التذكير بعظيم العمل عند نزول المطر

22 ديسمبر 2025 19:47
اللهم صيبا نافعا المدن التي سجلت أكبر نسبة من التساقطات المطرية

التذكير بعظيم العمل عند نزول المطر

هوية بريس – إبراهيم بومفروق

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
ثم أما بعد،

يقول الله تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ } الشورى:26.

يقول الشيخ السعدي في تفسيره تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان:” {وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ} أي: المطر الغزير الذي به يغيث البلاد والعباد، {مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ} وانقطع عنهم مدة ظنوا أنه لا يأتيهم، وأيسوا وعملوا لذلك الجدب أعمالاً، فينزل الله الغيث {وَيَنشُرُ} به {رَحْمَتَهُ} من إخراج الأقوات للآدميين وبهائمهم، فيقع عندهم موقعاً عظيماً، ويستبشرون بذلك ويفرحون. {وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ} الذي يتولى عباده بأنواع التدبير، ويتولى القيام بمصالح دينهم ودنياهم. { ٱلْحَمِيدُ} في ولايته وتدبيره، الحميد على ما له من الكمال، وما أوصله إلى خلقه من أنواع الإفضال ” انتهى كلامه رحمه الله.

فإنزال الغيث على العباد من أعظم نعم الله على عباده، والذي يستوجب منا أعمالا جليلة لا ينبغي للمسلم أن تغيب عنه في هذه الأيام المباركة.

أولها: التفكر في آيات الله الكونية ومنه إنزال الغيث، فإن التفكر يورث في القلب تعظيم الرب وخشية القلب، قال تعالى: ” اِنَّ فِے خَلْقِ اِ۬لسَّمَٰوَٰتِ وَالَارْضِ وَاخْتِلَٰفِ اِ۬ليْلِ وَالنَّه۪ارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِے اِ۬لَالْبَٰبِ (190) اِ۬لذِينَ يَذْكُرُونَ اَ۬للَّهَ قِيَٰماٗ وَقُعُوداٗ وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِے خَلْقِ اِ۬لسَّمَٰوَٰتِ وَالَارْضِۖ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَٰطِلاٗ سُبْحَٰنَكَۖ فَقِنَا عَذَابَ اَ۬لنّ۪ارِۖ (191) رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ اِ۬لنَّارَ فَقَدَ اَخْزَيْتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنَ اَنص۪ارٖۖ (192) رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياٗ يُنَادِے لِلِايمَٰنِ أَنَ اٰمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَـَٔامَنَّاۖ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ اَ۬لَابْر۪ارِۖ (193) رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ اَ۬لْقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ اُ۬لْمِيعَادَۖ (194)”سورة آل عمران

ثانيها: شكر الله تعالى على فضله وكرمه وجوده و إحسانه، والشكر يكون نابعا من القلب و ظاهرا على اللسان و الجوارح و ذلك بتصريفها في طاعة الله تعالى، فالمؤمن يرى حاله في علاقته مع ربه وما عليه كثير من الناس من البعد عن طاعته سبحانه، وفي المقابل يرى ما مَنَّ الله علينا بفضله من نعمة الغيث التي أغاث الله بها البلاد والعباد، فأحيا الأرض بعد موتها بفضله، وأخرج الثمار بجوده وجعل من الماء كل شيء حي برحمته، فالمؤمن يستشعر من داخله فضل الله تعالى الكريم الرحيم، فينقدح من أعماقه الحياء من الله تعالى و يمتلئ قلبه بمحبته سبحانه، ويلهج لسانه بذكره سبحانه، ومن ذلك الدعاء عند نزول المطر: ” اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا ” رواه البخاري، والدعاء بعد نزول المطر: ” مُطرنا بفضل الله ورحمته “،وكذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد المطر قال: ” اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ ” رواه البخاري

ومن الشكر تصريف الجوارح في طاعته سبحانه، ومن قصّر فعليه بالتوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه سبحانه، أسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا.

ثالثها: الإكثار من الدعاء، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر. “رواه الحاكم في “المستدرك” والطبراني في “المعجم الكبير” وصححه الألباني في “صحيح الجامع”.

ومن المعاني التي وقعت في قلبي وهي أن العبد عندما يرى سعة رحمة الله بعباده عند إنزال المطر مع تقصيرهم وذنوبهم، يلهج لسانه بالدعاء افتقارا وتذللا وانكسارا له سبحانه مع ذنوبه طمعا في رحمته.

وهذه عبادة عظيمة قلَّ من يحرص عليها ويستكثر منها، وما أحوج الأمة إليها فإنها تزيد العبد إيمانا وقربا من الله تعالى، تنفرج بها الكرب وتنكشف بها الهموم و الأحزان و تتفتح بها على العبد أبواب الخير في الدنيا والآخرة.

رابعها: التصدق على الفقراء والمساكين بالملابس الشتوية والأغطية والأطعمة، فالعبد في هذا البرد القارس يستشعر حال الفقراء والمساكين وخصوصا في البوادي، فينبغي عليه أن يتفقدهم ( من عائلته وجيرانه و في حيه ومن عموم الفقراء والمساكين) فيشتري لهم ما يكون عونا لهم على مقاومة البرد القارس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ” أخرجه الطبراني

والله سبحانه يعامل عباده بما يتعاملون به مع بعضهم البعض، فإذا أحسن العبد إلى غيره أحسن الله إليه و أحبه و أكرمه في دنياه و آخرته.

فأسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتم علينا فضله ونعمه ويوفقنا لشكره على نعمه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى، كما أسأله أن يرحم إخواننا في مدينة آسفي و يتقبلهم عنده من الشهداء ويرزق أهلهم وذويهم الصبر والسلوان و الأجر و الثواب في الدنيا والآخرة، وأسأله سبحانه أن يكون عونا لإخواننا في غزة و ينصرهم نصرا عزيزا مؤزرا يعز به الدين ويرفع به راية الإسلام والمسلمين ويشفي مرضاهم ويداوي جرحاهم ويتقبل شهداءهم ويرفع درجاتهم في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

 

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
11°
16°
الثلاثاء
16°
الأربعاء
15°
الخميس
15°
الجمعة

كاريكاتير

حديث الصورة