دحمان يكتب: جيل Z وفشل الانتقال الرقمي ببلادنا.. محاولة للفهم

29 سبتمبر 2025 09:19

جيل Z وفشل الانتقال الرقمي ببلادنا.. محاولة للفهم

هوية بريس-متابعات

نبهنا مرارا وتكرارا الا ان التحولات الجارية في يم تكتولوجيا الاتصال والتواصل ، أن لم يتم استيعابها قد تنشأ عنها تحديات مركبة ، وأنها تحتاج الى استراتيجية وطنية استباقية ، تستوعب التحديات وتوفر ضمانات الانتقال الى عالم تنمحي فيه الحدود ومتحرر من قيود وسلطة الماضي اي من رقابة الدولة والمجتمع بمفهومها التقليدي ، كما نبهنا الى ان سقفا مطلبيا لجيل جديد يتشكل بعبدا عن عقل الحكومة التدبيري بل وعقل الدولة الاستراتيجي ، مما جعلنا نعيش احتجاجات خارج نسق ثقافة الاحتجاجات التي الفناها لا من حيث مطالبها الاجتماعية ولا من حيث أشكال التعبير ، واعتقد ان محاصرة هذا المد الاحتجاجي بالمنع والاعتقالات لن يحل المشكل ، المطلوب استعجاليا هو الانصات لهذا الجيل وتفهم احتجاجه والعمل على إيجاد اجوبة حقيقية لفشل الحكومة في سياساتها الاجتماعية وتدميرها لمنظومة العمل الحزبي والسياسي والنقابي الجمعوي من خلال ترويضه والسيطرة عليه. فها هي اليوم أمام جيل جديد يحشد قواه بعيدا عن النظم التقليدية وبالتالي هذه الاحتجاجات ليست طفرة عابرة بل هي مؤشر على تراكم الغضب الشعبي والاجتماعي والفشل في مواجهة هيمنة الحكومة وتأثيرها لكل الوسائط المجتمعية القادرة على رفع المطالب الحقيقية لفئات الشعب المغربي . إذن ما هي طبيعة هذا الجيل الذي أطلق عليه جيل z ؟ وماهي سماته ؟ وسياق بروزه ؟ .
جيل z ، ليس مفهوم طارئا في حقل التداول، بل له وجود سابق على ما لاحظناه من احتجاجات شملت اهم المدن المغربية ، فهذا الوسم يطلق على الفئة العمرية المزدادة تقريبا ما بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة. هذا الجيل ترعرع على اشكالات المجتمع وفي غفلة من الجميع ، إذ ولد في ظل الطفرة الرقمية وثورة المعلوميات، ما جعله يختلف جذريا عن الأجيال السابقة ومغامرات لها في طريقة أنماط التفكير أو أشكال التفاعل الاجتماعي أو حتى القيم التي يتبناها ، ثم لا ننسى انه استوعب ذاته ووعى بتموقعه في سياق ازمات عالمية عززت من احساسه بالظلم والانكسار خصوصا في ظل توحش الرأسمالية وعودة الامبريالية الغربية وكذلك في ظلةعربدة الكيان الصهيوني ، ناهيك عن حالة الإحباط الاجتماعي الذي احتجته هذه الحكومة . فما هي خصائص هذا الجيل ؟

اولا : من الخصائص العامة زالمشترمة لهذا الجيل انه يتخندق قهرا في عالم الرقمنة وجعلها عالما خاصا به ، بل واعتنقها أسلوب حياة ، فجيل Z هو أول جيل ولد فيةعصر تشكل فيه التكنولوجيا مركز الخياة والاهتمام ، انطلاقا من الهواتف الذكية، والمتصات الرقمية والتطبيقات الذكية و مواقع التواصل الاجتماعي، والإنترنت بمختلف مستوياته المتاحة وغير المتاحة ، وبالتالي أن كانت الثورة التكنولوجيا تشكل لنا كجيل سابق فضاء اكتشاف وانبهار ، فهي بالنسبة له لم تكن بالنسبة له أدوات مكتشفة، بل جزء من حياته اليومية منذ الطفولة.
أي الاعتياد على السرعة والتشتت ، فجيل z تعود على استهلاك سريع للمحتوى، ما أدى إلى ضعف في التركيز الطويل، لكنه بالمقابل يمتلك قدرة عالية على التكيف مع التدفق الكبير للمعلومات الشيء الذي لم ننتبه اليه على مستوى سياساتنا التعليمية ، فهو جيل تمتد هويته في عوالم افتراضية تصادم واقعه المتردية .
ثم هو جيل غير نمطي وخرج من قمقم النمذجة التي قامت بها المؤسسة التعليمية لعقود في إطار إعادة الإنتاج للطبقات وللبنات الفوقية ، أي انه جيل يميل إلى التعددية والاختلاف ، وله رغبة جامحة في الانفتاح على عوالم وثقافات متعددة عبر الشبكات الاجتماعية وغيرها ، مما جعله( الجيل )الأكثر تقبلاً للتنوع وأكثر حساسية للقضايا المتعلقة بالحرية، المساواة، والعدالة الاجتماعية . ثم لا ننسى أن الشباب ميال إلى الخروج عن الإنساق التقليدية رغم تضخم النزعة الفردانية لديه ، فعلى الرغم من طابعه التواصلي، إلا أن جيل Z أظهر ميلاً أكبر للاستقلالية عن المؤسسات التقليدية (الأسرة، المدرسة، النقابة، الحزب) وبعض التصريحات عكست هذا المنحى .

ثانيا : هذا الجيل ( Z ) لم تخرجه ازمة بطالة بشكلها التقليدي لماذا ؟ اولا من حيث فحص المطالب المرفوعة فهي ليست فئوية بل اجتماعية وجماعية ، ثم ا٦ضاء هذا الجيل لهم موقع في سوق الشغل ، لكن يدخلون إلى سوق العمل بعقلية مختلفة ، ليست كجيلنا يبحث عن وظيفة قارة ، بل هو جيل يبحث عن مرونة، توازن بين الحياة الشخصية والمهنية، وإبداعية بدل الاكتفاء بوظائف مستقرة وتقليدية. بحيث نسق الشركات بدورها تواجه تحدي التكيف مع مطالبه من حيث العمل عن بعد، أوقات مرنة، والبعد القيمي … وغيرها من الاشكالات التي لا تشكل وعيا مبتكرة لدى الحكومة .

ثالثا : جيل Z والسياسة ، فما اثارني هو إعلان قطيعة مع التنظيمات بمفهومها التقليدي الأحزاب والنقابات ، ما يعني ان المشاركة السياسية عند جيل Z لا تسير بالضرورة عبر القنوات الكلاسيكية (الأحزاب والنقابات)، بل عبر الفضاء الرقمي من خلال الحملات الإلكترونية، المقاطعات الاقتصادية، أو التظاهر عبر الشبكات. هذا يبرز نمطا جديدا من الفعل الجماعي والاحتجاجي يبنى على الهويات الرقمية بدل الهويات الأيديولوجية الصلبة وهذا للاسف يختزل ازمة السياسة وتنظيماتها التقليدية اي النسق الحزبي والنقابي والجمعوي والعمل المدني، فتأميمه أدى إلى فقدانه لوظيفه المجتمعية .

ثالثا : نحن ازاء ازمة انتقال جيلي لايفكر فيه عقل السلطة بالبلد ، مما يعزز من شبكة التحديات المقصودة بهذا الأمر ومنها تعرض الشباب الى الإدمان الرقمي والعزلة الاجتماعية ، وتضخم مسالة تراجع الثقة لدسهم في المؤسسات. وجعلهم عرضة للقلق النفسي وضغوط المستقبل في ظل تحولات اقتصادية صعبة ومتسارعة ولا يجدون فيها فرصة . ما يعني ان حريك اجتماعي اخر يتم عبر. عالم الرقميات لشبابنا يعزله عن مجتمعه ويجعله ينتفض باشكال وطرق تعبير غير اعتيادية لكنها سلمية ومدنية .
هذا الوضع يطرح علينا جميعا التفكير في فهم الظاهرة أولا ثم
انتاج سباسات تعزز دينامية الابتكار وريادة الأعمال.
وتمتح القدرة على التكيف مع التحولات التكنولوجية.
وتتحكم في انتاج القابلية للانخراط في قضايا العصر بمناعة مجتمعية .

وختاما فجيل Z يمثل جيل التحول الرقمي والقيمي بامتياز. هو جيل يملك إمكانات هائلة للإبداع والابتكار، لكنه في الوقت نفسه يواجه مخاطر الانفصال عن واقعه الاجتماعي الملموس. التحدي المطروح أمام الدول، المؤسسات، والمجتمعات يتمثل في احتضان هذا الجيل وتوجيه طاقاته بدل محاولة إخضاعه لآليات تقليدية لم تعد قادرة على استيعابه.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة