“وزارة الأوقاف” ومسؤولية مرافقة التظاهرات الكبرى

هوية بريس – امحمد الهلالي
تشهد بلادنا تنظيم استحقاق كروي على الصعيد القاري بما تشكله من مناسبة هامة للتعريف برصيد بلادنا وعناصر تميزها وفرادتها وتعزيز إشعاعها في محيطها الإقليمي والدولي.
وقد بذلت عديد المؤسسات والهيئات الرسمية والمدنية جهودا مضنية من أجل تقدير أعز ما عندها وأفضل ما لديها لتساهم في إغناء الصورة الكلية للمغرب بتعدد مكوناته الموحدة والمنصهرة والمتسمة بغنى روافده.
غير أن ثمة غائب يفقده الجميع رغم ما يمكن أن يسهم به وما يمكن ان يضيفه إلى تألق المغرب وتأنقه ونبوغ أهله وغنى رصيده التاريخي والحضاري؛ وهذا المفقود هو وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية.
هذه الهيئة التي تحظى بتقدير واحترام خاص لدى جميع المغاربة لم تبصم على غيابها وسبات القائمين عليها وحسب، بل ظلت غارقة في معارمها الهامشية غافلة عن الفرص المتاحة لها منشغلة بمعاركها الصغيرة ضد اعداء مفترضين لها كل ذنبهم انهم انتقدوا اجراءاتها بيروقراطية تتعلق بتنفيذ سياستها لتنميط خطبة الجمعة وتسخير مضامينها للتبشير بفهم مؤدلج للسباسة العمومية لتاطير الشأن الديني ببلادنا عبر منظورات عفى عنها الزمن وتريد ان تؤسس لمنظور بجعل البيعة مجرد عقد اجتماعي وتساوي الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية وتبيح الربا باسم التمييز بين يسيره وفاحشه وبعلة وجود قوانين تنظمه باسم المصلحة.
إن الانشغال بتذبيج التصريحات التي تنعت المخالفين بنعوت الخوارج والمتطرفين ومفتي الارهاب ومروجي الفتنة وتعمل على تصعيد حملة توقيف وعزل العلماء والخطباء لتصرفهم في مضامين الخطبة المعممة او لابدائهم لاراء على المواقع الاجتماعية في اطار تتفاعل عادي مع مستجدات واقعهم الاجتماعي والثقافي بصفتهم مواطنين وليس بصفات ويافكات الوزارة او في استغلال للمنابر كل ذلك لم يؤدي الى انشغال الوزارة عن هذا الاستخقاب ولكنه اسهم بوعي او بدونه في التشويش على ما يشهده المغاربة من مناسبة هامة كما فوت فرصة دعوية واشعاعية لا وعوض وضيعها في زحمة هذه المعاركة الصغيرة وصبعه معها فرثة التعريف بما تزخر به البلاد على مستوى تدبير الشان الديني وثوابت المغاربة الدينية والوطنية وخصائص تدينهم ومعالم ثقافتهم وحضارتهم الراسخة.
كنا ننتظر من وزارة الاوقاف ان تستعد لهذه المناسبة ولغيرها من الاستخقاقات باعلان “نفرة للعلماء والدعاة” وان تفتح الباب كغيرها للمتطوعين من رجال التربية والاعلان وارباب الثقاة والدعوة واجود القراء والمع المؤثرين المهتمين بالدعوة والقيم ليساهموا في برنامج مصاحب يربط الرياضة بالقيم ويروج لقيم الرياضة النبيلة ويجعل الرياضة عامل وحدة وتلاحم وسمو روحي وارتقاء انساني وتفويج نفسي واجتماعي لتصريف فواىض الاحزان والاحباطات والغم والهم عوض ان تكون عامل تفرقة وتحريض على الشقاق وايقاظ للضغائن والتباغض؟بين الشعوب واذكاء للنعارت.
كنا ننتظر من وزارة الاوقاف وما تتوفر عليه من امكانات ان تنظم اروقة ومعارض وخيم مزينة بابهى عناصر التراث المغربي من التراث والمعمار والتحف الفنية وجعلها معرضا مفتوحا واقامة منصات في ي الهواء الطلق لاحتضان حفلات لجود المقرىين والمنشدين والابتهالات لفائدة ضيوف والمغرب ولعموم المواطنين على السواء للاستماع الى اجود المقرئين والمقرئات وانجح الوعاظ وامهر العلماء في التعريف بثوابت المغرب الجامعة وخصائص تدينه الوسطي المعتدل واكتشاف كنوزه العلمية والتراثية وعناصر توفقه ونبوغه العلمي والادبي والمعرفي الذي اسهم به الغرب الاسلامي في حضارة الاسلام وتاريخ المسلمين والحضارة الانسانية جمعاء.
كنا ننتظر ان توزع للوزارة تحف المصافح الانيقة التي طبعتها في؟ صيغ فاخرة المصالح التابعة للوزارة الى جانب بعض منشوراتها الهامة شكلا والقيمة مضمونا ضمن حقيبة جميلة معدة للمناسبة وتحمل شعاراتها مع بعض الحكم والعظات النبوية والمقولات والامثال الحاملة لقيم نبيلة وتقديمها لزوار المغرب في مداخل المطارات والموانئ وتركها للزوار كهداية وحسن استقبال بغرفهم في الفنادق والرياضات وفضاءات التسوق.
كنا ننتظر ان نرى جنبات الملاعب مزينة بمعاضها واروقة وخيم يستمع فيها جمهور الكرة الى قراءات قرآنية بالصيغة المغربية وابتهالات واناشيد كلها تحيل على المغرب وعمقه وحضارته وتوزع فيها كؤوس الشاي المعطرة ويدعى فيها الضيوف الى حفلات غذاء بالكسكس والطاجين والطنجية واكلات الكرعين والبصارة المغربية تتنافس في جلبها الاسر المغربية والمحسنون المغاربة تفعيلا لبعض عناصر تراث اوليائهن وفقهائهم من مثل مقولة “الوجود ينفعل بالجود” وتجسيدا لمعهود المغاربة في الكرم وما بقي لديهم من اخلاق إقراء الضيف وحمل الكل واغاثة الملهوف.
كنا ننتظر من الوزارة قافلة دعوية للتعريف بالاسلام ونبيه واعلام المغرب يقدمها امهر الوعاظ والدكاترة والعلماء من الرجال والنساء باللغات الحية الاكثر انتشارا وتهيىء اماكن لتلقين الشهادة للمسلمين الجدد.
كل ذلك وغيره انتظرناه وننتظره من وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وبتعاون مع وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية لكن كل ذلك اختفى وراء ضجيج التصريخات المتوترة والمواقف المتجهمة لوزير أصبح ضيق الافق ويوشك ان يقوض كل ما راكمه المغرب في سياسة تدبير الشأن الديني وما شكلته من نموذج قابل للاحتذاء والاقتداء؛ لكنه اصبح اليوم مهددا بالتبديد ونقض الغزل بسبب تصريحات ومواقف متشنجة لوزير عمر طويلا وآن له أن يرتاح.
والحمد لله رب العالمين.



