“قرآن بورغواطة”.. وزير سابق يذكّر بالسنن الثابتة

“قرآن بورغواطة”.. وزير سابق يذكر بالسنن الثابتة
هوية بريس – متابعات
تجدد الجدل خلال الأيام الأخيرة حول ما يسمى بـ”قرآن بورغواطة”، بعد تداول مقاطع وأطروحات تحاول تقديم نصوص دخيلة على القرآن الكريم، في محاولة لإعادة إحياء خطاب قديم عرفته منطقة تامسنا خلال القرون الأولى للهجرة.
وفي خضم هذا التفاعل، خرج الوزير السابق المكلف بالتعليم العالي خالد الصمدي بتدوينة حذر فيها من “فئة تتجدد عبر التاريخ، وتعيد إنتاج الخطاب نفسه كلما وجدت فراغا أو لحظة ارتباك معرفي”، مؤكدا أن هذه الظاهرة سنة كونية تظهر كل حين للطعن في الوحي الخاتم.
وكتب الصمدي في تدوينته:
“فئة من الناس يتجدد وجودها بأقوالها وأفعالها عبر التاريخ من بعثة الرسول الخاتم والكتاب الخاتم إلى قيام الساعة… سنة كونية دائمة تدل على عظمة القرآن الكريم وتجدده… وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون…”.
واستشهد الصمدي بآيات سورة البقرة التي تصف أصنافًا من الناس يتسترون بالدعوة إلى الإصلاح بينما يمارسون الإفساد والتشويش على الوحي “وإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ، أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ، وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُون، ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ، أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ”
قبل أن يختم بقوله: “سبحان ربك رب العزة عما يصفون”.
تفاعل الصمدي أعاد إلى الواجهة سلسلة المقالات التي سبق أن نشرها كل من د.أحمد ويحمان ود.إدريس الكنبوري والفقيه الحسين آيت سعيد وغيرهم، والتي نبّهت منذ سنوات إلى خطورة تسويق هذا النوع من النصوص.
وقد أجمعت تلك التحليلات على أن ما يسمى بـ”قرآن بورغواطة” محاولة للمس بالقرآن الكريم، والنص المقدس لدى كافة المسلمين، وهو مشروع أيديولوجي بواجهة تاريخية يهدف إلى ضرب المرجعية الإسلامية للمجتمع والدولة، وصناعة سردية بديلة تخدم أجندات هوياتية متطرفة، ومحاولة لإعادة تدوير خطاب قديم انقرض حضاريا يتم توظيفه في صراعات فكرية معاصرة.
ويؤكد هؤلاء الباحثون أن الخطاب المروج لـ”قرآن بورغواطة” يعتمد على انتقائية تاريخية، ويستغل جهل بعض الشباب بالتاريخ الإسلامي في شمال إفريقيا لزرع الشك في الثوابت الدينية.
ويرى مراقبون أن تجدد الحديث عن هذا النص المتخيل يأتي في ظل مواجهة المغرب لمحاولات متعددة تستهدف مرجعية إمارة المؤمنين باعتبارها الضامن لوحدة المغاربة في دينهم ومذهبهم السني المالكي.
ويرى الأكاديميون أن هذا النوع من الحملات ليس بريئًا، بل يندرج في سياق أوسع يسعى إلى تفكيك المرجعية الدينية الوطنية، وإعادة كتابة تاريخ الإسلام بالمغرب بعين أيديولوجية، وضرب الثقة في القرآن الكريم عبر تقديم نصوص موازية أو بديلة.



