“بيان مجلس الثورة” يُشعل البرلمان.. وهبي في مواجهة مفتوحة مع نواب البيجيدي

02 ديسمبر 2025 09:59

“بيان مجلس الثورة” يُشعل البرلمان.. وهبي في مواجهة مفتوحة مع نواب البيجيدي

هوية بريس – متابعات

تحولت الجلسة العمومية المخصصة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب فاتح دجنبر إلى مشهد مليء بالتوتر والصراخ داخل مؤسسة تمثل التشريع والرقابة في المغرب. فقد فجرت مناقشة مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم مهنة العدول مواجهة حادة بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي ونواب من المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، خاصة بعد تصريحات وصفت بالاستفزازية تمس الهيبة البرلمانية والاحترام الواجب لأعضائه.

بدأ التوتر حين طالب النائب عبد الصمد حيكر بأخذ الكلمة للتعقيب، غير أن رئيس الجلسة إدريس الشطيبي رفض ذلك بدعوى أن القانون الداخلي لا يسمح بالتعقيب للمرة الثالثة. هذا الرفض أدى إلى احتجاجات صاخبة من نواب العدالة والتنمية، ودفع رئاسة الجلسة إلى التهديد بإخراج حيكر من القاعة، ما زاد من احتدام الموقف وتصاعد حدة النقاش.

في خضم هذا الاشتباك اللفظي، تدخلت نائبة برلمانية من العدالة والتنمية لتجد نفسها هدفا لعبارة حادة من وزير العدل قال فيها مخاطبا إياها إن عليها أن تذهب للدراسة أولا، قبل أن يضيف جملة اشعلت الجلسة كاملة حين قال إن ما تفعله يشبه تلاوة “بيان مجلس الثورة”. هذه الجملة أثارت غضبا واسعا داخل القاعة ورفعت أصوات الاحتجاج، في مشهد بدا فيه البرلمان على حافة فقدان السيطرة على مجرياته.

وتعززت موجة الاستنكار بسبب ما يعتبره نواب من المعارضة نهجا متكررا من وزير العدل يقوم على افتعال الجدل كلما وجد نفسه محاصرا بالأسئلة القانونية الدقيقة. فقد صرح القيادي عبد العلي حامي الدين إن وهبي يلجأ إلى خلق الضجيج عندما يعجز عن تقديم أجوبة مقنعة، ويتنصل من التزاماته مع هيئة العدول بعد رضوخه لضغوط لوبي الموثقين العصريين الذين يعتبرون آلية الإيداع حقا حصريا لهم. وأضاف حامي الدين إن منصب وزير العدل لا ينبغي أن يدار بأسلوب الفهلوة والصراخ بل بروح مسؤولية تليق بموقع حساس في بنية الدولة.

كما اعتبر نواب آخرون مثل عبد اللطيف سودو أن الأغلبية لا تتقبل العمل الرقابي للعدالة والتنمية، واصفا المشهد بأنه مؤشر على خطر سلطوي يمس التوازن الديمقراطي، خاصة حين يتم تهديد نائب منتخب بالطرد فقط لأنه يطالب بحقه في الكلام وفق النظام الداخلي.

وبموازاة هذا الاشتباك السياسي، يتصاعد أيضا جدل يتعلق بشبهة تضارب المصالح داخل الحكومة نفسها. فمشروع القانون الذي أثار هذه المواجهة جاء ليشدد الرقابة على مهنة العدول ويوسع القيود المفروضة عليهم، في ظل وجود الرئيس السابق لهيئة الموثقين، داخل التشكيلة الحكومية بصفته كاتبَ دولة. الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول الحياد التشريعي في موضوع يشكل ساحة تنافس مباشر بين الموثقين والعدول.

وتَعتبر المعارضة أن هذا التشدد التشريعي يعكس انحيازا واضحا لطرف مهني على حساب آخر، وتخوفا من منح العدول صلاحيات أوسع في ممارسة مهنة التوثيق، وخاصة حق الإيداع. ومن ثم فإن وجود شخصية قيادية سابقة تمثل مصالح الموثقين داخل الحكومة يجعل القرارات المرتبطة بالقطاع محل شك كبير حول نزاهتها وشفافيتها.

ورغم محاولات تهدئة الأجواء من طرف بعض النواب، إلا أن ما وقع أعاد إلى الواجهة سؤالا أعمق يتعلق بطبيعة الخطاب السياسي داخل البرلمان، وما إذا كان وزير العدل قد بات فعلا مصدرا دائما لإشعال الأزمات وخلق التوتر في كل ملف يرتبط بتدبير قطاع العدالة. كما تبقى تداعيات الجلسة مفتوحة على مزيد من الاحتقان، خاصة مع تمسك العدالة والتنمية بأداء أدواره الرقابية، وسعي الحكومة للمضي في مشروع قانون ترفضه فئة مهنية واسعة وترى فيه تهديدا لمستقبلها المهني.

هذه الواقعة تؤكد أن البرلمان المغربي يعيش لحظة سياسية مشحونة، وأن النقاش حول تنظيم مهنة العدول لم يعد مهنيا بقدر ما أصبح صورة مكثفة للصراع حول النفوذ داخل مؤسسات الدولة وحدود سلطة الحكومة في مواجهة المعارضة، في وقت تصر فيه الأخيرة على أن صوتها سيظل مسموعا مهما ارتفعت حدة الاحتقان.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
14°
15°
الجمعة
15°
السبت
15°
أحد
15°
الإثنين

كاريكاتير

حديث الصورة