من “الخوارج” إلى “المجرمين”.. وزير الأوقاف يستمر في إهانة السادة العلماء!

من “الخوارج” إلى “المجرمين”.. وزير الأوقاف يستمر في إهانة السادة العلماء!
هوية بريس – متابعات
عاد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق ليثير الجدل من بوابة تدبير الشأن الديني، بعدما وصف منتقدي توحيد خطبة الجمعة بــ”المجرمين”، وذلك خلال مناقشة مشروع ميزانية وزارته بلجنة الشؤون الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب.
التوفيق اعتبر أن أي اعتراض على هذه الخطة “يمس المجلس العلمي الأعلى الذي يمثل إمامة الأمة”، متسائلاً باستنكار: “كيف يأتي شخص ويدعي أنه يفهم أكثر من المجلس العلمي الأعلى؟”.
وأضاف الوزير أن توحيد الخطب “حق مشروع” للمؤسسة الدينية الرسمية، مؤكداً أن العلماء هم من يقترحون الموضوعات دون فرضها على الخطباء، وأن “الإيمان والعمل الصالح” هما أساس الخطبة.
وتأتي هذه الخرجة الجديدة لتعيد إلى الواجهة تصريحات سابقة للتوفيق وصف فيها فقهاء وخطباء معارضين بخطاب “الخوارج وأصحاب الفهامات الخاوية”، في سياق دفاعه المتكرر عن المركزية الكاملة في إدارة المساجد والخطب الدينية.
في المقابل، أثارت تصريحات التوفيق موجة انتقادات واسعة داخل الأوساط الدينية والفكرية. وفي هذا السياق كتب الدكتور محمد عوام معلقا على كلام الوزير: “ما زال وزير التوقيفات مستمراً في غيه… يصف منتقدي خطة التبليغ بالمجرمين، وكأنها قرآن يتلى. لم نكن نتصور أن يبلغ التشنج والبذاءة هذا الحد”.
وتساءل عوام بنبرة حادة: “هل الدعوة لاحترام استقلالية الخطيب وحرية الخطابة إجرام؟ وهل التنوّع الذي يعكس واقع الناس جريرة؟” مضيفاً أن الإجرام الحقيقي هو “فرض ما لا يرضاه الناس ومنع المنابر من أداء رسالتها”.
وختم ذات المتحدث تدخله بالاستشهاد بقوله تعالى: {وأعرض عن الجاهلين} وببيت للشافعي في الرد على الشتائم.
في الوقت الذي يقتضي فيه تدبير الشأن الديني حكمة واتزانا واستيعابا لاختلاف الاجتهادات، يختار وزير الأوقاف لغة الإقصاء والتجريم في مواجهة أصوات علمية معتبرة تطالب فقط بفضاء أرحب للاجتهاد والخطابة والتنوّع داخل إطار الثوابت الوطنية.
إن وصف العلماء والخطباء المنتقدين بــ”المجرمين” لا يثير الجدل فحسب، بل يطرح سؤالا عميقا حول مستقبل الحقل الديني:
هل المطلوب إجماع صامت أم تعدد راشد يثري الفكر ويخدم رسالة المسجد؟
لقد آن الأوان لفتح نقاش جدي حول حدود السلطة في توجيه الخطاب الديني، وعن موقع العلماء المستقلين، وعن واجب صون منابر المساجد من الخطاب الإداري المتشنج، حتى لا يتحول المسجد من فضاء للهداية إلى منصة ضبط وتوجيه سياسي وفكري أحادي الاتجاه.
فإذا كان الوزير يرى أن النقد جريمة، فإن التاريخ يعلمنا أن الأمم لا تنهض إلا حين يُسمَع صوت النصيحة ويُحترَم العقل الحر المتزن والمنضبط، وتُصان كرامة العلماء لا أن يُرموا بأقسى النعوت وأقذعها.
والمغاربة، بما فيهم العلماء والخطباء، كانوا ولا يزالون أوفياء لإمارة المؤمنين، لكنهم أيضا أهل فقه ورأي ونصيحة، لا يُختزلون في صمت مفروض ولا يُدار بهم الحقل الديني بمنطق العصا والإهانة.



