د.عوام: أفحكم الجاهلية يبغون؟!!!

هوية بريس – د.محمد عوام
أنزل الله تعالى شريعته لتكون هي الحاكمة، وهي العليا، فسادت بذلك قرونا، حتى جاء الاحتلال الغربي بجيوشه وعساكره وكذلك بقوانينه ففرضها على الدول التي احتلها ق، والتي تخالف الشريعة، ومع الأسف استمر الوضع على ما تركه الغرب المحتل، وساعده على ذلك وجود طبقة حاكمة موالية له، صنعت على عينه، فاقتفت أثره، ونسجت على منواله، فزادت الأمر سوء، حيث استمرت في إقصاء الشريعة وإبعادها عن كل المجالات، ففرضت بذلك قوانين بعيدة عن الشريعة وروحها ومقاصدها، بالرغم من دفاع العلماء ومناداتهم بتطبيق الشريعة، والعودة لأحكامها.
واليوم تطلع علينا الخطبة “المسددة” بإضفاء الشرعية على القوانين الوضعية، التي يعلم كاتب الخطبة “المسدد البارع” قبل غيره، أن القوانين الوضعية مناقضة للشريعة الإسلامية، وأن الذين وضعوها لم يكن لهم حظ من علوم الشريعة، ولا هم من علمائها وفحولها، وإنما هم على منهج سدنة معبد فرنسا، لكن كاتب الخطبة يريد أن يدلس على الناس دينهم، ويزور عليهم حقيقة أمر القوانين الوضعية، التي لا شرعية لها.
من هنا نقول: إن إقصاء الشريعة عن الحكم، وتعطيل أحكامها في كل المجالات، الاقتصادية والسياسة والاجتماعية…. هو بمثابة حرب معلنة على شريعة رب العالمين، ولا يخفى أن ذلك من الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء قال عز وجل: “أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يومنون“، وقال سبحانه: “فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما“.
والآيات في هذا الباب كثيرة كلها تنص وتؤكد على أن من لم يحكم بما أنزل الله تعتريه الأحكام التالية، بحسب إقراره بالشريعة أو إنكاره لها، إما الكفر، أو الفسوق، أو الظلم، وقد تجتمع كلها في بعض الحكام أو الناس.
لذا فالأمر خطير جدا، وليس بالهين، وعليه فإن تدليس الحقائق الدينية والإيمانية، بالتمويه والتضليل والتزوير لن يحجب حقيقة هذا الدين، من ذلك أن الحاكمية لله تعالى، وليس للحكام، وإنما هم مأمورون بتنفيذ الشريعة حتى تستقيم وتجب طاعتهم قال عز وجل: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم“، فكرر الفعل في طاعة الله ورسوله لأن طاعتهما استقلالا، ولم يكرره في الحكام لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله، بمعنى أنهم لا يطاعون إلا عندما يطيعون الله ورسوله.
فشرف هذه الأمة وعزتها في تطبيق الشريعة والخضوع لأحكام الله تعالى، ولا تحسبن أن تطبيق الشريعة هو إقامة العقوبات الحدية، وإنما تطبيقها يشمل كل المجالات بما فيها اختيار الحاكم ونواب الأمة وتوزيع الثروة وإقامة العدل مع الناس جميعا، فليس في الشريعة حصانة لحاكم أو برلماني أو أصحاب نفوذ، فكلهم سواسية أمام أحكام الشريعة، وإنما التفريق باعتبار الحصانة والنفوذ فإنما هو من قوانين الجاهلية المعاصرة.
وختاما على وزارة الأوقاف أن توقف مهازيل الخطب غير المسددة، حتى لا تصبح أضحوكة الزمان.



