تصريحات وزير العدل حول الأسرة تشعل الجدل.. وزير سابق: وهبي تجاوز كل المرجعيات

تصريحات وزير العدل حول الأسرة تشعل الجدل.. وزير سابق: وهبي تجاوز كل المرجعيات
هوية بريس – متابعات
أعاد تصريح وزير العدل عبد اللطيف وهبي داخل البرلمان، بشأن ارتفاع نسب الطلاق في المغرب، الجدل حول موقع الأسرة في السياسات الحكومية ومكانة القيم المجتمعية في الخطاب الرسمي.
فخلال جلسة عمومية بمجلس النواب، قال وهبي إن الحديث عن ارتفاع نسب الطلاق “يُفهم خطأ في الحقيقة لأننا نقارن بين أرقام ما قبل 2004 وما بعدها”، موضحاً أن “المرأة المغربية كانت قبل إصلاح مدونة الأسرة تمكث عشرين سنة في المحاكم لتنال الطلاق، كما في فيلم فاتن حمامة “أريد حلاً”. وأضاف: “بعد تقنين الطلاق للشقاق من الطبيعي أن ترتفع الأرقام، لأن النساء وجدن حرية أكبر في إنهاء الزواج عند تعذر العيش المشترك”.
وتابع الوزير قائلا: “لا أعرف سبب الاهتمام المفرط بالطلاق، كأنه جريمة. كما أن الزواج عقد رضائي بين رجل وامرأة، فالطلاق أيضاً عقد رضائي للفراق، ما المشكلة؟”، مشدداً على أن “ما يجب أن يُطرح هو الأسباب الحقيقية وراء الطلاق، هل هي اقتصادية أم اجتماعية أم نفسية”.
تصريحات وهبي التي قوبلت بالضحك والتصفيق داخل البرلمان، أثارت استغراب المتتبعين، وردّ عليها الوزير السابق عزيز رباح بلهجة شديدة، معتبراً أنها “استهانة بمؤسسة الزواج وتجاوز خطير للمرجعيات الوطنية والدستورية”.
وقال رباح في تدوينة مطولة: “ما صدر عن وزير العدل مخالف للدستور وللمهام الحكومية المنصوص عليها. الأسرة ليست شأناً شخصياً، بل هي الخلية الأساسية للمجتمع كما نص الفصل 32 من الدستور، والدولة ملزمة بضمان حمايتها واستقرارها”.
وأضاف أن “الوزير تجاهل وجود وزارة متخصصة في الأسرة والتضامن، تعمل على وضع وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لدعم استقرار الأسرة وتماسكها، من بينها استراتيجية (جسر) 2022-2026 التي تركز على الرابط الاجتماعي وحماية الطفولة والنساء”.
وذكّر رباح بأن وزارة العدل نفسها، التي يقودها وهبي، تتحمل مسؤولية كبيرة في “تعزيز الوساطة الأسرية وتسوية النزاعات ودعم الصلح قبل الطلاق”. وقال: “كيف يمكن لوزير العدل، المسؤول عن محاكم الأسرة، أن يستخف بقيمة الزواج والطلاق ويستشهد بفيلم مصري لتبرير رؤيته؟”.
وتابع موضحاً: “إننا أمام وزير يقدم قناعاته الشخصية على المنظومة الرسمية المؤطرة للعمل الحكومي. الأخطر أننا أمام تيار داخل المؤسسات لا يولي اعتباراً للقيم الأسرية المغربية، ويستسهل الانفصال، ويعتبر الزواج مجرد عقد مالي، والحرية بلا ضوابط”.
واختتم رباح تدوينته بالقول: “إنها ليست زلة لسان ولا تعبيراً فكاهياً، بل موقف من تيار يسعى لتفكيك قيم المجتمع. لكن للبيت رب يحميه”.
ويرى محللون أن الجدل القائم يعكس تصادما بين رؤيتين داخل الساحة السياسية: رؤية ترى في الأسرة صمام أمان واستقرار اجتماعي يجب تحصينه، وأخرى تعتبر العلاقات الأسرية مسألة فردية تحكمها حرية التعاقد والاختيار. وبين هذين التصورين، يبدو أن النقاش حول من يحمي الأسرة المغربية؟ سيبقى مفتوحا داخل البرلمان وخارجه.



