الملك محمد السادس: “قالها ولم يقلها”

13 أكتوبر 2025 21:41

الملك محمد السادس: “قالها ولم يقلها”

هوية بريس – الصادق بنعلال

1 – في سياق وطني بالغ التعقيد وجه الملك محمد السادس أمس الجمعة 10-10-2025 ، خطابا إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة والأخيرة من الولاية التشريعية الحالية. وإذا كان مثل هذا الخطاب يمر بشكل اعتيادي في عديد المناسبات الوطنية، إلا أننا راهنا نشهد احتجاجات الشباب المغربي (جيل z)، التي انطلقت منذ أسبوعين في مختلف المدن الكبرى للمطالبة بالإصلاح الجذري لقطاعي التعليم والصحة، وإسقاط مختلف أشكال الفساد قصد الانتقال إلى مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

وفي هذا المنحى كان الشعب المغربي وكل شعوب العالم المعنية بالوضع الوطني والدولي، في انتظار “تطابق الرؤى” بين الخطاب الملكي وحراك الشباب تطابقا كليا “لا غبار عليه”! إرضاء لهذا الجيل المنتفض ونزولا عند رغبته في وضع حد لآفة الهدر السياسي والمجتمعي والتنموي.

2 – غير أن الملك محمد السادس وجه حديثه للبرلمانيين وللشعب “جملة وتفصيلا”، ولم يذكر في كل فقرات الخطاب الذي ضم حوالي 696 كلمة، (جيل z) وما أحدثه من زلزال مخيف في المشهد السياسي الوطني الراكد. وانطلاقا من مسلمة تحليل الخطاب السياسي المتمثلة في أن السياسة هي ابتداء وخبرا، تفاعل وتواصل مخصوص مع آلام  الحاضر وآمال المستقبل، فإن الخطاب المعني بالأمر لا يمكن أن يكون استثناء، بل إن التأمل الهادئ لألفاظ  وتعابير صوغه اللغوي تجعلنا نخلص دون عناء إلى نتيجة مؤكدة مفادها أن الملك تعاطى بطريقة إيجابية وبناءة مع “الحدث” المشتعل، وإذا كان قد دعا في خطاب العرش الأخير إلى “تسريع مسيرة المغرب الصاعد، وإطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية”، فإنه الآن ينتقل إلى التفاصيل والبرامج والقرارات قصيرة المدى من قبيل: دعوة النواب بنبرة انتقادية بالغة الوضوح: “لتكريس هذه السنة ” للعمل بروح الجدية والمسؤولية، لاستكمال المخططات التشريعية وتنفيذ البرامج والمشاريع المفتوحة، والتحلي باليقظة والالتزام في الدفاع عن قضايا المواطنين”.

 3 – كما نبه الهيئات الحزبية المترهلة “لإعطاء عناية خاصة لتأطير المواطنين والتعريف بالمبادرات التي تتخذها السلطات العمومية، ومختلف القوانين والقرارات، لا سيما تلك التي تهم حقوق وحريات المواطنين، بصفة مباشرة”. أما الحكومة فلم تسلم من سهام الاستهجان والتوبيخ غير المباشر: فهي معنية أول وأخيرا “بالقضايا الرئيسية، ذات الأسبقية التي حددناها؛ وعلى رأسها تشجيع المبادرات المحلية، والأنشطة الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل للشباب، والنهوض بقطاعات التعليم والصحة، والتأهيل الترابي”.ومن تحصيل الحاصل القول إن مطالب الشباب المغربي الراهنة حضرت بقوة وجلاء في هذا الخطاب: معالجة الاختلالات الهيكلية للصحة والتعليم والشغل التي اكتوى بلهيبها الشعب سنين عددا، ولأن منطق الدولة يستدعي حيثيات ومستلزمات ذات طابع مؤسسي رسمي، أنف الخطاب من انتهاج مسلك الشخصنة والتحديد المباشر، لكننا نستجلي حدب الملك على أبنائه وعنايته بمضامين نداءاتهم الصادقة، وعرض آلامهم وأوجاعهم دون أن يذكر بالاسم هذا الجيل الذي ترعرع بين أحضان العالم الرقمي والثورة التكنولوجية الهادرة. والسؤال المطروح هو: هل سيتم تدبير هذه الأزمة المجتمعية غير المسبوقة بنجاح ومسؤولية وجدية وربط المسؤولية بالمحاسبة، من أجل مغرب الوحدة والتقدم والتنمية الشاملة؟ أم أننا سنضيع مرة أخرى ضربة جزاء، ونفشل لا قدر الله في تجاوز هذا الحدث الوطني الجلل؟

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة