أي رسالة تبعثها وزارة الأوقاف حين تستبدل التاريخ الميلادي بالهجري؟!

أي رسالة تبعثها وزارة الأوقاف حين تستبدل التاريخ الميلادي بالهجري؟!
هوية بريس – متابعات
أثار الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية انتقادات بعد أن ظهر في واجهته التاريخ الميلادي بدل الهجري، في خطوة وصفها متابعون بأنها إسقاط للبعد الديني والرمزي للمؤسسة التي يفترض أن تكون الحارس الأول لثوابت الأمة.

العلماء المغاربة سبق أن نادوا مرارا بوجوب اعتماد التاريخ الهجري في الوثائق الرسمية والمؤسسات المرتبطة بالدين، معتبرين أن هذا الخيار ليس شكليا بل جزء من الهوية والتاريخ والتراث الإسلامي للمغرب. فكيف لوزارة الأوقاف، وهي المرجع الرسمي للدين، أن تتجاهل ذلك وتختار الميلادي وترفض حتى أن تزاوجه بالهجري؟
بعض المعلقين اعتبر الخطوة رسالة سياسية مبطنة بأن الوزارة تتحول شيئا فشيئا إلى جهاز إداري صرف، بعيد عن بعدها الديني والروحي، فيما ذهب آخرون إلى أن اعتماد الميلادي يعكس نزعة تغريبية لم تنجُ منها حتى المؤسسات الدينية.
هذا النقاش فتح الباب أمام أسئلة من قبيل: هل تتجه وزارة الأوقاف نحو علمنة مقنّعة؟
وأين موقع الهوية الإسلامية للمغرب في مؤسسات الدولة؟
ولماذا تتجاهل الوزارة توصيات العلماء بترسيخ التقويم الهجري؟
إن الجدل حول اعتماد وزارة الأوقاف للتاريخ الميلادي بدل الهجري لا يمكن فصله عن النقاش الأوسع الذي خاضه العلماء والمفكرون المغاربة منذ عقود حول هوية الدولة ورسالتها التعليمية والثقافية. فالوثائق التي بين أيدينا تذكر بوضوح كيف شدّد العلماء على ضرورة جعل اللغة العربية والتقويم الهجري أساس السياسة التعليمية والثقافية، بل وصل الأمر إلى مطالبتهم بجعل يوم الجمعة عطلة رسمية انسجاما مع هوية المغرب الإسلامية وخصوصيته التاريخية، بدل تقليد الغرب في اعتماد السبت أو الأحد.
فإذا كنا قد فشلنا إلى اليوم في الاستجابة لمطلب العلماء بجعل الجمعة يوم الراحة الأسبوعية، فإن التخلي حتى عن التقويم الهجري لصالح الميلادي يُعتبر خطوة أكثر خطورة، إذ يكرّس واقع الاغتراب عن الجذور ويُضعف الرابط الحضاري الذي يجمع الأمة بتاريخها وتراثها.
إن الإصرار على اعتماد الميلادي في مؤسسة دينية تمثل هوية المغاربة وإسلامهم لا يبعث فقط على الاستغراب، بل يطرح سؤالا مقلقا: إذا كانت وزارة الأوقاف نفسها تتخلى عن رموز الانتماء الحضاري للأمة، فمن سيحرس ذاكرة المغاربة وهويتهم؟



