أيها الصعلوك.. للمساجد متعة لا يفقهها اللادينيون

هوية بريس – عبد الله العبولي
ابتليت كغيري من شباب هذا الجيل بمشاهدة المقاطع القصيرة على مختلف المنصات، عادة أصبحت لا أنفك عنها و لا تحيد عني، لم تكن علاقة حب، لكن كانت أعقد من ذلك بكثير، هو إدمان قد اجتاح الأغلبية الساحقة من هذا الجيل غير مقتصر على الشباب فحسب، بل اجتازهم وصولا للشيوخ وحتى الأطفال، فقد صرنا مع الأسف، نستهلك كل ما يبرز لنا من محتوى سواء كان مفيدا أو غير ذلك، نسحب بأصابعنا نحو الأسفل مع نهاية كل فيديو، لا نعلم لأين نتجه، كل ما نفعله هو السحب للوصول لشيء لا نعرف ما هو، وهكذا نستمر بالنزول ونستمر بإضاعة وقت سنبكي على ضياعه لاحقا…
كنت وأنا أتصفح هاتفي، أمر على مختلف فئات المحتوى، ما بين آيات قرآنية أو مقتطفات من بودكاستات أو مقاطع مضحكة، حتى ظهر لي مقطع به وجه مألوف جدا رغم أنه لم يكن واضحا، كان وجه امرأة أو هكذا ظننت، نظرا لخلو وجهه من أي شعر كما لو كان رخاما أو زليجا مغربيا أصيلا..، مع شعر أبيض يبرز من الجانبين من كثرة التفكير في كيفية محاربة الدين، لكن بعد التركيز قليلا، تبين أنه أحد المفكرين المشهورين، والدكاترة المتمكنين، كما وصفه أحد المذيعين المصريين قائلا: “هو الكاتب والمفكر والعلامة والمقاتل الحقيقي…”، قال أكثر من ذلك، لكنني سأتوقف هنا خوفا أن يقع هذا السطر من شدة الكذب، فقد سمعت هذا المفكر العبقري يتفوه بشيء لا يقوله عادة المفكرون، لأنه لو فكر قليلا وأعمل عقله ما كان ليقول قولته تلك التي كشفت جهله الكبير وأظهرت عداءه تجاه كل مظاهر التدين، فقد قال: “تعطينا الملاعب المتعة والمال، لكن في المقابل، المساجد لا تعطينا متعة ولا مالا”!!
كان كلاما غريبا جدا، فكلنا نعلم مكانة المساجد في الإسلام، وتأثيرها الكبير على مجتماعتنا، إذ لا يمكنني أن اتخيل حيا أو مجمعا أو مدينة من دون مسجد، ثم إن الطارح لهذه الجملة يعاني من مشكلة واضحة في الإدراك، إذ كيف لمحاربي التدين ومعادي الإسلام أن يشعروا بالمتعة في المساجد؟ كيف لهم أن يبحثو عن السعادة أو يعترفوا بها في شيء هم في الأصل معادون له؟ أسئلة كثيرة طرحتها آنذاك، لكن تذكري لبعض الأقوال التي قالها ذلك الصعلوك -كما وصفه بها سياسي سابق- أزال عني هذه الأسئلة وأزال الاستغراب، فهل من وصف رسائل النبي صلى الله عليه وسلم بالإرهابية، تنتظر منه وصف المساجد بالممتعة؟ وهل من ينكر سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويطعن في الأحاديث من الممكن أن يمدح المساجد في شيء؟
لكن هناك ما توصلت إليه ويعتبر إجابة لذلك الطرح الخالي من المنطقية كحال طارحه، تريد أن تتأكد أن كان للمساجد متعة؟
اسأل من كان بعيدا عن طريق الحق ثم وفقه الله للعودة إلى جادة الصواب، اسأل من كان مكتئبا حتى أذهب الله عنه الحزن وعادة لسجادة الصلاة ولجماعة المسجد، اسأل من كان منحرفا ومبتلى بكل الموبقات ثم من الله عليه وعلق قلبه بالمساجد، اسأل من يقوم الليل عن تلك المتعة التي حرمها النائمون، اسأل ذلك العجوز عن سبب قدومه للمسجد قبل ساعتين من دخول وقت الصلاة، لماذا يفعلون كل ذلك، لو لم يكن في المساجد متعة وراحة وطمأنينة؟
ببساطة لن يفهم هؤلاء المعادون للإسلام ذلك الشعور الروحاني الجميل الذي يصاحب الشعائر الدينية، كأنك تسأل من يبيت في الشارع في ليالي الشتاء الباردة، عن شعور المغطى بفرو الدب عند النار…



