قمة العشرين.. بيان ختامي وسط أزمات وحروب وصراعات عالمية

هوية بريس – وكالات
اختُتمت، الأحد، في جنوب إفريقيا أشغال اليوم الأخير من قمة مجموعة العشرين، وسط مناخ دولي متوتر يتسم بتصاعد النزاعات الجيوسياسية، وتفاقم الاضطرابات الاقتصادية، ومقاطعة الولايات المتحدة لأشغال القمة.
وعلى الرغم من الانقسامات، شدّد القادة الحاضرون على أهمية التعددية باعتبارها الإطار الوحيد الممكن للحفاظ على الاستقرار الدولي في عالم “دخل مرحلة انقطاع” حسب توصيف مسؤولين بارزين.
مرحلة “انقطاع عالمي”.. تحذير من صعود التكتلات الجيوسياسية
أكد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني قبل انطلاق جلسات اليوم الأخير، أن العالم لا يعيش “مرحلة انتقالية” بل “مرحلة انقطاع”، موضحاً أن دولاً عدة “تتقوقع داخل تكتلات جيوسياسية” وتعود إلى الحمائية التجارية.
وقال كارني:
“الحنين إلى الماضي ليس استراتيجية… كل انقطاع يحمل مسؤولية البناء”.
القمة التي احتضنتها إفريقيا لأول مرة عرفت حضور قادة من أوروبا والصين والهند واليابان وتركيا والبرازيل وأستراليا، بينما غابت عنها الولايات المتحدة بعدما اعتبرت أن أولويات جنوب إفريقيا “تتعارض مع سياسات واشنطن”، خصوصًا في ملفي التجارة والمناخ.
غياب أميركي يُعمق الشرخ داخل المجموعة
تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحدّ من انخراطها في المنتديات متعددة الأطراف، مركّزة على سياسات انعزالية وفرض رسوم جمركية كبيرة على دول عدة، إلى جانب تراجعها عن التزامات سابقة في ملفات المناخ.
وزادت حِدّة التوتر بعد التصريحات التي أطلقها مسؤولون أميركيون حول ما وصفوه بـ“الإبادة الجماعية للبيض” في جنوب إفريقيا، وهو ادعاء نفتـه الأخيرة بشدة.
وعلى الرغم من اعتراض واشنطن على إصدار أي بيان باسم المجموعة، نجحت الدول الحاضرة في اعتماد إعلان جماعي يدافع عن التعددية ويشدد على ضرورة حماية النظام الدولي المشترك.
بيان ختامي وسط أزمات وحروب وصراعات عالمية
جاء في البيان المشترك أن القمة انعقدت في سياق “تزايد المنافسة الجيوسياسية والجيو-اقتصادية، وعدم الاستقرار، وتصاعد النزاعات والحروب، وتعميق اللامساواة، وارتفاع منسوب عدم اليقين الاقتصادي العالمي والانقسام”.
وأقر الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا بوجود تحديات كبيرة، لكنه اعتبر أن هذه القمة أبرزت “قيمة التعددية وأهميتها”.
من جانبها، أشادت منظمة أوكسفام بتنظيم جنوب إفريقيا، معتبرة أن القمة “وفّرت نموذجاً ناجحاً لإقناع القادة بضرورة حماية التعددية، رغم المعارضة القوية”.
ماكرون: قد نكون أمام نهاية حقبة
حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن مجموعة العشرين قد تكون “وصلت إلى نهاية حقبتها” إذا لم تركز مجدداً على الملفات الاقتصادية الاستراتيجية، في ظلّ تباين حاد حول مقاربة النزاعات المسلحة في العالم.
وترى واشنطن، التي ستستضيف القمة المقبلة في نادٍ للغولف يملكه ترامب، أن دور المجموعة ينبغي أن يقتصر على المواضيع الاقتصادية الكبرى دون الدخول في الملفات السياسية المعقدة.
التعددية في “ميزان الإنقاذ” وسط غياب ترامب
تضم مجموعة العشرين 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، وتمثل 85% من الناتج الإجمالي العالمي وثلثي سكان الأرض.
وقد تحوّلت من فضاء اقتصادي لمعالجة الأزمات المالية إلى منصة أوسع تشمل المناخ والتنمية والصحة العالمية.
ويرى محللون أن توجيه الدعوة خلال هذه القمة لعدد من الدول الإفريقية والاقتصادات الصاعدة أعاد التوازن، خاصة في غياب ترامب، وسمح بإحياء فكرة الجنوب العالمي داخل النقاش.
وقال البروفسور ويليام غوميدي إن توسيع دائرة الحضور “خلق عالماً جديداً داخل مجموعة العشرين”، وأسهم في “تعويض غياب الولايات المتحدة”.
طوق نجاة للتعددية في عالم على حافة الانقسام
رغم المقاطعة الأميركية والتباينات العميقة بين الدول، نجحت قمة جنوب إفريقيا في إعادة الاعتبار للتعددية كخيار استراتيجي في زمن الأزمات.
وبين تحذيرات كارني من “مرحلة الانقطاع” ومخاوف ماكرون من “نهاية حقبة”، تبدو مجموعة العشرين أمام مفترق طرق قد يحدد مستقبل النظام العالمي لسنوات طويلة.



