طلاق العرائش.. متعة بـ50 مليونا تفتح جدل الإجحاف في حق الرجل

طلاق العرائش.. متعة بـ50 مليونا تفتح جدل الإجحاف في حق الرجل

هوية بريس – متابعات

أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة العرائش، حكما قضائيا يقضي بإلزام أحد الأزواج بإيداع مبلغ إجمالي قدره516  ألفا و500 درهم بصندوق المحكمة لفائدة طليقته، وذلك تنفيذا لما ترتب عن دعوى التطليق للشقاق.

ويتوزع المبلغ المحكوم به على500  ألف درهم كمستحقات للمتعة، و4 آلاف درهم لتغطية مصاريف سكن العدّة، إضافة إلى 12 ألف درهم نفقة لابني الطرفين خلال هذه الفترة، باحتساب 2000 درهم عن كل طفل.

وأثار الحكم نقاشا واسعا حول حدود السلطة التقديرية للقضاء في قضايا الأسرة، ومدى احترامها لمبدأ التوازن بين حقوق الزوجين، خاصة عندما تتحول المتعة من آلية لجبر الضرر إلى عبء مالي قد يفضي إلى إضرار جسيم بحق الرجل.

فالمتعة، كما نصت عليها مدونة الأسرة، شُرعت لجبر الضرر المعنوي الناتج عن إنهاء العلاقة الزوجية، لا لتحويل الطلاق إلى عقوبة مالية قاسية قد تفرغ الحق في إنهاء الزواج من مضمونه، أو تجعل الرجل أسير علاقة زوجية متعذرة خوفا من تبعات مالية غير متناسبة مع دخله أو وضعه الاجتماعي.

ويرى مختصون أن تحديد متعة تناهز 50 ألف درهم عن كل سنة زواج، في علاقة لم تتجاوز عشر سنوات، يطرح إشكالا حقيقيا حول معايير التقدير المعتمدة، ومدى ارتباطها الفعلي بقدرة الزوج المالية، ومستوى العيش المشترك، ومدى تحقق الضرر الموجب للتعويض، بدل الاكتفاء بمدة الزواج كعنصر حاسم.

كما يُحذّر مهتمون من أن تضخيم مبالغ المتعة قد يؤدي عمليا إلى المساس بحق الرجل في إنهاء علاقة زوجية فاشلة بكرامة ودون إفلاس، وهو ما يتعارض مع فلسفة مدونة الأسرة القائمة على رفع الحرج وتحقيق العدل، لا خلق اختلال جديد باسم الإنصاف. وتمييز لصالح المرأة، حيث سبق وأكد ملك البلاد أن “مدونة الأسرة، ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها”.

وبناء عليه فحماية حقوق المرأة لا ينبغي أن تتم عبر إجحاف حقوق الرجل، لأن العدالة الأسرية لا تُبنى على منطق الغالب والمغلوب، بل على الموازنة الدقيقة بين الحقوق والواجبات، مع مراعاة الواقع الاقتصادي والاجتماعي للأطراف.

وفي هذا السياق، تتجدد الدعوة إلى ترشيد الاجتهاد القضائي في تقدير المتعة، وضبطه بمعايير أوضح وأكثر موضوعية، حتى لا تتحول بعض الأحكام إلى سوابق تُخيف من الزواج نفسه، أو تدفع نحو التحايل بدل اللجوء إلى القضاء، وهو ما لا يخدم استقرار الأسرة ولا الثقة في العدالة.