الاسلام ومسألة الفهم و التفسير

01 نوفمبر 2025 17:50

الاسلام ومسألة الفهم و التفسير

هوية بريس – إبراهيم الناية

يطرح هذا العنوان أهم مشكلة معرفية تواجه الإنسان المسلم اليوم ،وهي مسألة فهم الإسلام وتفسيره، علما أن الكل متفق على أن الإسلام دين الله ووحي سماوي، ولكن المشكلة هي مشكلة الفهم والتفسير التي تعود إلى الجهل بحقيقة الإسلام، والأمر لا يتعلق بالاختلاف حول قضية فقهية أو لغوية تحتمل التعدد، وإنما يتعلق الأمر بالإطار العام أو النسق العام للمنظومة الإسلامية .فالإسلام منهج شامل للحياة متكامل يشمل جميع جوانب الحياة البشرية، فهل يفهم المسلمون الإسلام على هذا الأساس؟ وإذا كان هناك غبش في نفوس بعض المسلمين عن مفهوم الإسلام فهذا يعني أن هناك فساداً في التصور الذي سيتبعه لا محالة فساد في السلوك. ولعل قراءة الإسلام في ظل التشابكات المعرفية والعقائدية المختلفة لعالمنا اليوم جعلت البعض يستحضر أثناء قراءته للإسلام: أن الخطاب الإلهي ينطبق عليه ما ينطبق على الخطاب البشري، وهذا الصنف لا يهمنا أي الصنف الذي حاول قراءة الإسلام انطلاقا من ثوابت الفكر الغربي وأسقطوا على النص الإلهي مواصفات الخطاب البشري وكأن الخطاب الإلهي يستغرقه الزمان والمكان، علما أن الفرق بين كلام الله وكلام البشر هو الفرق بين الخالق والمخلوق.

وقد حصل هذا قديما عند المتفلسفة المسلمين عندما قرأوا الدين انطلاقا من ثوابت الفكر اليوناني أو غيره ،وما هو حاصل عند دعاة التغريب اليوم الذين فهموا الدين بمنظور الفكر الغربي دون القيام بقراءته من الداخل ومعرفة ميزاته وخصوصيته، هؤلاء الذين ينطلقون من ثوابت الفكر الغربي وينظرون إلى الإسلام وإلى واقع المسلمين من المنظومة المرجعية الغربية، ويسقطون على الإسلا والتاريخ الإسلامي وتراثه مفاهيم الثقافة الغربية، وهذا الأمر لم يكن مستحدثا بل إنه ومنذ العهد الأول للإسلام والتيارات غير إسلامية تحاول التغلغل داخل المجتمع الإسلامي وقد شكلت هذه التصورات الوافدة والمشكلات الداخلية تيارات مذهبية حملت عناوين مختلفة ولكن لم يستطع أحد أن يتجرأ أن يجعل الإسلام محل تساؤل كما هو الشأن اليوم، ولم يقع الإجماع على أن تلك التيارات تمثل الفهم الصحيح لإسلام اللهم إلا إذا تبنتها الدولة وأصبحت اديولوجيتها كما هو الشأن في مذهب الاعتزال الذي تبنته الدولة العباسية وفرضته بحد السيف ،كما نجد اليوم من يستحضر مصطلح الخوارج وهي تلك الفرقة التي انشقت عن جيش علي بعد قبوله بمبدأ التحكيم بينه وبين معاوية في معركة ،صفين ونادى هؤلاء الخارجون عن صف علي( بأن لا حكم إلا لله) الامر الذي جعل الإمام علي رضي الله عنه يقول : “كلمةُ حق أريد بها باطل” هؤلاء يستحضرون هذا المصطلح ويحاولون إسقاطه على كل من يتصدى بالنقد والمحاسبة للذين يتولون تسيير شؤون الأمة، وتناسوا أن سلمان الفارسي واجه عمر بن الخطاب وهو قائم يخطب على المنبر ،وقد جعلوا من أفكارهم وآرائهم اديولوجية لخدمة الظلم والاستبداد ووظفوا أنفسهم أدوات طيعة لخدمة الظالمين الذين أشاعوا الظلم والفساد وسفكوا دماء البشر وآصابوا الناس في أرزاقهم وتسلطوا على اعناقهم وهذا الأمر مارسته الكنيسة في العصر الوسيط حيث كانت اديولوجية الطبقة الحاكمة المستبدة التي نكلت بالناس وأشاعت الظلم بينهم والغريب أن هؤلاء تركوا نصوص القرآن الواضحة والصريحة والأحاديث النبوية الصحيحة وسلوك النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وصفاته وتقريراته وأعمال الصحابة وراحوا يبحثون عن أحكام استندوا في تبنيها على أقاويل بعض الفقهاء في مرحلة تاريخية معينة وتناسوا أن علماء الحديث لا يأخذون رواية كل من يقترب من الحكم ورجاله، كما تناسى هؤلاء أن الإسلام جاء ليحرر البشر من العبودية والظلم والاستبداد وأن يعيش الإنسان الحياة في ظل العدل والمساواة. فلقد قال ربعي بن عامر : نحن قوم إبتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ،ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

والسؤال الحاسم ما الفرق بين أفكار هؤلاء وتصوراتهم ومواقفهم وبين أفكار الإمام ابن تيمية وابن القيم الجوزية وغيرهم كثير. كما أنه ينبغي أن نؤكد أنه ليس هناك إسلام شرقي أو غربي وإنما هناك إسلام واحد هو الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وليس الأمر كما يحلو للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو: إن لكل مجتمع حقيقته وأن المجتمع هو الذي ينتج الحقيقة وليست هناك حقيقة موضوعية واحدة يمكن للناس أن يتفقوا عليها. والصحيح أن الحقيقة واحدة ولكن هوى الإنسان هو الذي يجعل الحقيقة أو الحق يتعدد .ومن أشار ومن آثار هذه الرؤية نجد أن هناك من يطرح مسألة الشأن الديني وكأنه بمعزل عن بقية الشؤون أو أن الدين لا علاقة له بالشأن الاقتصادي والاجتماعي وغيره.

وإذا كان الأمر كذلك فلماذا الاختلاف حول مفهوم الإسلام وحقيقته ؟ وما الأسباب وراء ذلك؟ أولاً وقد يتساءل الإنسان العادي إذا كنا جميعا مسلمين فلماذا الفرقة والاختلاف ؟وقد يكون الجواب المباشر عن هذا السؤال هو: أن ما يعانيه المسلمون اليوم هو الجهل بحقيقة الإسلام ورحم الله ذلك الذي قال: الإسلام بين عجز العلماء وجهل الأبناء ، لأنه حيث ما يكون الجهل تكون المصائب ويكون كل شيء يخالف مقصد الإسلام ذاته الذي نزل من أجل إخراج البشر من سبات الجهل. وعلى هذا الأساس كيف يؤمن هؤلاء المسلمون بالإسلام وهم يجهلون حقيقته؟ وقد صدق بعضهم عندما قال: هناك شباب متحمس للإسلام ولكنه ليس متحمسا لقراءة الإسلام. وبتعبير بسيط هناك مسلمون بلا إسلام. وقد نلاحظ ذلك في كثير من المسلمين قد يصلون ويصومون ولكنهم يفكرون بطريقة غير إسلامية ومن ثم يكون السؤال كيف يكون الإنسان مسلما بدون تصور إسلامي؟ أي الميزان والمقياس الذي يزن به الأشياء ويقوم به الأمور.

وقد يبدو ذلك واضحا في أن كثيرا من المسلمين لا يعرفون مقاصد الشرع وأهدافه ولماذا جاء الإسلام؟ فهم يقولون إنهم يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. ولكنهم لا يعرفون دلالة الألوهية والربوبية وماذا تعني عبودية البشر للخالق. والأدهى أن كثيرا من المسلمين المنهزمين عقليا ونفسيا غير قادرين على التصريح بأنهم مسلمون بل أصبحوا يعتمدون في معرفتهم للإسلام على وسائل الإعلام .وقد نشأ عن الجهل بحقيقة الإسلام إعجاب كل ذي رأيه برأيه ولم تترك أي فرصة لإقرار الحق في الاختلاف الأمر الذي ترتبت عنه حمقات لا حدود لها ،فقد تجد من يكفر مسلما آخر بدون وجه حق أو يفتي بإراقة دمه لا لشيء إلا لأنه لا يوافقه الرأي، ونسي هذا النوع من الناس قول الله تعالى ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) ونسي هؤلاء قول الله تعالى( أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) ولم يعلم هذا الصنف من الناس أن مهمة الرسول والأنبياء هي تعليم الناس وتربيتهم وأخذهم برفق وإصلاحهم والإحسان إليهم وتقديم القدوة النموذجية لهم في كل شيء من سلوك وغيره والصبر على أخطائهم حتى يتفطنوا أن ماهم عليه ينبغي تغييره.
وقد وقعت امثال هذه التجاوزات الخطيرة في زمن الأمويين مع الطائفة القدرية وغيرها كما وقعت في زمن العباسيين حول مسألة خلق القرآن. ولذلك الجهل بحقيقة الإسلام هي المعضلة الكبرى التي يعاني منها المسلمون اليوم ،وقد نجد من حرق كتب تيار اسلامي معين في الساحات المدرسية في الوقت الحالي، كما حرقت كتب الفقه المالكي ومختصر خليل تحديدا لأنه يعالج مسألة الرق في زمن معين، وقديما حرق كتاب إحياء علوم الدين في زمن المرابطين لأن حركات صوفية تعارض المرابطين كانت تتغذى عليه وليس كما يدعي البعض أن الغزالي انتقد فقهاء الفروع. ولعبت السياسة دورها في حرق كتب ابن رشدين زمن دولة الموحدين (دولة العقل) علما أن ابن رشد لم يقدم على قراءة الفلسفة اليونانية إلا بالإشارة من الأمير الموحدي أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن علي الگومي .كما نرى حاليا أن هناك من يُخضع المفاهيم الإسلامية لجهاز مفاهيمه التنظيمية لتكون لها المشروعية ولم يعلم هؤلاء أن الإسلام دين رباني ووسيلته في العمل ينبغي أن تكون ربانية. ولذلك فالإسلام يرفض كل الأساليب التي لا تتلائم طبيعته الربانية. إذن الطامة الكبرى هي الجهل بحقيقة الدين أو الفهم السطحي له ،ومن ثم نرى كثيرا من الناس يدعي أنه مالك للحقيقة وفهمه هو الفهم الصحيح ويقوم بإقصاء الآخر كما نجد كثيرا من الفقهاء يخضعون الفتاوي الشرعية لواقع معين بلي أعناق الأحكام الشرعية حتى توافق الأهواء.

ثانيا وهناك مسألة ظهرت في عصر التدوين وهي مسألة تقنية لتسهيل الدراسة والبحث وهي أن الفقهاء من أجل تبسيط دراسة العلوم. الفقهية فقسموا الموضوعات: إلى عقائد وعبادات ومعاملات ولما جاءت عصور الانحطاط ترسخت في أذهان الناس أن العبادة شيء والمعاملة شيء آخر، بل ذهبت المرجئة إلى القول ( لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة ) وهذا ما ترتبت عنه عند المسلمين فجوة بين المعتقد والتصور والسلوك الأمر الذي نجم عنه أزمة السلوك والممارسة والفهم عند الإنسان المسلم . إن القول بأن الإيمان هو التصديق أو التصديق والإقرار وإخراج العمل من مسمى الإيمان وهو أخطر المزالق التي أدخلتها بعض الفرق على العقيدة الإسلامية الصافية ومفهومها الصحيح. إن الدين الإسلامي نزل لينشئ واقعا تحكمه شريعة الله ومنهجه للحياة ،فكيف يمكن تصور أمر هذا الدين حين يكون تصديقا بالقلب وإقرارا باللسان دون عمل بمقتضى هذا التصديق والإقرار في واقع الحياة؟ فهل أنزل الله الإسلام من أجل أن يصدق الناس بقلوبهم ويقروا بألسنتهم ثم يترك الحياة ليحكمها العقل البشري ؟ وكيف يمكن تغيير واقع حياة الناس بدون عمل واقعي إيجابي ملموس يمثل اعتقادا في القلب وعملا في واقع الحياة؟

ثالثا وهناك من يقوم بتجزئة الدين وتبعيضه ليوافق هواه وفي الآن ذاته يدعي بأن قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أراد أن يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم فعليه أن يقتدي به في مختلف المجالات ولا يقتدي به فقط في جزئية واحدة من الدين أي هناك من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في مسائل قليلة دون أن يكون لهم الارتباط بالإسلام الشمودي ويسقطوا الجوانب الأخرى من الإسلام، وهل يستطيع بشر أن يزعم أنه أعبد من الرسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف كانت عبادته صلى الله عليه وسلم ؟ يصوم ويفطر ينام ويقوم الليل ويتزوج النساء وهو أكبر قدوة ونموذج في التربية والجهاد وفي إقامة العدل وتنظيم شؤون الدولة إلى جانب تسيير شؤونه الخاصة والرسول صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين فلماذا لا تتأسى الصوفية بالرسول صلى الله عليه وسلم في عبادته وفي إيجابيته وفاعليته وواقعيته ومجابهته للواقع السيء لهدمه وإنشاء الواقع الصحيح بدلا منه؟ ولماذا لا تقتدي كثير من الاتجاهات التجزئية بالرسول صلى الله عليه وسلم في تقواه وكرمه ومعاملاته وفي إقامة العدل وإحقاق الحق وفي الصدق والأمانة والاستقامة والعفاف والطهارة ومراعاة حقوق البشر؟

رابعا وهناك مسألة أخرى غاية في الأهمية وهي التركيز عند البعض على دراسة الجزئيات دون الإلمام بمعرفة الكليات الشاملة أي التصور الإسلامي أو الرؤية الإسلامية، ينبغي فهم النسق العام للإسلام ومقاصده الشمولية أولا ليتسنى بعد ذلك دراسة الجزئيات المكونة للكليات ،وهنا لا ينبغي أن نفهم الأمور خطأ أي أنه لا يتعين علينا معرفة الأحكام المتعلقة بالحياة الإنسان وهي كلها جزئيات وإنما الأمر يقتضي معرفة الخيط الناظم لكل العلوم الإسلامية فكم من شخص له معرفة متميزة بأحد العلوم الإسلامية ولكنه للأسف لا يفكر بطريقة إسلامية لأنه يفتقر إلى التصور الإسلامي، ولذلك دراسة التصور الإسلامي من أوجب الواجبات ومن ثم ان التركيز على دراسة الجزئيات دون الإلمام بالكليات خطأ منهجي قد يؤدي إلى سوء الفهم كما أن سبب كثير من الإنحرافات الفكرية والتصورية ناشئ عن الجهل بحقيقة الدين الكلية والتركيز على الجزئيات.

خامسا : كما أن هناك من يفهم السنة فهما طرقيا ويعتبر أن فهمه هو الفهم الصحيح ليضيق الواسع ويغض الطرف عن بقية الأحاديث الصحيحة الواردة في المجال ويقوم بإقصاء الآخرين وكأنه المالك للحقيقة وغيره على خطأ ،وعليه واستناد على ما تقدم يمكن القول أن الاختلاف بين المسلمين يعود إلى أمرين: الاختلاف حول فهم الإسلام والاختلاف حول تحليل الواقع .ولذلك ماذا نعني بالإسلام؟ وما هي أهدافه ومقاصده ؟وكيف فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام وكيف التزم به وطبقه؟ من نافلة القول: التأكيد على أن الإسلام دين الله المنزل جاء لتحرير الإنسان من هوى النفس ومن العبودية لغير الله سبحانه ثم جاء لصياغة المجتمع وبنائه وفق قوانينه وشرائعه. ولذلك يقول الشاطبي: (مقصد الشرع إخراج العبد من داعية هواه ليكون عبدا لله اختيارا كما كان عبدا لله اضطرارا) ان الإنسان جزء من هذا الوجود الكوني الذي خلقه الله وفق القوانين التي أرادها والقوانين التي تحكم فطرة الإنسان ليست بمعزل عن القانون الذي يحكم الوجود كله .والإسلام هو هذا المنهج الإلهي العام الذي ينظم حياة الإنسان في كل تشكلاتها العقائدية والعبادية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفردية والاجتماعية وفي كل شيء يتعلق بحياة الإنسان قل أو كثر .
ولذلك الإسلام باعتباره منهجاً إلهياً جاء ليكون هناك انسجام وتوافق بين القانون الذي يحكم الجانب الإرادي من الإنسان والجانب اللا إرادي من حياته.

ولذلك إذا كان الإنسان أجمل كائن في الوجود فعليه أن يكون فعله فعلاً جميلاً حتى يكون هناك تناسق وانسجام بين جمال الفعل وجمال الخلق.

والإسلام ليس نظرية ثقافية فقط يمكن استيعاب مضامينها بالعقل وحده بل لابد من الجمع بين النظر والعمل فهو تصور وممارسة ولذلك إن تحقيقه في الواقع راجع إلى الجهد الذي يبذله الإنسان، وإذا أراد الإنسان أن يعرف أسرار كثير من حقائقه فعليه أن يعيش الإسلام في واقع حياته.

وإجمالاً إن الإسلام شريعة كونية إلهية وبما أنها آخر الرسلات فهي تحمل عناصر البقاء والاستمرار. جاءت لتحقق أهداف أساسية في نظام حياة البشر من بينها تحقيق التوازن في كل شيء عبادة كانت أو سلوكاً وكل ما يرتبط بواقع حياة الناس. وجاء الإسلام كما مر معنا لتحرير الإنسان من عبودية البشر والهوى، فهو بذلك يهدف إلى إعلان القوامة والسلطان لله على البشر أي إعلان العبودية المطلقة لله أي اتخاذه وحده إلهاً ورباً في العقيدة والشريعة وفي كل جوانب الحياة المادية والروحية. وهنا ينبغي أن نؤكد أن مدلول الشريعة لا يتعلق بالقوانين فقط وإنما يعني كل ما شرعه الله لتنظيم الحياة البشرية وهذا يتجلى في أصول الاعتقاد وأصول الحكم وأصول الأخلاق وأصول السلوك والمعرفة، ولكن يتعين الرجوع في شأن النشاط الفكري إلى التصور الإسلامي وإلى مصدره الرباني ،وهنا يطرح السؤال كيف أستطيع كمسلم أن أتعامل مع مختلف التصورات الفكرية والرؤى المختلفة غير الإسلامية؟ بمعنى هل استطاع المسلمون تكوين نظرية شمولية متكاملة يستطيعون من خلالها استنادا على المنهج الإسلامي أن ينظروا إلى مختلف إنتاجات الفكر البشري التي تختلف مع معتقداتهم وأفكارهم وتصوراتهم؟ إن حكاية الثقافة تراث إنساني لا وطن له ولا جنس ولا دين حكاية صحيحة عندما يتعلق الأمر بالعلوم كالرياضيات والفيزياء وغيرها ومختلف تطبيقاتها العلمية .اما إذا كانت المعارف تتعلق بالفلسفة والآداب والتاريخ وغيرها من مباحث العلوم الإنسانية فهنا لا بد من معرفة كيف نتعامل معها انطلاقا من الرؤية الإسلامية؟.
وعليه لا بد أن يكون المسلم متمكنا من التصور الإسلامي وآليات تحليله وأن يكون ملما بالمعارف التي ينتقدها لأنه كيف يمكن للإنسان أن ينتقد شيئا وهو يجهل حقيقته؟ وفي الأخير إن الإسلام دين العدل والرحمة والمحبة والرفق والإحسان والحجة والإقناع وخفض الجناح. فعندما سأل سائل أحد المربين عن حكم تارك الصلاة فأجابه أن تقنعه وتدخله إلى المسجد ولم يجبه بالأحكام المتعلقة بالموضوع التي تحدث عنها الفقهاء لأنه يتحدث بعقلية المربي.

هذه وجهة نظر قد يكون رأيي فيها صحيحا يحتمل الخطأ وقد يكون رأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
19°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة