خلاف داخل البرلمان حول ترشح رؤساء الجماعات.. ووزارة الداخلية تكشف قرارها

خلاف داخل البرلمان حول ترشح رؤساء الجماعات.. ووزارة الداخلية تكشف قرارها
هوية بريس – متابعات
كشفت النقاشات داخل لجنة الداخلية بمجلس النواب، خلال مناقشة مشاريع القوانين الانتخابية، عن انقسام واضح بين الفرق البرلمانية بخصوص توسيع أو تضييق حالات التنافي بين المسؤوليات الانتخابية. وبينما يدعو جزء من البرلمانيين إلى تشديد القيود لرفع جودة العمل المؤسساتي وضمان حضور المنتخبين، يحذّر آخرون من أن التضييق سيقصي فئات وازنة، وفي مقدمتها رؤساء الجماعات الذين يشكلون—بحكم اتصالهم المباشر بالمواطنين—رافعة مهمة للمشاركة السياسية.
وشهد اجتماع اللجنة يوم الخميس 20 نونبر 2025 عرضا لموقف وزارة الداخلية من المقترحات المطروحة، وعلى رأسها مسألة التنافي، وترشح رؤساء الجماعات، ودعم الشباب، وتمثيلية النساء.
واعتبر عدد من البرلمانيين أن ضبط تغيير الانتماء الحزبي أضحى ضروريا، مطالبين بإقرار آجال قانونية واضحة للحد من هذه الممارسة. وفي سياق آخر، دعا مصطفى حيكر، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إلى توسيع حالات التنافي حمايةً لفعالية أداء المؤسسات، مستندا إلى تجربته السابقة التي أظهرت—حسب قوله—أن تعدد المسؤوليات يضعف العمل.
في المقابل، دافع هشام المهاجري، عن فريق الأصالة والمعاصرة، عن حق كل من تتوفر فيه الشروط في الترشح دون إقصاء مسبق، معتبراً أن التقييم يجب أن يتم بعد دخول البرلمان لا قبله. واعتبر رئيس الفريق أحمد تويزي أن رفع نسبة المشاركة يتطلب فتح الباب أمام الجميع، مؤكداً أهمية “سياسة القرب” التي يحققها رؤساء الجماعات داخل المؤسسة التشريعية.
عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية، رأى أن حرمان البرلمان من حضور رؤساء الجماعات سيجعله “برلمانا منقوص الوظيفة”، لأن الجماعات هي “الرئة” التي يتنفس منها العمل التشريعي.
من جهة أخرى، قدّم رئيس فريق التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، قراءة مغايرة، متسائلا كيف يمكن لتوسيع التنافي أن يعزز المشاركة؟ واستشهد بعدد سيارات الجماعات المركونة قرب البرلمان لأيام، بما يعني—في نظره—غياب رؤسائها عن تدبير شؤون المواطنين. واعتبر أن السماح لرؤساء الجماعات بالترشح يمنحهم أفضلية كبيرة تمنع منافسة حقيقية وتشجع على العزوف، داعياً إلى تضييق التنافي لإعطاء فرصة أكبر للشباب.
أما فريق التجمع الوطني للأحرار، فاستنكر اعتبار رؤساء الجماعات فئة يجب إقصاؤها، مؤكداً أن خبرتهم الميدانية تضيف قيمة حقيقية في التشريع والرقابة.
وفي رده على مختلف المداخلات، شدّد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على الأهمية الكبيرة التي أظهرها حضور رؤساء الجماعات في التجربة البرلمانية الماضية، حيث مثّلوا—حسب قوله—80% من المشاركين في مناقشة قوانين وزارته، وأسهموا في إثراء ملفات حساسة مثل أراضي الجموع.
واعتبر لفتيت أن منع عمداء المدن الكبرى من دخول البرلمان “يمس بجودة العمل التشريعي”، مضيفاً أن القيود المفروضة سنة 2021 على ترشح رؤساء الجماعات التي يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة لم تتبين لها أي جدوى.
وتساءل قائلاً: “هل من الأخلاقي منع رؤساء مدن كبرى من دخول البرلمان؟”، مشيراً إلى أن مدناً مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة تحتاج إلى تمثيل عمدتها بحكم معرفتهم الدقيقة بإشكالات المواطنين. وأضاف أن الأحزاب هي المخولة لاختيار مرشحيها، ومن الطبيعي أن تختار صاحب الحظوظ الأكبر.
وردّ لفتيت على الانتقادات الموجهة للدعم المالي المخصص للشباب دون 35 سنة، والتي اعتبرها البعض “ريعا انتخابيا”، مؤكداً أن الشباب “لا يحتاج رشوة”، وأن هذا الدعم يخضع لمعايير صارمة ومراقبة دقيقة، ولا يدخل ضمن ميزانية الأحزاب. كما رفض رفع السن إلى 40 عاماً، قائلاً إن التجارب السابقة أظهرت أن بعض رؤساء الشبيبات كانوا يتجاوزون الستين، مضيفاً: “الشاب لا يمكن أن يتجاوز 35، ومن تجاوزها عليه المغادرة”.
وبخصوص تمثيلية النساء، دعا الوزير الأحزاب إلى عدم الاكتفاء باللائحة الجهوية، واقتراح دوائر محلية تُرشّح فيها النساء ضمن “ميثاق شرف” بين جميع القوى السياسية. واعتبر أن تطور التجربة—من اللائحة المختلطة للنساء والشباب، إلى اللائحة الجهوية—قد يفتح الباب أمام صيغ أكثر تقدماً في المستقبل.
وختم بالقول إن الوزارة تفضّل تعزيز الالتزام الحزبي بترشيحات نسائية قوية في الدوائر المحلية، بدل المطالبة بالرفع من عدد المقاعد البرلمانية، مؤكداً: “لا نريد زيادة عدد النواب”.



