خطة التسديد في توقيف الخطيب من تأليف وزير التوقيف

خطة التسديد في توقيف الخطيب من تأليف وزير التوقيف
هوية بريس – محمد عوام
فلئن حاز الفريق الوطني لأقل من 20 سنة بالفوز بكأس العالم في كرة القدم لهذه السنة، فلا جرم أن بطل هذه السنة في توقيف الخطباء هو وزير التوقيف، الذي ينبغي أن يمنح بموجب ذلك جائزة وطنية ودولية، لما شهده عهده المأمون من إسهال في توقيف الخطباء، بتعليلات واهية، حتى من مجرد شكاية مغرضة طائشة، تأتي من هنا ومن هناك، ومن غير أن يكون للمجلس العلمي الأعلى أي سلطة أو رأي في ذلك.
مما يجعل المتتبع يرجح، ويضع احتمال وجود مخطط مسكوت عنه يرمي إلى تجفيف المنابر، وقطع صلتها بكل خطيب له أثره في المجتمع، سلوكا والتزاما، ودعوة وتبليغا، فهذا النوع من الخطباء أصبحوا عند وزير التوقيفات المدعو أحمد التوفيق، الذي لم يأخذ حظا من اسمه البتة، لا تتحملهم وزارته.
وها نحن اليوم أمام توقيف جديد للأستاذ خالد التواج بحجة أنه تحدث حول “التحذير من الإسراف والتبذير” وتحدث عن صور تبذير المال العام”، ونحن نسأل وزير التوقيف أليست هذه حقيقة يعرفها الصغير والكبير في بلدنا، وتتحدث عنها الصحف، وتذكر أسماء المبذرين والمسرفين والمختلسين؟ فما المانع شرعا وعقلا وقانونا وأخلاقا أن يتحدث الخطيب عن المحافظة على المال العام، ويحذر من اختلاسه والتخوض فيه بغير حق؟ أليس هذا من تسديد التبليغ الحق أم أنه من التبليع بالباطل؟
لا ينقضي عجبي من هذه التوقيفات للوزير التي يستحق عليها جائزة نوبل للتوقيفات، والتي لم يشهد لها المغرب مثيلا في تاريخه، وبهذه الكيفية المخالفة للشرع والعقل. وهذا لا يخدم المنابر ولا الثوابت التي أنفقت فيها الوزارة جهدا ومالا. فلا بد للخطيب، وهذا من البلاغ المبين، والتسديد الحكيم، أن يتحدث عن قضايا وطنه وأمته، بما يوجه الناس ويرشدهم إلى الخير من غير تعيين، ولا حرب على أحد، لأن المنابر للإرشاد والتبليغ والتربية، والتحذير من اقتراف الموبقات والمنهيات، ومن جملة المنهيات الكبائر المتعلقة بالشأن العام.
لكن الظاهر من هذه التوقيفات غير الموفقة تكميم أفواه الخطباء، في الوقت الذي نجد كل المنابر الإعلامية تتحدث وتتكلم، بل وتنتقد الدين نفسه، فيطعن بعضهم في السنة، وبعضهم في القرآن بالتأويل والتحريف، ومع ذلك لم نسمع من شكوى للوزير، لكنه بالمقابل يلمز الحركة الإسلامية من طرف خفي، وينتقد ما يسمى بالإسلام السياسي، كما صنع في تعيين المندوب الجهوي الدكتور محمد خروبات.
إن التضييق على الدعاة والخطباء له عواقب وخيمة، على من يقوم بذلك لأنه سوف يحاسب على أفعاله يوم تنتهي المناصب، وتزول كل السلطات، ويأتي الإنسان يوم القيامة فردا. ثم أيضا على المجتمع والدولة، بتفريخ التطرف وتعشيشه في عقول الشباب، حين لا يجدون المخلصين من العلماء والدعاة فيأخذوا بأيديهم، ويعلمونهم الدين الحق، ويحثونهم على الاعتدال والوسطية.
إن خطة التسديد لن تؤتي أكلها بتوقيف الخطباء، ولا بتوحيد الخطبة، ولا بتجاهل الواقع، وإنما باحترام الخطيب وتقديره، وتقدير وظيفته التي ينوب فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولن ينفع التوقيف، وعلى الوزير الذي بلغ من العمر عتيا أن يراجع نفسه في هذه التوقيفات قبل أن يدركه أجله فيسأل عنها يوم القيامة.



