“إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ”.. استوقفتني آية

هوية بريس – نجية أم سلميان
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
استوقفتني آية….
تلك اللحظة لم تكن ضوءًا من السماء فحسب، بل كانت يقظةً في الروح، وانفصالًا خاطفًا عن ثِقَل الغريزة، وانكشافًا لوجه الحقيقة في داخله.
لم يفرّ يوسف عليه السلام هربًا من الناس، ولا خشية كلامٍ يُنقِص من رجولته، بل فرّ لأنه رأى الله قريبًا منه في نعمته، حاضرًا في قلبه. أدرك أن لذةً خاطفة لا تستحق أن يخسر لأجلها حلاوة القُرب من ربه. فاختار الفرار إلى الله لا منها فقط.
وهنا يكتمل معنى الرجولة الناضجة:
أن تُعرَض عليك الخطيئة كاملة، مُهيّأة، ثم تُعرض عنها بقلبٍ امتلأ بخشية الله؛
أن تكون قادرًا ومطلوبًا، ثم تختار العفّة؛
أن تغريك الدنيا، فتنهض نحو الآخرة.
البصيرة الحقيقية تظهر حين يعلو صخب الشهوة، فتلمح وسط العتمة نورًا لا يُرى بالعين، وتستشعر لذةً أسمى من كل لذّات الأرض… لذّة الطاعة، وطمأنينة الصدق مع الله.
“إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ“…
خاتمةٌ تقول: إن الإخلاص لا يُوهَب لمن لم يُبتلَ، وإن العبد لا يُصقَل إلا حين يمرّ عبر أشدّ امتحانات نفسه، ثم يخرج منها نظيفًا، ثابتًا، هاربًا إلى الله بقلبٍ أحكم من الغريزة، وأقوى من الرغبة.



