موت الفتية الأحرار مرابطين تحت الأرض في أنفاقهم من أجل أمتهم

هوية بريس – د.ميمون نكاز

عندما يموت الفتية الأحرار مرابطين تحت الأرض في أنفاقهم من أجل أمتهم في زهرة حياتهم، حيث يزهو بالحياة ويلعب أقرانهم، فإنهم يتوجون بتيجان العز ويبوؤون مقام الكرامة، مقام الشهادة، وأي مقام أي مقام ذلك المقام، ويبقى العبيد -عبيد الدنيا- في التفاهة يعمهون…

انظروا إلى أمثالهم في أعمارهم من ذرية “قادة الزور” في فلسطين ممن “عبست” السماوات والأرض في وجوههم وفي غيرها، كيف يعيشون وأين ينعمون، لتدركوا الفرق بين “مغارس الحرية” وبين “محاضن الرق” و”مصانع العبودية” إلا من رحم الله ممن أنجى منهم… تفكروا في الفرقان البين بين هذه الناشئة وتلك الناشئة، لتعلموا فَصلَ الواقعِ بين “قيادات التحرير” من قبضة الاستكبار الطغياني وبين”قيادات التعبيد” الخانعة الخاضعة المستسلمة لهذا الاستكبار…

شتان بين “ناشئة الآخرة” و”ناشئة العاجلة”، شتان بين الناشئة المرابطين في الثغور العاكفين في الأنفاق يبتغون العزة لأمتهم من الله، وبين ناشئة الليالي الحمراء السود العاكفين على أصنام لهم من الشهوات والأهواء والمطامع والرغبات، يبتغون عندها العزة ومن ناحِتِيها يرجون الحظوة والنعمة، شاردين غافلين معرضين عن الله سبحانه…

شتان بين “ناشئة رياض القرآن”، إذ هي أشد وطأ على كل ظالم مجرم عاد، وبين “ناشئة الأزباد الرابية”، إذ هي الجُفاءُ الذي تحتمل الأمة أثقالَ شقوته وأوزار عنائه…

إن في غزة وفي فتيان أنفاقها ذكرا لهذه الأمة، ويوم القيامة سوف تسأل، جميعنا سوف يسأل، {فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِیۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَ ٰ⁠ط مُّسۡتَقِیم، وَإِنَّهُۥ لَذِكۡر لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ “وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ”} [الزخرف 43-44]… فاللهم لا تؤاخذنا بجرائر أنفسنا ولا بما يفعله السفهاء منا…

﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمۡ لِیَوۡم تَشۡخَصُ فِیهِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ، مُهۡطِعِینَ مُقۡنِعِی رُءُوسِهِمۡ لَا یَرۡتَدُّ إِلَیۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَاۤء، وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ یَوۡمَ یَأۡتِیهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ رَبَّنَاۤ أَخِّرۡنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَل قَرِیب نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوۤا۟ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَال، وَسَكَنتُمۡ فِی مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَیَّنَ لَكُمۡ كَیۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ، وَقَدۡ مَكَرُوا۟ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ﴾ [إبراهيم 42-46]…

{ولا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰ⁠تَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ،فَرِحِینَ بِمَاۤ ءَاتاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَیَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَمۡ یَلۡحَقُوا۟ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ، یَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ، ٱلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَاۤ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡا۟ أَجۡرٌ عَظِیمٌ، ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ، فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤء وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰ⁠نَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ، إِنَّمَا ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران 169-175]…

تلك موعظة الفتية، وهذا واعظ الوحي الشريف فهل من متعظ…