رواه البخاري).

فالمعيار الحقيقي للمسلم ليس في الشعارات، وإنما في كفّ الأذى عن الناس، وحفظ حقوق الجار في الراحة والسكينة. وما يحدث اليوم إنما هو دليل على ضعف التدين، وتجاهل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: 2].

 الحلول الممكنة:

1. تعميق الوازع الديني: بإحياء مراقبة الله والخوف منه في السرّ والعلن، وربط السلوك اليومي بمبادئ الشريعة.

2. تنشئة جيل صالح: تربية الأبناء على الدين والأخلاق منذ الصغر، ليكون سلوكهم مطابقًا لدينهم في القول والعمل.

3. الوعي المجتمعي: من خلال المبادرات التوعوية والحملات التحسيسية بحقوق الجيران.

4. القانون: بتطبيق عقوبات واضحة على الممارسات المزعجة التي تضر بالسكينة العامة.

5. الصبر والدعاء: فإصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح النفوس والقلوب.

في النهاية، نحن جميعًا مسؤولون عن الفضاء المشترك الذي يسمى “الشارع”:

بالكلمة الطيبة،

بالنصيحة،

وبالقدوة الحسنة.

فلنُحيِ المعنى العميق للأمن: أن يكون المرء آمنًا في سربه، مطمئنًا في بيته، بعيدًا عن الأذى اللفظي أو المادي.

سؤال للتفكير والمناقشة:

هل عايشتم مثل هذه المواقف؟ وكيف ترون أن نعيد للشارع مكانته وهيبته وهدوءه؟

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
18°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة