الصورة انقلبت حينما احتاج الشعب دولته

01 أكتوبر 2025 14:25

هوية بريس – أنس النورثي

مرَّ بخاطري شريط ذكريات لأحداث زلزال الحوز؛ يوم احتاجت الدولة إلى مواطنيها لإغاثة إخوانهم المنكوبين، فكان الشعب يدًا واحدة، يبذل كل ما يستطيع، رأينا من لا يملك سوى كيس دقيق يتبرع به، ومن الشباب من سهر الليالي عاملا بجد واجتهاد في الإسعاف والنجدة، في مشهد تجلت فيه وحدة الصف وسمو الروح الوطنية.

غير أن الصورة انقلبت حينما احتاج الشعب دولته، ولم يطلب سوى مطالب يسيرة عادلة: تعليم نافع، وصحة تحفظ الكرامة، وعدالة اجتماعية تنصف الجميع….

فإذا بالدولة تجيبه بالقمع والاعتقالات «والحَگرة» وهنا تبرز القاعدة: كل فعل له ردة فعل.

الشباب العاقل الذي يرفع صوته بهذه المطالب المشروعة لا يريد تخريب وطنه؛ فالمخرب لا يطلب إصلاحا بتاتا..

لكن حين تقابل هذه الأصوات بالتهميش والتكميم، يركب المخربون الموجة، فيشوهون المطالب، ويفسدون كل شيء،كردة فعل وانتقام من دولة قصرت في التربية والتوجيه…

فالمناهج التعليمية المفرغة من القيم، وتوقيف الخطباء المصلحين، وإقصاء الأصوات الصادقة الناصحة، كلها أفرزت جيلا ضائعًا تتلقفه نماذج فاسدة من رموز الفن الهابط والقدوات المزيفة؛ تلك هي ثمرة “طوطو” وأمثاله، ونتاج سياسات أعمت البصيرة وأطفأت بواعث الصلاح.

ولولا تغييب المصلحين الصادقين، وتجفيف منابر الهداية، لما كان الشباب في أمسّ الحاجة إلى بدائل تنقذهم من التيه، فالمسؤولية في عنق الدولة أولا، قبل أن تلقى التهم على الأبناء المطالبين بالإصلاح..

ثم إن جل أولئك الذين اندفعوا إلى التخريب لا يشعرون بالانتماء الحقيقي إلى هذا الوطن، بل كثير من الشباب اليوم -وقد عايَنتُ هذا عن قُرب- يكاد لا يجد في داخله رابطا حيا يربطه بأرضه ولا دافعا يحمله هم أمته، نتيجة ما غرسته فيهم السياسات الفاشلة من اغتراب داخلي، وتهميش متواصل، وإحباط متراكم…

فكيف يُلام من تاه وهو لم يجد من يأخذ بيده إلى الصواب..؟

الله يصلح الحال والمآل.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
16°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة