زكاة الأجور بعد خصم النفقة المقدَّرة بالأجر الأدنى الرسمي

27 أكتوبر 2025 15:29

هوية بريس – د.قاسم اكحيلات

سبق لنا بيان طريقة إخراج زكاة الراتب فراجعه. وبالنظر في شروط الزكاة، يتبين أن الفتوى المذكورة لا يتحقق فيها أي شرط من شروط الوجوب، وذلك من وجوه:

1. عدم تحقق شرط الحول:

عن ‌ابن عمر رضي الله عنهما قال:«لا تجب في مال زكاة ‌حتى ‌يحول ‌عليه ‌الحول». [موطأ مالك – رواية يحيى (1/ 246 ت عبد الباقي)]. والأجرة في الغالب تُنفق في نفقات المعيشة قبل تمام الشهر، فلا يبقى منها ما يُدّخر حتى يحول عليه الحول ويبلغ النصاب. فهي ليست مالًا ناميًا بطبيعتها، إلا إذا ادّخرها صاحبها. وهذا محل اتفاق، قال ابن عبد البر: «وأما الذهب والورِق –أي الفضة–، فلا تجب الزكاة في شيء منها إلا بعد ‌تمام ‌الحول ‌أيضًا. وعلى هذا جمهور العلماء، والخلاف فيه شذوذ» [التمهيد (12/526)]. وهو عمل أهل المدينة، قال مالك: «السنة عندنا أنه لا تجب ‌على ‌وارث، في مال ورثه، الزكاة. حتى يحول عليه الحول». [موطأ مالك – رواية يحيى (1/ 252 ت عبد الباقي)]. ومن اختار القول بعدم اشتراط الحول من المعاصرين القرضاوي، فقد نص على أنه لا يشترط لوجوب الزكاة فيه مرور حول، بل يزكيه حين يقبضه. [فقه الزكاة (437/1)]. واختار نحوه محمد الغزالي الذي قال أن زكاة الراتب تقاس على المحاصيل الزراعية!. فتخرج بمجرد بلوغ النصاب وهو نصاب الزروع حتى ولو لم يمر عليها الحول، والقدر الواجب هو العشر أو نصف العشر وفق الجهد المبذول. [الإسلام والأوضاع الاقتصادية (ص190)]. وذكرا أدلة ليس هذا محل بسطها.

2. عدم تحقق النصاب:

وهو شرط مجمع عليه، قال ابن حزم: «‌واتفقوا ‌على ‌أن ‌من ‌كان ‌عنده ‌أقل من النصاب من كل شيء يزكى فإنه لا زكاة عليه» [مراتب الإجماع (ص37)]. والموظف الذي يتقاضى أجرًا شهريًا غالبًا ما ينفقه في ضروراته قبل أن يبلغ النصاب أو يدّخره حولًا كاملًا، فلا يتحقق فيه هذا الشرط أصلًا.

3. عدم وجود الملك التام :
والملك التام يتحقق في كل ما لــم يتعلق به حق الغير، ويمكن التصرف فيه حسب الاختيار وريعه أو نماؤه حاصل لمالكه. [المعايير الشرعية (ص883)] وهو قول المالكية [شرح الخرشي على مختصر خليل – ومعه حاشية العدوي (2/179)].

4. النفقات متغيرة لا ثابتة:

تختلف النفقات باختلاف الأحوال والمستويات المعيشية، فلا يصح تحديد مقدار النفقة بمقدار ثابت كالأجر الأدنى الرسمي، لأن من يعيش في البادية لا يُقاس على من يعيش في المدن، بل حتى المدن تختلف فيما بينها، بل في الأسرة الواحدة تختلف نفقات أفرادها، فلا يستوي من له عائلة كبيرة بمن لا عائلة له، ولا بين صحيح ومريض.. ولهذا كانت العبرة بتحقق النصاب بعد الحول، لا بتقدير النفقة. قال ربنا: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق:7].

5. مخالفة مقصد الشريعة في التيسير:

الزكاة شُرعت لتحقيق مقاصد الرحمة والتيسير، لا لفرض المشقة على الناس. وإلزام الموظف بزكاة راتبه الشهري، رغم حاجته إليه في النفقة اليومية، يُخالف هذه المقاصد، إذ لا يُتصور بقاء النصاب معه إلا نادرًا في حال الوظائف السامية، وهي كذلك تخضع لنفقة صاحبها الذي هو أيضا تزيد نفقته مع زيادة دخله.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة