أستاذ متخصص: مشروع قانون الصحافة تجاهل رأي مؤسستين دستوريتين

هوية بريس-متابعات
قال محمد كريم بوخصاص، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، إن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يشكل، في صيغته الحالية، تراجعا واضحا عن فلسفة التنظيم الذاتي للصحافة، ويؤشر على مسار تشريعي يفرغ هذه الآلية من جوهرها الديمقراطي.
وأوضح بوخصاص، في منشور له، أن تمرير المشروع داخل اللجنة المعنية بمجلس المستشارين، رغم الجدل الواسع الذي رافقه والاعتراضات القوية التي عبرت عنها مهنيّات ومهنيّو القطاع، يؤكد وجود إرادة سياسية لفرض نص تشريعي مثير للخلاف، لم يسبق أن حظي مشروع قانون يهم الصحافة بمستوى مماثل من الرفض المهني والحقوقي.
وسجل المتحدث أن جميع التعديلات التي تقدمت بها الفرق البرلمانية تم رفضها من طرف الحكومة، قبل أن يُمرَّر المشروع بفارق ضئيل في الأصوات، معتبرا أن هذا المعطى يعكس هشاشة التوافق حول نص يفترض أن يؤطر قطاعا حساسا يرتبط بحرية التعبير والديمقراطية.
وانتقد بوخصاص تخلي المشروع عن آلية الانتخاب داخل فئة الناشرين، وتعويضها بمنطق الانتداب أو التعيين المرتبط برأس المال، معتبرا أن ذلك يشكل خروجا صريحا عن التجارب المقارنة في مجال التنظيم الذاتي للصحافة، التي تقوم أساسا على الاستقلالية والتمثيلية الديمقراطية.
كما أشار إلى أن المشروع يمنح الغلبة العددية للناشرين على حساب الصحافيين داخل المجلس الوطني للصحافة، وهو ما يمس، بحسبه، بمبدأ التوازن الذي يُعد ركنا أساسيا في أي تجربة تنظيم ذاتي، تفاديا لهيمنة فئة واحدة أو خلق شروط التواطؤ المهني. مضيفا، أن النص التشريعي يفتح الباب أمام تدخل رئاسة الحكومة في تعيين بعض أعضاء المجلس، داخل مؤسسة يفترض فيها الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية، فضلا عن إتاحته إمكانية عضوية مالكي مؤسسات إعلامية غير ممارسين فعليين للمهنة، ولا يتحملون مسؤولية تحريرية مباشرة، الأمر الذي يهدد منطق “قضاء الزملاء” ويضعف مصداقية المجلس في التأديب والسهر على أخلاقيات المهنة.
وفي السياق ذاته، استغرب بوخصاص تجاهل المشروع لآراء مؤسستين دستوريتين هما المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، معتبرا أن عدم التفاعل مع هذه الآراء يطرح تساؤلات جدية حول منطق التشريع وجودة الحكامة في إعداد القوانين المؤطرة للحريات.
وختم أستاذ الإعلام تصريحه بالتأكيد على أن مجموع هذه المؤشرات يوحي بأن مشروع القانون “مفصّل على مقاسات معينة”، ويتراجع عن مكتسبات راكمها الجسم الصحافي خلال سنوات، محذرا من انعكاساته المحتملة على استقلالية الصحافة ومستقبل التنظيم الذاتي بالمغرب.



